عصا موسى في الفانتازيا التركية

لمى خير الله

بعد أن أحبط الوجود الكردي في البرلمان التركي أحلام أردوغان العثمانية بإعادة بناء الامبراطورية «الإخوانية»، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استياءه من تقدم القوات الكردية شمال سورية، لتعود معارك الشمال السوري بفرض أوراقها على المعادلة الإقليمية القائمة.

أردوغان لم يغير بموقفه القديم تجاه الأكراد أي جديد، حيث أعلن أن بلاده لن تسمح بإقامة دولة كردية في شمال سورية وجنوب شرقي بلاده متهماً إياها بمحاولة «تغيير التركيبة الديمغرافية» في المناطق التي سيطرت عليها، نافياً أي تساهل تركي حيال المسلحين، ومعتبراً أن «اتهام تركيا بإقامة صلات مع أي منظمة إرهابية محض افتراء كبير» ها هو أردوغان يتذرع هذه المرة بالقول إن الأكراد باتوا يشكلون خطراً على الأمن القومي لبلاده.

التغييرات الميدانية المتسارعة في شمال سورية، كان لها وقع خاص عند الجارة التركية سيما أن الكفة العسكرية رُجحت لمصلحة القوات الكردية في معارك تل أبيض وعين عرب السورية ضد «داعش»، بعد أن شن تنظيم «داعش» الإرهابي هجوماً مباغتاً في 25 من الشهر الجاري على كوباني وراح ضحيتها ما يقارب المئة وستين شخصاً إلا أن القوات الكردية نجحت في طرد معظم مسلحيه من المدينة بعد يومين مع الاشارة إلى أن وحدات حماية الشعب الكردية التي تقاتل «داعش» في سورية، تتصل بروابط مع حزب العمال الكردستاني والذي تعتبره أنقرة «منظمة إرهابية».

الحكومة التركية التي استخدمت تنظيم «داعش» الارهابي كعصا موسى لتضييق الحصار على الأكراد فشلت طيلة السنوات الماضية بإقناع قيادات الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ب ضرورة التمرد على الحكومة السورية، فمنذ أحداث تل أبيض بات الشغل الشاغل لأردوغان عقد الاجتماعات السرية والعلنية مع القيادات العسكرية والاستخبارية من دون أن تفكر الفانتازيا الأردوغانية في ارتدادات أي تدخل عسكري ضد أكراد سورية على أكراد بلاده، الذين يشكلون خُمس أضعاف الاكراد السوريين.

وفي خضم عودة مناطق عين عرب وتل أبيض والحسكة المتاخمة لحدود تركيا إلى الواجهة العسكرية، تفيد تقارير إعلامية ومصادر مطلعة بوجود تحرك عسكري تركي كبير، عند معبر مرشد بينار الحدودي بين سوروتش وعين عرب السورية، ليبدو أنه تأهب تركي لسيناريوات غير معلنة… فهل تجازف تركيا بدخول الحرب على الأراضي السورية؟ وان بادرت بمسرحيتها الهزلية هل سيكون لـ «الاسرائيلي» دور فيها؟ وفقاً لبعض التسريبات «الاسرائيلية» الاستخباراتية الصادرة، وهل ستكون للأطلسي مظلة تحمي الهذيان التركي هذه المرة؟ أم سترسم سيناريواً جديداً بالتحالف مع السعودية الوهابية لدعم تدخلها في سورية؟ وما مصير الحكومة الائتلافية المرتقبة وما مدى صمودها امام الملف الكردي في ظل وجود توقعات عن انهيارها بعد 6 اشهر من تشكيلها بسبب تعقيدات الملف التركي برمته… سيناريوات عدة تنتظرها الأيام المقبلة.

لمى خير الله

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى