مانشيت

ديفيد هيل يخسر مرشحه نواف سلام… وجنبلاط ينتقد خذلان الحريري… الذي حمل على «القوات» حسان دياب رئيساً مكلفاً بـ 69 صوتاً: الاختصاصيون أولوية… بانتظار المشاورات النيابية تيار المستقبل في الشارع يقطع الطرقات… والغالبية لاحتواء الضغوط ومرونة في الشروط

كتب المحرّر السياسيّ

تجاوز لبنان قطوع الوقوع في ثلاثة أخطار بضربة واحدة ذكية الاختيار والتوقيت: الخطر الأول كان الفراغ بالخضوع لطلبات التأجيل المستمر للاستشارات النيابية، وهو ما كان يتقرحه رئيس الحكومة المستقيلة مستنداً إلى دعم ثنائي حركة أمل وحزب الله لعودته إلى رئاسة الحكومة، فكان لقرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحسم موعد الاستشارات يوم أمس قبل وصول معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل، ورفضه منح فرصة أخرى بعد يوم الاستشارات، فشكّل القرار الحاسم عامل ضغط إيجابي على ثنائي أمل وحزب الله ومن خلالهما على الرئيس الحريري لحسم الخيارات خلال الأيام الفاصلة بين الإثنين والخميس، للخروج برئيس مكلف تشكيل الحكومة الجديد بديلاً عن تأجيل يستتبع تأجيلاً ويتمادى الفراغ ويتمدّد. أما الخطر الثاني فقد كان تسمية السفير السابق نواف سلام، الذي لم يعد خافياً أنه الاسم الذي أراد الأميركيون عبره تحقيق الحلقة الأهم في مشروعهم بتدويل الحدود البرية والبحرية والجوية للبنان، مقابل الوعود بالتمويل. وبعد التسمية التي انتهت بخسارة هيل لمرشحه، أوضحت خيبة النائب السابق وليد جنبلاط وحديثه عن خذلان الحليف المستقبلي لتسمية سلام، مقابل حديث الحريري عن أن المفاجأة القواتية دعته للعزوف عن الترشح، بحيث تحوّل ما بدا أنه انضباط لفريق 14 آذار، وتفكّك فريق الغالبية النيابية، إلى مشهد ظهرت خلاله قوى الغالبية النيابية عند الاستحقاقات المفصليّة موحّدة رغم هوامش خصوصياتها المتباينة، وبدت قوى 14 آذار متخبّطة ومفكّكة رغم ما كان يبدو تناغماً بين مكوّناتها. أما الخطر الثالث فكان وقوع الغالبية في تسمية أحد رموزها بصورة تفتح مواجهة سياسية واقتصادية داخلية وخارجية، يمكن أن تتحوّل إلى مواجهة طائفية سريعاً.

تفادت الغالبية الأخطار الثلاثة بذكاء التوقيت والخيار. التوقيت يعود لرئيس الجمهورية، والخيار لثنائي حركة أمل وحزب الله، خصوصاً لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبات للبنانيين رئيس حكومة مكلفٌ بـ 69 صوتاً من ضمنها ثلاثة أصوات للقوميين، أكد باسمهم رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، الحرص على حماية السلم الأهلي وعلى تجاوز الطائفية، وإعطاء الأولوية للخروج من الفراغ، بينما شدّد الرئيس المكلف على كونه مستقلاً ومن الاختصاصيين، ومتفاعلاً مع صوت الحراك الشعبي وطلباته، معتبراً أن الاختصاصيين أولويته في تشكيل الحكومة، لكنه ينتظر نتائج المشاورات التي سيجريها مع الكتل النيابية غداً.

في الشارع خرجت أصوات من الساحات التي افتقدت إلى الحشود، تتحدث بلغة التشكيك بتسمية دياب وأخرى تدعو لمنحه فرصة، لكن جمهور تيار المستقبل سيطر على صورة الشارع عبر قطع الطرقات طلباً لتسمية الرئيس سعد الحريري. وقالت مصادر متابعة، إن الأيام الأولى هي مهلة للشارع والقوى السياسية لاستيعاب الذي جرى، لكن من مطلع الأسبوع سيكون وضع جديد يتقاسم خلاله الرئيس المكلف ورئيس حكومة تصريف الأعمال المهام لشهرين مقبلين لا بدّ أن يستغرقهما كحد أدنى تشكيل الحكومة ونيلها الثقة، يجب أن تحضر خلالهما بقوة حكومة تصريف الأعمال خدمياً وأمنياً ومالياً وتحفظ الاستقرار. أما على مستوى تشكيل الحكومة، فقالت المصادر إن قوى الغالبية تتصرّف بمنطق تأكيد استقلالية حكومة دياب واتساعها لأوسع مشاركة، وستكون المرونة في الشروط التي تضمن نجاح الرئيس المكلف باحتواء الضغوط هي عنوان ما تطلبه كتل الغالبية وتعمل وفقه. ولم تستبعد المصادر قبول حزب الله وحركة أمل بحكومة اختصاصيين خالصة، بعيداً عن وزراء دولة حزبيين.

ومع إعلان رئاسة الجمهورية رسمياً تكليف دياب لتأليف الحكومة الجديدة، بدأت عمليات قطع الطرقات الممنهجة في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في بيروت حيث خرجت مسيرات دراجات نارية في عدد من أحياء المدينة وأمام منزل دياب في تلة الخياط رفضاً لتكليفه، في ما يشبه تنفيذاً لأمر عمليات واضح بإشعال الشارع استمراراً لمسلسل الفوضى والفراغ؛ ما يثبت برأي مصادر مطلعة استخدام بعض الجهات الخارجية للشارع وللحراك لمصالح سياسية.

وقد دلت الشعارات التي أطلقها المحتجون ومناطق الاحتجاجات على أنهم جمهور تيار المستقبل، حيث اكدوا أنهم أتوا من الطريق الجديدة وقصقص وغيرها من المناطق المحسوبة على التيار، ما يفتح باب التساؤلات عن الجهة التي تحرّكهم: هل هي الحريري أم محيطه السياسي والأمني؟ أم جهات خارجية؟ وهل هناك محاولة لدفع الرئيس المكلف الجديد للاعتذار تحت ضغط الشارع؟ علماً أن الحريري وجّه رسالة إلى مناصريه عبر «تويتر» قائلاً: «أدعو جميع الأنصار والمحبّين الى رفض أي دعوة للنزول الى الشارع او قطع الطرقات. الهدوء والمسؤولية الوطنية أولويتنا والأزمة التي يواجهها  لبنان خطيرة ولا تحتمل أي تلاعب بالاستقرار». وعلماً أن دياب أكد أنه لن يعتذر عن تأليف الحكومة و»التأليف سيكون سريعاً بالنسبة الى الوقت الذي أخذته الحكومات السابقة». وفي حديث للـ»او تي في» أعلن أنه لم يلتق أحداً من حزب الله وحركة أمل، وقال: «التقيت فقط الرئيسين عون والحريري الذي كان متجاوباً جداً وسأزور مفتي الجمهورية يوم غد». كذلك تفهم دياب المحتجين على تسميته، معتبراً أنهم «أناس موجوعون ويعانون منذ سنوات وعقود، بالتالي المطلوب استيعاب هذا الوجع وتعبيرهم عن آرائهم».

إلا أن اللافت هو تزامن تحريك الشارع مع إثارة رؤساء الحكومات السابقين وبعض فريق 14 آذار مسألة الميثاقية، رغم أن مصادر بعبدا توضح لـ»البناء» أن الميثاقية لن تؤخذ بعين الاعتبار في التكليف بل في التأليف، حيث يراعى تمثيل الطوائف والمذاهب بحسب الدستور والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين ولا شيء في الدستور اسمه ميثاقية التكليف بل هي عملية ديموقراطية عبر الاستشارات النيابية وهنا سوابق على ذلك».

 كما تزامن تحريك الشارع مع وصول الدبلوماسي الاميركي ديفيد هيل الى بيروت، حيث يلتقي المسؤولين اللبنانيين اليوم، لا سيما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كما كان لافتاً وصف عدد كبير من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية دياب بأنه «المرشح المدعوم من حزب الله». ومن هذه الوسائل والوكالات: AP ورويترز وcnn والعديد من وسائل الإعلام الفرنسية، علماً أن دياب نفى ذلك، كما أكدت مصادر أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر لـ»البناء» على أن دياب ليس حكومة مواجهة بل سيسعى الى إشراك جميع الأطراف في الحكومة من ضمنها المستقبل والحراك الشعبي.

وعلمت «البناء» أن انقساماً كبيراً حصل بين مجموعات الحراك حيال تكليف دياب، ففي حين يدعو البعض الى رفض دياب لكونه لا يلبي طموحات اللبنانيين، يفضل البعض الآخر انتظار شكل الحكومة وبرنامجها وأداءها والحكم عليها لاحقاً. كما علمت أن القوات والكتائب والاشتراكي وبعض اجنحة المستقبل دعوا مناصريهم الى النزول الى الساحات غداً مع عائلاتهم إن أمكن لإسقاط دياب في الشارع.

وبرز موقف النائب السابق وليد جنبلاط الذي اتهم الرئيس سعد الحريري بالتخاذل عن تسمية السفير نواف سلام، وقال على «تويتر»: «أن تختار قوى 8 آذار مرشحها وتنجح هذا ليس بغريب، فهم على الأقل لديهم مشروع، لكن أن تخذل قوى المستقبل المتسترة بالتكنوقراطية وكأنهم خريجو Silicon Valley ان تخذل نواف سلام خوفاً من التغيير، فهذا يدلّ على عقمها وإفلاسها. كنا أقلية وسنبقى وكم الأمر أريح. قال أحدهم «قل كلمتك وأمشِ».

وكانت الكتلة القومية الاجتماعية التي تضمّ النواب أسعد حردان، البير منصور، وسليم سعادة، قد سمت الدكتور حسان دياب لرئاسة الحكومة اللبنانية.

وأكد رئيس الكتلة النائب أسعد حردان من بعبدا بعد لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بـ «أننا من دعاة تعزيز السلم الأهلي وتعزيز الوحدة الوطنية في لبنان ونبذل كل جهد في هذا الخصوص، وإننا نطالب القوى السياسية أن تتحمّل مسؤولياتها بتخفيض منسوب المواقف المتشنجة في البلد». أضاف: «لبنان يجب أن يُحفظ ويُصان بخفض منسوب الخطاب الطائفي والمذهبي حتى يتمكن من الخروج من هذا المأزق الاجتماعي والمالي والمعيشي والاقتصادي، وبالتالي البدء بالإصلاح السياسي الذي هو مطلبنا ومطلب اللبنانيين».على صعيد آخر، أعلنت الامانة العامة لرئاسة مجلس النواب أن «الرئيس المكلف سيجري استشارات التأليف يوم غد السبت المقبل في مجلس النواب وفقاً للبرنامج المحدد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى