حديث الجمعة

تمسّك بقبرك!!

كان الثعلب يلتهم حيواناً قد قتله وفجأة علقت عظمة صغيرة في حلقه ولم يستطع إخراجها، فوراً شعر بألم فظيع في حنجرته وبدأ يركض ذهاباً وإياباً يئن ويتأوه باحثاً عن أحد يساعده. حاول أن يقنع كل مَن قابل ليخرج له العظمة قائلاً: «سأعطيك أي شيء تريده إذا أخرجتها»، وافق طائر (الكركي) على المحاولة، فاستلقى الثعلب على جنبه وفتح فكيّه إلى أقصى حد، فوضع الكركي رقبته الطويلة داخل حلق الثعلب وبمنقاره حرّر العظمة وأخرجها أخيراً.

قال الطائر: «هل تسمح بأن تعطيني ما وعدتني به؟».  كشّر الثعلب عن أنيابه ورسم ابتسامته الماكرة قائلاً: «كُن قنوعاً، لقد وضعت رأسك في فم الثعلب وأخرجته آمناً، أليست هذه جائزة كافية لك؟»…

هذه الحادثة الجميلة ذكّرتني بوعود مَن يرشحون أنفسهم لانتخابات البلد من انتخابات مجلس البلدية صعوداً بالسلم حتى يصلوا لأعلى المناصب. في حملاتهم الانتخابية يكون شعارهم المعتاد.( أنت بس انتخبني وتروك الباقي عليي والله لتكيَّفوا) .. في الحقيقة الشعب يدرك وعن تجارب سابقة أنهم لن يكونوا أجدر وأكفأ من غيرهم ولن يحققوا مطالبهم، ولكن يبقى الأمل هو شعار اللحظة، إنّه الأمل، إنّه الأمل في شيء من الحركة والتغيير حتى وإن كان في الدرك الأسفل من جهنم الحياة تحت الصفر. إنّه الأمل الأكبر الذي يقتاتون منه وهي وعودهم.

في بداية حملاتهم الانتخابية يتعاملون مع البشر كبضائع موسمية، أنيقة في بداية الموسم، مملة بعد ارتدائها ومركونة في الزوايا في آخر الموسم!!

فتعاملهم في أول حملتهم مناقض تماماً للاحقه من اللقاءات. ولكأنهم بعد فوزهم يجدون لذّة في التهميش العلني ويتفاخرون بقولهم: (بعد ما فزنا ما الكن عنا شي)!!!

ملخّص (وصفة هدر العمر) هو في الالتحام والتقّرب بمثل هؤلاء لأنّ ذلك لن يجدي نفعاً..

بعد فوزهم في الانتخابات تراهم ينظرون إلى أنفسهم، ولكأنهم آخر حبّة في هذا الكون، وأنّ على الآخرين احترامهم وتقديرهم والاهتمام بمثل تلك الكائنات النادرة الوجود.. مع أننا نقترح أن تُقام محمية ليرسل إليها أمثالهم حفاظاً عليهم، وحفاظاً على كرامات الناس من التعامل معهم..

من يخلط بين بواعثه ومقاصده كمن يقيم صلاة بلا نيّة، فقد أقام الصلاة، لكنه نسي أعصر هي، أم مغرب، أم عشاء..

ثمّة شيء أثمن من العمر كلّه، إنها المبادئ، والطريق التي يسير عليها الإنسان في حياته ستحدد مقاصده من حياته ككل..

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى