مانشيت

ترشيحات مشتركة لقوى المقاومة والتيار الصدريّ لرئاسة الحكومة تغيّر المشهد العراقي والحراكي القومي متمسّك بأمل حداد… ودياب بصيغة الـ 18… وحكومة 20 وزيراً تستعدّ للإعلان اليوم؟ أرثوذكسي لفرنجيّة وكاثوليكيّ للتيار وعرض الدرزي على القوميين… وعون يحسم نائب الرئيس

كتب المحرّر السياسيّ

يبلغ المشهد الحكومي في العراق كما في لبنان لحظات حاسمة بتشاور الحلفاء لتظهير تفاهمات تستطيع تلبية الحاجات التي تستدعيها صورة الحكومة الجديدة في كل منهما، وفيما تمّ التفاهم في العراق على اعبتار الأولويّة لخوض معركة إخراج الأميركيين التي يتولاها شعبياً السيد مقتدى الصدر، والتي ستنطلق يوم الجمعة المقبل، يجري التشاور حول أسماء تلقى تزكية السيد الصدر وقبول قوى المقاومة، خصوصاً في ظل المكانة التي يحتلّها الصدر في الحراك وقدرته على ضمّ أغلب الأسماء المتفق عليها إلى لائحة مرشحي الحراك؛ بينما في لبنان بالتوازي وضع على نار حامية مبدأ تلبية متوازنة لموقع كل من تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي في التشكيلة الحكومية، كشريكين رئيسيين في المواجهة التي ستكون الحكومة عنوانها السياسي والدستوري، في مقابل التعامل مع تمسّك التيار الوطني الحر بشروط تمثيلية لتركيبة الحكومة، من موقعه ككتلة نيابية كبرى، لكن أيضاً من موقع تأثير شراكة رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة وصولاً لتوقيع مراسيمها، ومقابل هاتين المعادلتين معادلة الرئيس المكلف المرتبطة بصورة رئيسية بعدد الوزراء في حكومة يتمسّك ببقائها عند رقم الـ 18 وزيراً، وبمواصفات للتشكيلة الحكومية تطابق نظرته بكونها رغم تسميات القوى السياسية والنيابية لوزراء، ستبقى من الاختصاصيين غير المنخرطين عضوياً في مؤسسات العمل الحزبي لإبعاد الحكومة عن الصراعات الجانبية، ونيل ما يرتقبه من قبول في جماعات الحراك وفي الخارج الغربي والعربي.

نهار وليل وأمس شهدا مشاورات واجتماعات، كان أبرزها غداء جمع الرئيس المكلف حسان دياب ورئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية بحضور المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب وزير المالية في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل، وكان الطبق الرئيسي على المائدة طبق العشرين وزيراً للحكومة كمخرج يمكن أن يتيح الخروج من الأزمة، والصيغة المطروحة بدأت بعرض وزير كاثوليكي مضاف إلى فرنجية ووزير درزي آخر يعرض على القومي، وفيما قوبلت الصيغة بتمسك فرنجية بتمثيله بوزير ثانٍ أرثوذكسي لا كاثوليكي باعتبار البيئة السياسية للمردة شمالاً ليس فيها كاثوليك، بينما تمسّك القومي عبر التشاور الذي تمّ معه بتزكيته لنقيبة المحامين السابقة أمل حداد، مجدداً التأكيد على أن الحزب كان دائماً عند تشكيل كل الحكومات يقول لأي رئيس مكلف أن الحزب موجود في كل الطوائف ولديه علاقات وصداقات وكفاءات صديقة موثوقة على مساحة الجغرافيا اللبنانية وطوائفها، وهو مستعدّ لأي مساهمة بتسمية تمثيل من أي بيئة طائفية، لأنه أصلاً كحزب يقف خارج المنطق الطائفي لا تعنيه هذه الحسابات، لكنه من جهة يستغرب سحب اسم النقيبة أمل حداد من التداول دون سبب، ويجدّد تمسكه بها ككفاءة سبق ورشحها الرئيس المكلف وقام الحزب بتزكيتها، ويخشى أن يكون وراء الطرح المتضمن في الصيغة محاولة لإقصائه عن الساحة المسيحية، وهذا أمر مرفوض مبدئياً بالنسبة للحزب المتجذّر في هذه الساحة كما سائر الساحات والبيئات والمناطق، ولأنه ليس من يقوم بتشكيل الحكومة، ولا هو الكتلة التي تتولى تسمية عدد من الوزراء، فلا يمكن مفاجأته بالحديث عن تمثيل محصور بخيار مترتب على عدد مضاف من الوزراء وكأن الباقي بات ملكاً محسوماً لا يمكن التعديل والتبديل فيه بين المعنيين بتشكيل الحكومة. وخلال المشاورات ظهرت مشكلة إضافية تمثلت بعدم التوافق بين الرئيس المكلّف ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة، جبران باسيل حول مَن سيتولى منصب نائب الرئيس، الذي كان يفترض أن تتولاه النقيبة أمل حداد وتمّ استبدالها في التشكيلة المتفق عليها بين دياب وباسيل باسم بترا خوري من دون أن يلقى دياب موافقة باسيل على تولّيها منصب نائب الرئيس، ودارت محركات التشاور والاتصالات ليلاً لحلحلة العقد، بحيث رسمت مصادر معنية بالملف الحكومي الصورة بالقول إن صيغة حكومة الـ20 وزيراً باتت وافرة الحظوظ، وأن الرئيس المكلف المتمسك بصيغة الـ18 وزيراً لا يمانع صيغة الـ20 إذا جلبت حلاً ناجزاً ولا يمنح موافقته عليها إلا عند توقيع المراسيم، وأضافت المصادر أن تسمية نائب رئيس الحكومة قيد الحل بتركها لرئيس الجمهورية بين الأسماء المرشحة من كل من دياب وباسيل على قاعدة عرفية قوامها أن منصب نائب الرئيس يختاره عادة رئيس الجمهورية، ويعود له التنازل عنه كما حصل مع القوات اللبنانية في الحكومة الأخيرة، وأنّه تمّ التوصل للتفاهم على تمثيل المردة بأرثوذكسي مقابل نيل التيار الوطني الحر فرصة تسمية الكاثوليكي المضاف، وربما يكون بصدد التشاور مع البطريركية الكاثوليكية التي سجلت احتجاجها على تمثيل الطائفة بمقعد وزاري واحد، فيما بقي القومي عند تبنّيه لتزكية أمل حداد، وقالت المصادر المتابعة إن سحب الرئيس المكلف لترشيحه لحداد خلق واقعاً جديداً، ولكن الحوار مع قيادة القومي لم ينقطع، والمتوقع اليوم أن يكون فاصلاً في هذا المجال لرسم الصورة النهائيّة بين خيارات ليست كثيرة، بينها أن لا يقبل القومي المشاركة ويدرس موقفه من منح الثقة إيجاباً دون مشاركة بالحكومة أو سلباً احتجاجاً على حصيلة المسار الحكومي، وبينها أن يسير القومي بالصيغة المعروضة تحت عنوان تغليب الحاجة لولادة حكومة والضغوط التي تعيشها البلاد ومنطق أفضل الممكن مع التمسك بتسجيل تحفظاته للحلفاء، وربما يكون بينها باحتمالات ضعيفة فرضية العودة لبحث صيغة الـ24 وزيراً حيث تتاح إضافة وزير أرثوذكسي يصير طبيعياً أن يعود حق التسمية فيه للقومي، بينما تتم تسمية الوزير الدرزي المضاف بالتشاور بين القوى والشخصيات السياسية الموجودة في الساحة الدرزية الحليفة للغالبية النيابية التي يمثل القومي مكوناً رئيسياً من مكوّناتها السياسية.

وشدّدت أوساط الحزب السوري القومي الاجتماعي لـ»البناء» على تمسّكها بموقفها من تزكية اقتراح الرئيس المكلّف بترشيح اسم النقيبة أمل حداد، مشيرة الى أن «لا تراجع عن هذا الموقف وأعطينا دفعاً ايجابياً من خلال التمسّك بهذا الاسم»، معتبرة أن «اتهام الحزب القومي بتأخير الحكومة هو محض افتراء وتجنٍّ ولا يمتّ الى الحقيقة بصلة وعلى البعض التدقيق في المجريات لتصحيح القراءة والموقف بهذا الشأن». فيما لفتت أوساط المردة الى أن «فرنجية طالب دياب بإسناد المردة حقيبتين وزاريتين لوزيرين ماروني وأرثوذكسي وفضلاً عن إسناد حقيبة الأشغال لشخصية مارونية يُسمّيها المردة كما طالب فرنجية بحقيبة العمل أو البيئة للمرشح الأرثوذكسي».

في المقابل قالت مصادر «التيّار الوطني الحر»: «بيّنت الوقائع أن التيّار الوطني الحر لم يدخل لا من قريب ولا من بعيد بازار الحصص الوزارية بل هو تمسّك بمبدأ عام يتعلّق باحترام التوازنات الوطنية ووحدة المعايير». وشدّدت على أنه «لن يكون في الحكومة أي اسم محسوب على التيّار الذي لم يدخل ‏في لعبة الحصص بل كان معياره الوحيد هو أن يتولى المواقع الوزارية الذين يتمتعون بالجدارة والخبرة والاختصاص في مجالهم وألاّ يكونوا منتسبين لأي حزب ولا ملتزمين بأي جهة سياسية». وقد لفتت قناة «المنار» الى طرح رفع عدد الوزراء الى 20 بزيادة وزير درزي وآخر كاثوليكي، مشيرة الى أن الساعات المقبلة ستشهد لقاءات واتصالات مكثفة لحل العقد المتبقية.

الى ذلك برزت زيارة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الى بيت الوسط حيث التقى الرئيس سعد الحريري بحضور النائب وائل أبو فاعور والوزيرين السابقين غازي العريضي وغطاس خوري.

وانتقد جنبلاط التأخير بتأليف الحكومة، وقال في تصريح: كن المضحك فيها أنهم عندما اخترعوا في الماضي الثلث المعطل، كانت هناك حكومات ما يسمّى بحكومات الوحدة الوطنية. أما اليوم فهناك حكومة لون واحد وهم مختلفون في ما بينهم».

وتأتي هذه الزيارة عقب أعمال العنف التي شهدتها بيروت خلال عطلة نهاية الاسبوع، وانتقد جنبلاط ايضاً الحراك بقوله «العنف لا يخدم وردة الفعل التي حدثت، فكلامي وكلام الرئيس سعد الحريري عن بيروت ليس دفاعاً عن حجارة بيروت، بل دفاعاً فقط عن أهلها. وإذا كانت لي من نصيحة، خصوصاً أن غالبهم أتى من الشمال، هناك مرافق من ذهب في الشمال إذا ما أحسن استثمارها وإدارتها». وفيما انتقد الحريري في تصريح التأخير بتأليف الحكومة ورفض الحل الأمني لضبط الشارع، ردّت مصادر في 8 آذار على ثنائي الحريريجبنلاط مشيرة لـ»البناء» الى أنهما مسؤولان عن تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية وكانا مشاركين في جميع الحكومات المتعاقبة منذ عقود، فضلاً عن مسؤولية الحريري في الإطاحة بالحكومة عبر استقالته المفاجئة دون التنسيق مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي وحزب الله وترك البلاد لمصيرها مشرعة أمام الغضب الشعبي والفوضى الأمنية والتدخلات الخارجية»، ولم يكتفيا بذلك بل عقّدا عملية التكليف مدة طويلة وحرق مرشحين آخرين ورفضا المشاركة في الحكومة برئاسة دياب ما زاد عملية التأليف صعوبة في ظل الظروف المعقدة لتأليف الحكومات في لبنان والتي يعرفها جنبلاط والحريري جيداً»، وتساءلت: .ألم يبقَ الحريري 9 شهور لتأليف الحكومة الأخيرة؟». واتهمت المصادر الحريري بالتقصير عن واجباته في تصريف الأعمال، حيث لم يشهد تاريخ لبنان أن امتنع رئيس حكومة عن تصريف اعمال في حين تستطيع حكومة تصريف الأعمال ان تعقد جلسات وتتخذ تدابير تنظيمية ملحّة وإحالة الموازنة». 

وكان الحريري تمنع عن المشاركة في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، فاستعاض عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعقد اجتماع أمني في قصر بعبدا، ضم وزيري الداخلية والبلديات والدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن والياس بوصعب بحضو قادة الأجهزة الأمنية.

ثم استمع الحاضرون الى تقارير قدّمها رؤساء الأجهزة الأمنية، والإجراءات التي اعتمدت لمواجهة العناصر التي تندسّ في صفوف المتظاهرين للقيام بأعمال تخريبية والتي اتضح أنها تعمل ضمن مجموعات منظمة.

وقرر «اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المتظاهرين السلميين ومنع الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وردع المجموعات التخريبيّة، والتنسيق مع الأجهزة القضائية لتطبيق القوانين المرعية الإجراء».

وأشارت مصادر عسكرية «البناء» الى أن «الاجتماع الأمني وحّد التدابير الأمنية ورفع درجة التنسيق والتعاون بين الأجهزة لضبط الأمن عبر غرفة العمليات المشتركة»، متوقعة أن تؤدي هذه الإجراءات الى الحد من موجات العنف»، وعلمت «البناء» أن رئيس الجمهورية وخلال الاجتماع «وجّه رسائل حاسمة لبعض الأمنيين المقصّرين في واجباتهم تحت طائلة محاسبتهم إذا لم يقوموا بواجباتهم». وتوقعت مصادر سياسية أن يؤدي «تأليف الحكومة الى تهدئة في الشارع».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى