أولى

سقوط السلطان

} شوقي عواضة*

منذ ولادة خلافة السلطان سليم الأول تحت عنوان (الفتح) بدأت حكاية الغدر العثماني لفلسطين وشعبها، بل ولكلّ من كان يقف في وجه الكيان الصهيوني منذ بدايات بيع فلسطين واستقدام اليهود إليها، عملت الخلافة العثمانية من خلال كلّ سلاطينها على تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين وتوفير كلّ الدعم لهم في حين كان خلفاؤها يشنّون الحروب والغزوات على المنطقة بأسرها من بلاد الشام إلى مصر واليمن، كانوا يخوضون حروبهم العدوانية تحت عنوان حماية الإسلام والخلافة، وهم أشدّ الناس عداوة للإسلام .

350 عاما والعثمانيون يمعنون في استنزاف مقدرات الأمة وسرقة خيراتها وثرواتها وسفك دماء أهلها، وكان اليهود المستقدمون من العالم شركاءهم في جريمة العصر. إذ من منتصف القرن التاسع عشر بدأ العثمانيون باستقدام اليهود إلى فلسطين تنفيذا لأوامر رئيس الوزراء البريطاني بالمرستون (1840).

وبعد استقدام قطعان المستوطنين إلى فلسطين بدأت الشراكة الحقيقية بين اليهود والخلافة وسلاطينها، طلب هرتزل من السلطان عبد الحميد الثاني أن يصدر فرماناً يقضي بالحصول على حكم ذاتي لليهود في فلسطين، وكان له ذلك.

في تلك الفترة أرسل السلطان العثماني جيوشه لتغزو الشام التي كانت تحت حكم محمد علي الذي كان إسقاط حكمه أولوية لدى السلطان العثماني، ولم يكن منع التوطين في فلسطين من أولويات الخلافة.

اليوم وعلى خطى أجداده يمضي أردوغان إمعاناً في التآمر على فلسطين التي لم تحضر في خطاب أردوغان ولا وجدانه إلا لاستقطاب الناخبين والمؤمنين بخلافته، واسم فلسطين لا يعني لأردوغان سوى المزيد من الاستثمار الفعلي لامبراطوريته المنخورة من الداخل. أما على المستوى العملي فإذا ما أجرينا مقارنة بسيطة حول فلسطين في خطاب وأفعال أردوغان لوجدناها حاضرة في خطاباته للاستثمار السياسي بينما عملياً تغيب كلياً من أجندته ويتضح ذلك من خلال مواقفه الكثيرة وهو يعمل جاهداً على إظهار نفسه بأنه المقاتل الأوحد من أجل فلسطين بينما هو في الحقيقة يعمل على طمس حقيقة دامغة تقول إنه الرئيس الأكثر تطبيعاً مع الكيان الصهيوني، وهو الإسلامي الذي أضرّ أكثر بالقضية الفلسطينية. وما محاولاته اليوم لاستعادة أمجاد الخلافة العثمانية من خلال اعتدائه على سورية حصن المقاومة ودرعها إلا استمرار لذاك النهج الذي يستهدف قوة الأمة وإسقاط كلّ معاني العزة فيها، دون أن يضع في حساباته أنّ مجد خلافته مات بموْت سلاطينها ودفن مشروعهم معهم، وأننا أصبحنا في زمن الانتصارات والمقاومين، زمن السيد حسن نصر الله والرئيس بشار الأسد. هذا الزمن الذي تتهاوى فيه قوى الشر ـ وهو جزء منها ـ والهزيمة التي تلقاها أردوغان في إدلب مقدّمة لسقوطه المدوي الذي لن يكون سقوطاً عادياً يمجده التاريخ كما أسلافه بل سيكون سقوطاً ممهوراً بالهزيمة التي ستسقطه في الداخل والخارج معا وسنشهد ذلك عما قريب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى