أولى

كتاب مفتوح إلى دولة رئيس الحكومة

الدكتور فريد البستاني*

دولة الرئيس مع جزيل الاحترام

لأنني قرأت جيداً كلامك الواضح عن مأزق نظامنا السياسي ودولتنا التي تكبّلها الطائفية وينخرها الفساد، جنباً إلى جنب مع عزمك على مواجهة التحديات حتى تكون لنا دولة القانون والمواطنة، جئت بكتابي هذا أخاطبك أمام اللبنانيين.

دولة الرئيس إياك والمساومة مع المحاصصة الطائفية ومع الفساد لأنك ستصبح واحداً من أعضاء النادي الذي تسبّب بخراب لبنان، حافظ على مناعتك بوجه الترغيب والترهيب لتكون بقعة ضوئنا في هذا النفق المظلم.

دولة الرئيس عزمك على المواصلة يلاقيه في بعبدا رئيس للجمهورية هو جبل صلب في وجه الطائفية والفساد، فكن حريصاً أن تشكلا معاً صخرة البناء الذي ننتظر، وينتظر اللبنانيون، بمن فيهم المحبطون واليائسون أو المعترضون والمعارضون، الذين لا مصلحة لهم بطائفية أو فساد، ولو تأثروا بما يروّج له الطائفيون والفاسدون.

دولة الرئيس نصل خلال ساعات وأيام إلى مفترق تليه مطبات، عنوانه أزمتنا المالية، المتشعّبة إلى عناوين يطلب اللبنانيون أن يروا خلالها عزمك ووضوح وثبات ما وعدت به وما أنت عليه.

 لا يريد اللبنانيون أن تدفع حكومتهم مستحقات الدين وتحجب عنهم حقوقهم بالكهرباء والدواء والمحروقات وسواها، فيما تتحكم المصارف بودائعهم، وكما ينتظرون منح الأولوية في التصرف بالعملات الصعبة المتوافرة لحساب حاجاتهم، بدلاً من منحها لحاملي السندات الذين راكموا خلال سنوات أضعاف أصولها أرباحاً بفوائد مبالغ بها، ينتظرون منكم أن تكشفوا لهم حقيقة الأموال المهرّبة تحت شعار تحويلات للخارج أتيحت لبعض المحظيين، بينما هم ممنوعون من التصرف بأموالهم في الداخل والخارج، وأن تفتحوا الباب القانوني الواسع للمساءلة والمحاسبة على ما جرى، وأن لا تتهاونوا في استرداد هذه الأموال.

من غير المقبول يا دولة الرئيس أن يتأخر أكثر وضع تنظيم ثابت وواضح لكيفية تصرف اللبنانيين بودائعهم، سواء بضوابط قاسية أو مرنة، لأنّ الأهمّ أن تكون ضوابط تطبّق على الجميع بلا تمييز ولا استنساب، ولا تعرف «إبن ست وإبن جارية».

دولة الرئيس

أزمة الكهرباء كما تعلمون هي ثقب الخزينة الأسود، وهي مصدر نزيف العملات الصعبة المتعب، وقد سئم اللبنانيون سماع السجالات حول كيفية حلّ هذه الأزمة، وما يعنيهم أن يشهدوا بسلاسة تطبيق ما يسمح بوصول الكهرباء إليهم ووقف النزف المالي الذي تتسبّب به لماليتهم واحتياطات بلدهم من العملات الأجنبيّة.

المطلوب أن تظهر حكومتكم أنها حكومة متجانسة كما وعدتم، لا  مكان فيها للمناكفات والنقاشات العقيمة، وأنها حكومة الأفعال وليست حكومة الأقوال، والمتوقع أن تبدأ مشاريع القوانين التي تعهّدتم بها بالوصول إلى المجلس النيابي لنقوم بما يلزم، لنقول لمواطنينا إن مرحلة جديدة من حياة الدولة قد بدأت، حيث المطلوب دولة القانون والمواطنة ولا شيء سواها، فالقضاء المستقلّ، والشفافية والمساءلة والمحاسبة، أهداف يجمع عليها اللبنانيون، وعبر ترجمتها إلى قوانين وقرارات ستجتمع كلمة اللبنانيين حول حكومتكم.

بعد أيام سيمضي شهر على نيلكم الثقة يا دولة الرئيس، وسننتظر لنتشارك معكم ورشة النهوض وليس لنحكم عليكم، فلا خيار أمام لبنان واللبنانيين إلا خوض غمار هذه التحديات بأيدٍ مشبوكة وعزائم قوية ورؤية واضحة، وكما كتب عليكم تحمّل أعباء قاسية وصعبة في هذه المرحلة، كتب لكم أن تكونوا طليعة الخلاص الذي يستحقه اللبنانيون، فلا تتردّدوا ولا تتنازلوا ولا تساوموا، وسترون كيف أنّ الإنجازات هي التي توحّد الشعوب وتنهض بالأمم وتصنع أمجاد الرجال والنساء الذين يتقدّمون الصفوف.

*نائب في مجلس النواب اللبناني.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى