الوطن

رياض سلامة أمام الفرصة الأخيرة

} عمر عبد القادر غندور*

الحديث عن الانهيار الاقتصادي لم يعد ينفع، والبلد ليس مهدّد بالانهيار بل هو في حضن الانهيار فعلاً.

أياً يكن المسؤول عن هذا السقوط المدوّي لمنظومة الدولة، وأياً كانت الجهة أو الجهات المتسبّبة في هذه المصيبة، فالمحاسبة الآن ليس وقتها، بل الواجب والملحّ كيف نخفّف من وطأة هذا السقوط وإنقاذ ما يمكن إنقاذه للبناء عليه ولو من الصفر.

ونعتقد انّ رئيس الحكومة حسان دياب أعطى الفرصة الأخيرة لحاكم مصرف لبنان ليكون متعاوناً وشفافاً في تعاطيه مع الحكومة بعد طول امتناع عن الإجابة على أسئلة الحكومة بشأن الهندسات المالية التي أفلست المصرف المركزي وأودت بأموال المودعين لصالح «البزنس السياسي» الذي يقبض على رقبة الحكومة، وجعلت الدولار طليقاً ينهش في عملتنا الوطنية وجعلها أرخص من ورق الصحف، والمليارات التي «طارت» إلى خارج الحدود قبل وبعد ١٧ تشرين الأول، وسلسلة التعاميم التي عوّمت عدة مصارف من حسابات المودعين وغير ذلك كثير من الارتكابات التي ترسم أكثر من علامة استفهام!؟

 فهل يلتقط الحاكم بأمره في المصرف المركزي السيد رياض سلامة الفرصة للملمة الفضائح والاكتفاء بما حصل على أمل المعالجة وتعويض ما يمكن تعويضه والتسليم بأنّ الوطن المهدّد بديمومته ووجوده وشعبه أكبر من أيّ مسؤول مهما علا شأنه، وساعتئذ لا ينفع احتضان مسؤول من هنا وسياسي مرتكب من هناك ولا مراجع زمنية ودينية يمكن ان يُسمع لها صوت يعلو فوق صوت الجائعين والعاطلين عن العمل، وتوفّر الحماية لأحد.

 الارتكابات كبيرة والدّوس على القوانين لا مثيل له، وفساد الطبقة السياسية الطائفية، واستنزاف مالية الدولة في جيوب الفاسدين وضياع ثقة العالم بوطننا، كلها بلايا أورثت اللبنانيين التوجّع والتأسّف واليأس بقيام الدولة اللاطائفية لأول مرة منذ الاستقلال المزعوم.

 كلّ هذه الرزايا لا يجوز الاشتغال بها في الوقت الراهن، بل المطلوب إدارة أصول الدولة وما بقي منها، وتقتضي الحكمة إصابة القول والعمل.

يقول رب العالمين «يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ»

*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى