حديث الجمعة

قالت له

 

قالت له: عادت الثورة وسأعود إلى الشارع والساحات.

قال لها: وكورونا؟ ودروس تشرين؟ والحكومة الجديدة؟

قالت: أنسيت اننا تعارفنا ونشأ حبنا في غمار الثورة؟

قال: لم أنسَ، لكننا توافقنا أن الثورة لا تأخذنا إلى الفوضى وأننا لن نقع ضحية خداع وتلاعب وأن التباعد في زمن كورونا أهم من الصخب الشارعي الذي لا يفعل سوى التشويش على حكومة أفضل من خصومها الذين يريدوننا في الشارع للتنمّر عليها، وأننا اكتشفنا وتعلمنا في تشرين أن الطيبين الذين يشكلون مثلنا غالبية المشاركين هم وقود لمشاريع لا تشبههم ولا يسيطرون عليها، بل تحرك غضبهم في مساراتها وأنا لن أعيد الكرة إلا تحت قيادة واضحة وبرنامج واضح.

قالت: أتتركني أنزل وحدي وتنكر عهدنا؟

قال: بل أقول علينا التحدث معاً، وأن نقرر معاً، إن أردنا البقاء معاً. فالتخيير غالباً ما يكون قراراً بالاختيار. فأنت لا تقولين تتركني أنزل وحدي إلا وقد قررت أنك وحدك سواء رغبت بالمشاركة أم لا.

قالت: فكرت بذلك، لكنني قلت وإن لم نتفق؟ فأجبت أنه على كل منا فعل ما يروق له، وأن يعرف سلفاً ماذا يريد.

قال: هذه ليست الشراكة التي ينتجها الحب، لأن شراكة الحب هي أن نبقى نتشاور حتى نصل إلى يقين أننا مختلفون في العمق. فنقرر ما إذا كان حجم القضية يستحق أن نعلن فشلنا في البقاء معاً أو أن نقدر بالتوافق وليس بالتخيير، أننا قادرون على تحمل هذا الخلاف والبقاء معاً. أما طريقتك فهي أن تعلني هذا قراري. فإن أعجبك شاركني، وإن لم يعجبك أفعل ما تشاء. وهذا اقصر طريق للافتراق تحت غطاء وادعاء الحرية. وهذا يشبه عندي حال الشاب الذي يقول لفتاته أنا سأخرج مع فتاة أخرى فإن قالت هذا يعني انفصالنا يقول لها هذا قرارك، وكأن ثمة قرار آخر ممكن هنا.

قالت: ولم لا تقول هذا يشبه قرار أن تواصل فتاة العمل في مكان لا يحبّه حبيبها فتتمسّك بحريتها. وإن قرّر الانفصال يكون هو مَن ينظر للحب كأداة للتملك والعبودية؟

قال لها: لأنني لم أقل بإلزامية قبول طرف بقرار آخر. وما قلته هو بالتحديد، أن يتشاور الحبيبان ويتشاوران حتى لا يتبق شيء للكلام، فإن لم يتفقا فعليهما تقدير حجم القضية التي يختلفان حولها، وإن وجد أحدهما أنها تعادل خيار الانفصال فليكن. وهذا الجمع بين الحرية والشراكة.

قالت: والآن؟

قال: زمن الكورونا ومنح الفرصة للحكومة الجديدة وإضاعة الفرصة على اللاعبين العابثين وأن نحتفل بشهر رمضان بالصيام عن الخلاف.

فضحكت وقالت: أقنعتني فأنت أفضل ما عدت به من هذه الثورة، ولن أخسرك بعدما خسرتها، ولكن عندما يحين موعد الإفطار سنعود لخلاف ما قبل الإفطار.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى