الوطن

لبنان… ليس دولة

} عمر عبد القادر غندور*

 تتراجع الآمال المعقودة على مساعدة صندوق النقد الدولي يوماً بعد يوم، لا لسبب واحد، بل لأسباب عديدة ربما أوّلها تشرذم الوفد اللبناني الى المفاوضات المؤلّف من اختصاصيين اختارتهم الحكومة ويحملون أرقاماً تختلف عن الأرقام التي بحوزة باقي الوفد المحسوب على المصرف المركزي في ضوء تنصّل حاكم المصرف المركزي من الخطة الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة لعدم استشارته مسبقاً، وهو الذي رفض تزويد الحكومة برصيد الأموال المتبقية لديه.

 إذن التباين والتنافر والاختلاف بين أعضاء الوفد اللبناني لا يبشر بالوصول الى نتيجة إيجابية، انّ الجهة المتحدثة باسم «سيدر» اشترطت إيجابية في تجاوب صندوق النقد المطلع على وعود الحكومة بالإصلاح، وهو ما لم يتحقق حتى الآن وخصوصاً في مجال معالجة مزاريب الهدر في كلّ الوزارات، وفي تعيينات المصرف المركزي وفي قطاعي الكهرباء والاتصالات والتهرّب الضريبي، والأموال المنهوبة والأخرى المهرّبة بعد الثورة المطلبية وحتى تعيين محافظ جديد لمدينة بيروت يتعثر على خلفية طائفية ولن يتمّ إلا بمباركة المرجعية المهتمّة، وهذا بشأن بقية التعيينات التي تخضع لـ «قانون» التوزيع الطائفي.

 بصريح العبارة، ليس في لبنان دولة، وستبقى المعالجات المخلصة التي تبذلها الحكومة عصية على التحقيق بفعل البطاقات الحمراء التي يرفعها الفساد المستشري والذي يتحرك بمباركات سياسية ودينية لا تقوى عليها الإرادات الخيرة، وربما لهذا الفساد له من يؤيده ويرعاه من هم خارج لبنان والواقع ليس بحاجة لأمثلة.

 في ضوء هذا الواقع المؤسف، كيف لصندوق النقد الدولي وجماعة «سيدر» ان يساعدا بلداً ليس عنده إنتاج ولا اقتصاد ولا خطة ولا يعرف ما في مصرفه المركزي من أموال المودعين الغلابة، ثم نتساءل لماذا سعر الدولار يغازل الخمسة آلاف ليرة.

إلا انه من غير المنصف ان نحمّل حكومة الرئيس حسان دياب مسؤولية شبه الانهيار وشبه الإفلاس وكلّ اليأس، وهي التي ورثت جثث الحكومات السابقة على مدى ثلاثين عاماً، وحاولت وتحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتحرير البلد من منظومة فساد متمكّنة ومتشبّثة وفاجرة. ومن حق الحكومة على اللبنانيين ان يجدوا لها الأسباب التخفيفية، بانتظار ما سيقوله الرئيس حسان دياب بعد جلسة يوم الخميس.

 ما علينا إلا الصبر والتغني بقول الشاعر:

 قد يدرك المتأني بعض حاجته

وقد يكون من المستعجل الزلل

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى