حديث الجمعة

روّضوهم ثمّ انتقموا منهم!!!

حين طرق بابهم النور، لم يعتقدوا أنّ الظلام سيفاجئهم بجيوشه ليلاً، على الرمل كانت خطاهم كضوء، فيما أيديهم كانت تبتهل للأناشيد والحكايا التي تدعو إلى المساواة، لم يكونوا ليعرفوا غير يقينهم في أنّ الفجر سوف يأتي وأنّ الدم الذي تيبّس على القبور القديمة قد غيّر خارطة العالم

تُرى ما الفائدة من احتجاج المتظاهرين في مدن أميركا بعد قتل (الأسود) جورج فلويد من قبل شرطي؟؟

هل يؤكد لهم هذا الشرطي أن الفرز القديم بين الملوّنين وذوي البشرة البيضاء في فضاء عمومي يفترض أن يشترك فيه الجميع على أساس المساواة في الحقوق والواجبات واحترام الجميع بعضهم وفق القانون، القانون فوق الجميع!!؟؟

على ما يبدو أنّ الممارسة العنصريّة كانت وما زالت مشكلتهم فهم على ما يبدو يغضون الطرف عنهم لفترة ما، ثم يقتصّون منهم بعد ذلك أشنع اقتصاص!!

إنهم يفعلون معهم كما يفعل الصيادون مع الفيل، فالصيادون عندما يقومون باصطياد فيل حيّ، ولكي يروّضوه يحفرون في طريق مسيره حفرة عميقة بحجم الفيل ويغطونها، وعندما يقع فيها الفيل لا يستطيع الخروج، عندها تبدأ عملية الترويض بانقسام الصيادين إلى قسمين: قسم بلباس أحمر، وقسم بلون أزرق، وتبدأ عملية الترويض من خلال التحايل على الفيل وتلقيه الكثير من الضرب ولا هم له سوى أن يبقى حياً!!!

لقد اعتقد بعض الناشطين نشاط النحل أنّ فكرة المواطنة وحقوق الإنسان والديمقراطيّة قد قضت نهائياً على الممارسات العنصريّة وأرست مجتمعاً حراً يقدّس أفكار التعايش والاعتراف والاندماج بين جلّ القوى الاجتماعيّة المتنافرة والمتنوّعة!!

وتعزز هذا الشعور لديهم لدى تسلّم (أوباما) صاحب البشرة السمراء بل والكثيرة السمرة، منصب الرئاسة الأميركيّة في دورتين، وبذلك كان أول رئيس للولايات المتحدة الأميركيّة الذي يفوز بمنصب الرئاسة وينحدر من أصول أفريقيّة ومن خارج الدائرة اليهودية المسيحية وقد سعى جاهداً أن يجعل أصحاب هذه البشرة يحظون بامتيازات كبيرة وهم بدورهم اعتقدوا أنهم لن يروا الظلام مرة أخرى وأنّ النور سيبقى ملازمهم مدى الحياة!!

لقد مثّلت صرخة فلوريد الضربة القاصمة في وجدان محبي الخير والعدل في أميركا، مَن شاهد الصور يجزم أن فلوريد لم يقل إلّا شيئاً واحداً للشرطي: إنني أختنق.. إنني أموت!!

المفارقة أنّ معدلات الجرائم العنصرية تزداد في الأنظمة التي يدّعي اتباعها سياسات ديمقراطية ويتظاهرون باحترام حقوق الإنسان ويرفضون عقوبات جائرة على دول عربية، لأنها باعتقادهم دول إرهابية ولا تحترم قيمة الإنسان!!

عندما يتوقفون عن سياسة الكيل بمكيالين وتطبيق المساواة على الجميع دون التميز بين ابن البطة البيضة وابن البطة السودا ويعترفون أنّ الملون هو من صنع حضارة العم سام ربما سينصف الملونون إلى حد ما ويعود النور يشعّ من حياتهم ربما وليس أكيداً!!!

صباح برجس العلي

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى