الوطن

‎«‎اللقاء الوطني»: لوقف الحملات التحريضية التي من ‏شأنها إثارة الفتنة وتهديد السلم الأهلي ‏ وتوحيد المواقف في معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية ‏والنقدية واعتماد مسار نهائي للإصلاحات ‏

 

شدّد «اللقاء الوطني» على»وقف جميع أنواع الحملات التحريضية التي من شأنها إثارة الفتنة وتهديد السلم الأهلي وزعزعة الاستقرار الأمني الداخلي»، معتبراً أن «حرية التعبير المصانة في مقدمة الدستور ومتنه، يجب أن تمارس بحدود القانون الذي يجرم الشتيمة والتحقير والمس بالكرامات وسائر الحريات الشخصية».

وإذ رأى أنّ «الحياة الديمقراطية لا تستقيم من دون وجود المعارضة لا سيما منها البرلمانية»، شدّد على أن «المعارضة العنفية التي تقطع أوصال الوطن وتواصل أبنائه وتلحق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة لا تندرج في خانة المعارضة الديمقراطية والسلمية».

وأكد «توحيد المواقف من السبل الآيلة إلى معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية وتداعياتها الاجتماعية عبر اعتماد مسار نهائي للإصلاحات البنيوية في ماليتنا العامة واعتماد برنامج صندوق النقد الدولي في حال وافقنا على شروطه الإصلاحية».

 عُقد «اللقاء الوطني» عند الحادية عشرة من قبل ظهر أمس في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس الحكومة حسان دياب، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، رئيس كتلة النواب الأرمن النائب آغوب بقرادونيان، رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي ممثلاً «اللقاء التشاوري»، رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط والرئيس السابق ميشال سليمان.

عون

 وبدأ اللقاء بكلمة لعون الذي قال «أهلاً وسهلاً بكم وأشكر حضوركم هذا اللقاء الذي يحمل عنواناً واحداً وهو حماية الاستقرار والسلم الأهلي خصوصاً في ظل التطورات الأخيرة. لذلك كنت آمل أن يضم جميع الأطراف والقوى السياسية لأن السلم الأهلي خط أحمر والمفترض أن تلتقي جميع الإرادات لتحصينه، فهو مسؤولية الجميع وليس على همة فرد واحد مهما علت مسؤولياته، ولا حزب واحد، ولا طرف واحد».

واعتبر «أن ما جرى في الشارع في الأسابيع الأخيرة، ولاسيما في طرابلس وبيروت وعين الرمانة، يجب أن يكون إنذاراً لنا جميعاً لتحسّس الأخطار الأمنية التي قرعت أبواب الفتنة من باب المطالب الاجتماعية»، لافتاً إلى أنه «بدا جلياً أن هناك من يستغلّ غضب الناس، ومطالبهم المشروعة، من أجل توليد العنف والفوضى، لتحقيق أجندات خارجية مشبوهة بالتقاطع مع مكاسب سياسية لأطراف في الداخل. لقد لامسنا أجواء الحرب الأهلية بشكل مقلق، وأُطلقت بشكل مشبوه تحركات مشبعة بالنعرات الطائفية والمذهبية، وتجييش العواطف، وإبراز العنف والتعدي على الأملاك العامة والخاصة وتحقير الأديان والشتم، كحق مشروع للمرتكبين».

وتابع «وإزاء هذا التفلت غير المسبوق، وشحن النفوس، والعودة إلى لغة الحرب البائدة التي دفع لبنان ثمنها غالياً في الماضي، كان لا بد لي إنطلاقاً من مسؤولياتي الدستورية، أن أدعو إلى هذا اللقاء الوطني الجامع، لوضع حدٍ نهائي لهذا الانزلاق الأمني الخطير. إن الاختلاف السياسي صحي وفي أساس الحياة الديمقراطية، ولكن سقفه السلم الأهلي، ومهما علت حرارة الخطابات لا يجب أن نسمح لأي شرارة أن تنطلق منها، فإطفاء النار ليس بسهولة إشعالها خصوصاً إذا ما خرجت عن السيطرة وهذه مسؤوليتنا جميعاً، الحاضرين والمتغيبين».

وأشار إلى أن «وطننا يمر اليوم بأسوأ أزمة مالية واقتصادية، ويعيش شعبنا معاناة يومية خوفاً على جنى أعمارهم، وقلقاً على المستقبل، ويأساً من فقدان وظائفهم ولقمة العيش الكريم. أقولها بالفم الملآن، ليس أي إنقاذ ممكناً إن ظل البعض مستسهلاً العبث بالأمن والشارع، وتجييش العواطف الطائفية والمذهبية، ووضع العصي في الدواليب، والتناغم مع بعض الأطراف الخارجية الساعية إلى جعل لبنان ساحة لتصفية الحسابات، وتحقيق المكاسب، عبر تجويع الناس، وترويعهم، وخنقهم اقتصادياً».

 وقال «إن ظننا أن الانهيار يستثني أحداً فنحن مخطئون، أو الجوع والبطالة لهما لون طائفي أو سياسي فنحن واهمون، أو العنف في الشارع هو مجرد خيوط نحركها ساعة نشاء ونوقف حركتها بإرادتنا، فنحن غافلون عن دروس الماضي القريب، كما عن دروس المنطقة والجوار».

وشدّد على أنه «أمام التحديات المصيرية التي يعيشها لبنان، وفي ظل الغليان الإقليمي والأمواج العاتية التي تضرب شواطئنا، والمخاطر التي قد تنشأ عما يعرف بقانون قيصر، فإن الوحدة حول الخيارات المصيرية ضرورة. وما هدفنا اليوم من هذا الاجتماع إلاّ تعزيز هذه الوحدة ومنع الانفلات».

وختم «إن الاختلاف في الرأي حق إنساني، ومحفِّز فكري، ولكن علينا أن نكون يداً واحدة في مواجهة الفتنة وتحصين السلم الأهلي كي لا ندخل في نفق لا خروج منه. هذا هو الخط الأحمر الحقيقي والذي لن يكون هناك أي تساهل مع من يحاول تجاوزه، والسلام».

دياب

 ثم تحدث دياب، فشكر لعون «هذه الدعوة التي تحمل في طياتها درجة عالية من المسؤولية الوطنية في الدفع نحو التقاء اللبنانيين في حوار يعطّل صواعق الفتن ويفتش عن مخارج للأزمات العميقة التي يعيشها لبنان»، مشيراً إلى أن «اللبنانيين يتطلعون بقلق إلى المستقبل، لأن الحاضر مرتبك، ولأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية تترك خلفها ظلالاً سوداء، ومآسٍ مؤلمة».

وقال «نعم، البلد ليس بخير. كيف يمكن أن يكون الوطن بخير وهناك مواطن يجوع؟! نعم. هذا توصيف للواقع المزمن، ولكن العلاج هو مسؤولية وطنية، ليس فقط مسؤولية حكومة جاءت على أنقاض الأزمة، وتمكّنت من تخفيف الوطأة على الاحتياطي واحتواء تداعياته، عندما قرّرت بجرأة التوقف عن دفع الديون والتي كانت تبلغ نحو 4.6 مليار دولار هذه السنة. تخيّلوا النتيجة لو دفعنا من احتياطي لبنان هذا المبلغ. أيضاً العلاج ليس فقط مسؤولية الحكومات السابقة التي كانت تخفي الأزمة، ثم جاءت هذه الحكومة لتكشف بجرأة وشفافية أرقام الخسائر المالية المتراكمة في سياق خطة مالية إنقاذية هي الأولى في تاريخ لبنان».

وأكد أن «الكل اليوم معني بالمساهمة في ورشة الإنقاذ. ليس لدينا ترف الوقت للمزايدات وتصفية الحسابات وتحقيق المكاسب السياسية. لن يبقى شيء في البلد للتنافس عليه إذا استمر هذا الشقاق والقطيعة والمعارك المجانية. نحن نمرّ في مرحلة مصيرية من تاريخ لبنان، وهي تحتاج منّا إلى تضافر الجهود، وتقديم مصلحة البلد، وتعويم منطق الدولة، كي نتمكّن من تخفيف حجم الأضرار التي قد تكون كارثية».

ورأى «أن اللبنانيين لا يتوقعون من هذا اللقاء نتائج مثمرة. بنظر اللبنانيين، هذا اللقاء سيكون كسابقاته، وبعده سيكون كما قبله، وربما أسوأ. لا يهتم اللبنانيون اليوم سوى بأمر واحد: كم بلغ سعر الدولار؟(…). لم يعد يهمهم ما نقول. يهمهم فقط ماذا سنفعل». وقال «أقرّ وأعترف: ليس لكلامنا أي قيمة إذا لم نترجمه إلى أفعال تخفف عن اللبنانيين أعباء وأثقال يومياتهم. يريد اللبنانيون حمايتهم من الغلاء الفاحش، وتأمين الكهرباء، وحفظ الأمان والاستقرار. يريد اللبنانيون من القضاء أن يتحرّك ضد الفساد والفاسدين. يريد اللبنانيون من مصرف لبنان أن يضبط سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية وحفظ قيمة رواتبهم ومدخراتهم من التآكل. هذا ما يريده اللبنانيون، وهذا ما يفترض أن نكون جميعاً مسؤولين عن تحقيقه».

ودعا إلى أن «يكون هذا اللقاء هو بداية عمل وطني واسع، تنبثق عنه لجنة تتابع الاتصالات تحت قبة المجلس النيابي، مع جميع القوى السياسية والحراك المطلبي وهيئات المجتمع المدني، على أن ترفع توصيات إلى هذا اللقاء مجدداً برعاية فخامة رئيس الجمهورية».

برّي

بعد ذلك كانت المداخلة الأولى للرئيس برّي فركّز في على أهمية معالجة الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى انه لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة.

وجدّد مطالبته باستحداث لجنة طوارئ مالية لمعالجة هذه الأوضاع ولفت إلى أن «مجموعة الدعم الدولية للبنان كانت أقرّت في نيسان 2018 دعماً للبنان بقيمة 11 مليار دولار بشرط إقامة الإصلاحات لكن لم يُنفذ شيء من هذه الاصلاحات ووصلنا إلى صندوق النقد الدولي الذي يطلب بدوره منا إصلاحات

واعتبر أن على الحكومة في المرحلة المقبلة أن تركز على الإصلاحات، مؤيداً دعوة الوزير السابق جبران باسيل إلى ضرورة الوصول إلى الدولة المدنية التي اعتبر أنها ليست ضد الدستور، بل يمكن من خلال دستور الطائف تطوير الأوضاع للوصول إلى الدولة المدنية. كما أيّد بري ما قاله رئيس الجمهورية عن الاستقرار الأمني والسلم الأهلي.

 وخلال اللقاء، كانت مداخلة لسليمان الذي دعا للعودة إلى اعلان بعبدا متهماً حزب الله بنقضه.

الفرزلي

وردّ الفرزلي على سليمان في ما يرتبط بمزاعم الأخير حول نقض اتفاق بعبدا، وقال الفرزلي «لم يكن بودّي أن أقوم بهذه المداخلة، خصوصاً بعد أن استمعنا الى الأسباب الموجبة التي دفعت الرئاسة للدعوة إلى هذا الاجتماع خصوصاً بوجود دولة الرئيس نبيه برّي الذي بذل ما يجب كعادته تسويقاً وتنفيذاً لهذه الأسباب الموجبة التي أدليت بها. لكنني بعد أن استمعت الى الرئيس سليمان لا بدّ لي أن أقوم بالمداخلة التالية: «أنا لست هنا بصدد مناقشة موقف حزب الله، وهناك من يمثله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، ولن أكون مسيحياً أكثر من بولس الرسول أو مسلماً أكثر من أبي ذر الغفاري. لكنني أريد أن أقول بخصوص ما يتعلق بنقض إعلان بعبدا الذي تعاطفت معه شخصياً لأننا نتمنى أن يكون لبنان خارج كلّ الصراعات السياسية والاستراتيجية وخلاف ذلك، مع أنّ تاريخه لم يكن لحظة من اللحظات كذلك. ولكني أذكر تماماً كمواطن لبناني في حينه أنّ اتفاق بعبدا قد ابتُدِئ به عندما سُمح للبنان وبظل وجود الرئيس السابق ميشال سليمان أن يكون ممراً ومقراً للعمليات الارهابية في لبنان وسورية واستعمل لبنان ممراً ومقراً لتهريب السلاح ذهاباً وإياباً من الأدلة الثبوتية لذلك ما يجعل هذا الكلام غير قابل للنقاش».

أضاف «لذلك نقض الاتفاق عبر الدفاع في وجه العلميات الإرهابية في سورية كان ردّ فعل لفعل سابق أنكرناه نحن كفراً وجحوداً وأقررتم أنتم به خيراً ومعروفاً. وأذهب إلى أبعد من ذلك لأقول إن التغنّي بأنّ السلم الاهلي غير مهدّد من بعض الأصوات التي ترتفع من هنا وهناك هو كلام يا دولة الرئيس ونحن من خبرتنا الأيام في مسائل السلم الأهلي والصراعات الطوائفية في لبنان مع المكونات السياسية وغيرها، نحن نعلم أنه لا يوجد إرادة ذاتية عند اللبنانيين للاقتتال ولكن هذا لم يكن سبباً لمنع الاقتتال في أي لحظة من لحظات الإخلال بالسلم الأهلي».

جنبلاط

من جهته، قدّم جنبلاط، مذكرة من الحزب التقدمي الإشتراكي واللقاء الديمقراطي «تشمل كل العناوين الأساسية التي لا بد من مقاربتها للخروج بحلول حقيقية للأزمة الراهنة»، على ما قال. وأضاف «نحن كلقاء ديمقراطي وكحزب قناعتنا انّ الحوار هو الحلّ الوحيد لمعالجة الخلافات السياسية وإخراج لبنان من هذه الأزمة الكبيرة التي يمرّ بها. ونتمنى بَذلْ كل الجهود لجمع الاحزاب والقوى التي قاطعت اليوم الحوار».

 وأضاف «لقد وضعنا تصوراتنا للإنقاذ في وثيقة سياسية اقتصادية اجتماعية معيشية فيها رؤيتنا للمبادئ الأساسية التي من الضروري التركيز عليها، ومنها الحفاظ على اتفاق الطائف وعروبة ووحدة لبنان ضد كل المحاولات الداخلية والخارجية لتقسيمه. ومن الضروري أيضاً التركيز على المعالجات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤمّن العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة».

باسيل

 من جانبه، شدّد باسيل على أن «من يعتقد أنّه برفضه حواراً، يعرّي حكومة أو عهداً أو مجموعة، إنمّا يعرّي لبنان من جوهر وجوده، خصوصاً إذا كان هدف الحوار منع الفتنة، من خلال الإتفاق على وقف التحريض الطائفي ووقف التلاعب بالأمن، ومن يرفض الحوار إنّما يدلّ على نواياه بتعطيل الإنقاذ».

وفي الملف المالي قال باسيل «الكلمة السحريّة هي «الثقة»، وهي مطلوبة من الداخل من شعبنا، ومن الخارج من الدول الصديقة من دون ثقة، لا نحلم بحلّ، ولا يمكن استعادة الثقة بنفس السياسات والأشخاص الذين تسبّبوا بفقدانها».

 وأضاف»من دون ثقة، لا تطلبوا من الناس شيئاً، ولا يمكن استعادة الثقة من دون محاربة جديّة للفساد، ومن دون استعادة أموال منهوبة وموهوبة، ومن دون تخفيض الفوائد وجعل الاقتصاد يدور مجدداً ويخلق فرص العمل». وتابع»لا يمكن استعادة الثقة وأموال المودعين تتبخّر في المصارف، ولا يمكن استعادتها من دون اقتصاد حرّ وقطاع خاص فاعل، وشرط الثقة هو إجراء إصلاحات بنيويّة في ماليّتنا العامّة، فالإصلاحات ثمّ الإصلاحات هي مفتاح الحلّ وهي معروفة».

واعتبر أنه «لا يجوز للحكومة أن تنتظر تحديد الخسائر، أو إجراء التدقيق التشريحي، أو إنهاء التفاوض سلباً أو إيجاباً، بل عليها أن تبدأ، بالتعاون مع المجلس النيابي، بإقرار الإصلاحات فوراً من دون انتظار، وبصراحة، هناك انخفاض ملحوظ في انتاجيّة الحكومة، وهي كما الدراجة الهوائيّة، تقع في أي لحظة تتوقّف عن التحرك».

 ولفت إلى أن «قانون قيصر» يؤدّي «لعزلنا عن شرقنا ونحن عرب وشرقيون ومشرقيون، وهذا لن يتحقّق لأنّنا لا نريده، بل قد تأتي نتائجه عكسيّة، لأنّه سيدفعنا لإدارة ظهرنا للغرب، ونحن توافقنا منذ البداية وفي الطائف على إبقاء وجهنا باتجاه الغرب فيما نحن مزروعون بالشرق، وهذا ما نريد البقاء عليه».

بقرادونيان

بدوره شدّد بقرادونيان على «أننا دائماً نعتبر رئاسة الجمهورية الموقع الجامع والراعي للحوار»، معرباً عن أسفه «لغياب بعض القيادات ورؤساء الكتل عن هذا اللقاء الذي هو بمثابة جرس الإنذار ليس فقط للخروج من الأزمة الساسية، الاقتصادية، والمالية لا بل بعدم تكرار الماضي والوقوع في فتنة وحرب أهلية جديدة».

وأكد أن «بمجرد العودة إلى الأجواء الطائفية والمذهبية، تذكرنا أننا لم ننجح حتى الآن بمعالجة أسباب حرب الآخرين في لبنان منذ 1975 ونعود لنستذكر خطاب الحرب والمدافع، والعناوين نفسها».

وأضاف «عندما نتحدث عن الحرب نؤكد أن ليس بالضرورة استعمال السلاح الحربي، سلاح اللسان أقوى من الرصاصة، ولذا علينا أن نتحمل المسؤولية ونضع حداً للمواقف النارية التي ربما تساعد في وقت ما لتحقيق مصالح آنية ولكن في النهاية تدمر ما تبقى من الوطن».

وتابع «اليوم في هذا اللقاء الوطني نحن أمام خيارين إمّا الفتنة والحرب أو الحوار والعمل الهادىء والموزون، وكنا نتمنى من شركائنا في الوطن وبعيداً عن المواقف عالية النبرة أو المناكفات الحزبية والشخصية، أن نجلس سوياً هنا ونتكاتف في إيجاد الحلول خطوة للوصول إلى حل المسائل الكبرى».

وختم «بإسم كتلة نواب الأرمن، بإسم كل من نمثل أقول أنه دائماً ومنذ الاستقلال كان خيارنا الحوار، وسنظل نؤمن بهذا الخيار، مهما طال الزمن ومهما دفعنا الثمن لأن الخيار الثاني هو خيار الفتنة والحرب أي خيار دمار الوطن».

أرسلان

 واعتبر أرسلان أن «مقاطعة الحوار تزيد الأزمة حدة ولا تفيد أحداً»، مؤكداً أن «كلمة الرئيس عون تختصر كل شيء ويمكن اعتبارها وثيقة لأنها تضع الاصبع على الجرح».

ودعا الحكومة «التي يجب ان تكون متراصة ولديها مشروع موحد، إلى عدم التردد بل الإقدام لا سيما أنّ لبنان مستهدف ويجب أن تتوحد الجهود لمواجهة هذا الاستهداف»، كما دعا إلى إجراءات تضع حداً لتقلت سعر الدولار.

 وأثار موضوع النزوح داعياً إلى تنفيذ الخطة التي وضعت في الحكومة السابقة والاتفاق مع الدولة السورية على إعادة النازحين . كما دعا إلى الاتفاق على أي نموذج للبنان نريد، وتساءل «هل المطلوب انقاذ البلد سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وإذا كان الجواب إيجاباً فيجب اتخاذ قرارات جريئة والا نبقى ندور في الحلقة المفرغة وعلينا التقدم خطوات»..

كرامي

 وألقى كرامي كلمة استذكر فيها كلمات الرئيس الشهيد رشيد كرامي في الحثّ على الحوار، وتحدث عن أحداث طرابلس الدامية واستهداف نواب المدينة ثم المؤسسات الرسمية والخاصة والمصارف وكذلك الاعتداء على الجيش وقوى الأمن الداخلي، داعياً إلى معالجة الوضع معالجة مباشرة. ولفت إلى غلاء الأسعار ما يؤثّر على وضع العائلات الفقيرة وتدني سعر الليرة، داعياً إلى اتخاذ إجراءات تهدئ الناس «خصوصاً أننا نسمع بإجراءات تتخذ بالبنزين والمازوت والغاز».

(التتمة ص 9)

وقال «يبدو أن قرار تحييدنا عن أزمات المنطقة قد انتهى. فنحن اليوم في قلب الأزمة الدولية والإقليمية الكبرى تحديداً نحن في قلب قانون قيصر الذي يستهدف سورية ويطحن لبنان. نحن في قلب صفقة القرن التي تستهدف فلسطين ولبنان أحد ممراتها الإلزامية. علينا أن نعي هذا الواقع المستجد لكي نتمكن من أن نتصرف على هذا الاساس. ما الذي يمنعنا من الكلام وبصراحة مع الدولة السورية ونحن نستجر منها الكهرباء، وشاحناتنا تمر عبر سورية لتصل إلى الدول العربية. الحدود الوحيدة للبنان هي سورية وعلينا أن نعترف بهذه الحقيقة رغم قانون قيصر، خصوصاً أن هناك أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضينا أوضاعهم بحاجة إلى تسوية، ولا مفر من الحوار مع الجانب السوري بخصوص هذا الشأن، وكلنا نعلم أن الدول الاوروبية والدول والمنظمات المانحة ستخفف إن لن توقف المساعدات والتقديمات إلى اللاجئين، فكيف سنتدبر الأمر ونحن لا نستطيع تأمين الكهرباء لأنفسنا من دون الكلام المباشر مع السوريين؟».

ورأى أن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي هو السبيل الوحيد لحماية لبنان.

 البيان الختامي

وصدر عن اللقاء بيان تلاه الوزير السابق سليم جريصاتي وجاء فيه «ناقش المجتمعون الأوضاع العامة في البلاد، ولا سيما الوضع الأمني بعد التطورات التي حصلت قبل أسبوعين في كل من بيروت وطرابلس، وأجمعوا على الآتي:

أولاً: إن الاستقرار الأمني هو أساس لا بل شرط للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي والنقدي. أما التصدي للفتنة، والشحن الطائفي والمذهبي، تحضيراً للفوضى فهو مسؤولية جماعية تتشارك فيها جميع عناصر المجتمع ومكوناته السياسية.

وبناء عليه، يدعو المجتمعون إلى وقف جميع انواع الحملات التحريضية التي من شأنها إثارة الفتنة وتهديد السلم الأهلي وزعزعة الاستقرار الأمني الداخلي الذي تحقق بفعل وعي المسؤولين عن مقدرات البلاد وجهود القوى العسكرية والأمنية، وتصديهم استباقياً وميدانياً، للإرهاب وخلاياه وفكره الإلغائي.

ثانياً: إن حرية التعبير مصانة في مقدمة الدستور ومتنه، على أن تمارس هذه الحرية بحدود القانون الذي يجرم الشتيمة والتحقير والمس بالكرامات وسائر الحريات الشخصية. إن الحرية سقفها الحقيقة ولا حد لها سوى حرية الآخر واحترام القانون.

ثالثاً: لا تستقيم الحياة الديمقراطية في نظامنا الدستوري البرلماني من دون وجود المعارضة لا سيما منها البرلمانية وحق التظاهر والتعبير يصونه الدستور والإعلان العالمي لحقوق الانسان؛ ذلك أن الشعب انما هو مصدر السلطات وصاحب السيادة، لكن المعارضة العنفية التي تقطع أوصال الوطن وتواصل أبنائه وتلحق الضرر بالممتلكات العامة والخاصة لا تندرج في خانة المعارضة الديمقراطية والسلمية، وفي زمن الأزمات الوجودية. على الحكومة والمعارضة التلاقي والعمل معاً لإنقاذ الوطن من أي خطر يتهدده.

رابعاً: يمر لبنان بأزمة معقدة ومتفاقمة، سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية وصحية مستجدة، إلاّ أنها لن تتغلب على إرادة اللبنانيين، ولن يكون الشعب هو المغلوب من جرائها. نستمد من تاريخ لبنان منظومة قيم أخلاقية ووطنية نركن إليها ونجد فيها ملاذاً آمناً يقينا التشرذم والتبعثر والتقاتل. هي أزمة أخطر من حرب، وفي زمن الأزمات الكبرى علينا جميعاً أن نرتقي بالعمل السياسي إلى المستوى الوطني، متجاوزين الاعتبارات والرهانات السلطوية. الشعب لا يعادي ذاته ولا يعادي وطنه، وعلينا جميعاً تحمل المسؤوليات الناجمة عن هذه المعادلة.

خامساً: التأسيس على هذا اللقاء للإنطلاق من بحث توافقي، من دون عقد أو محرمات، بل بإعلاء المصلحة الوطنية المشتركة كي نعالج بروح المسؤولية والتفاهم مفاصل الخلافات الكبيرة التي تؤجج انقساماتنا، فنسعى معاً إلى توحيد المواقف أو تقاربنا بشأنها، أقله حول المسائل الكيانية والوجودية التي تتعلق بوحدة وطننا وديمومة دولتنا ويندرج ضمن ذلك:

السبل الآيلة إلى معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية وتداعياتها الاجتماعية عبر اعتماد مسار نهائي للإصلاحات البنيوية (في ماليتنا العامة) واعتماد برنامج صندوق النقد الدولي في حال وافقنا على شروطه الإصلاحية لعدم تعارضها مع مصلحتنا وسيادتنا وعبر مكافحة الفساد بشكل جدي على حقوق المودعين وعلى نظامنا الاقتصادي الحرّ المنصوص عنه في دستورنا وجعله منتجاً.

–  التطوير الواجب اعتماده في نظامنا السياسي ليكون أكثر قابلية للحياة والانتاج وذلك في إطار تطبيق الدستور وتطويره لناحية سد الثغرات فيه وتنفيذ ما لم يتحقق من وثيقة الوفاق الوطني.

المسائل الأساسية التي تتعلق بالمصلحة اللبنانية العليا لناحية التأكيد على موقع لبنان ودوره في محيطه والعالم كجسر عبور بين الشرق والغرب ومكان تلاق للأديان والمعتقدات، وتداعيات كل ما يصيب هذا الدور من سياسات خارجية تؤثر على هويته (العربية) وعلى موقعه (الجامع)، كقانون قيصر ومسألة النزوح والتوطين وعملية إعدام القضية الفلسطينية، بما لها من تأثيرات تدميرية على النموذج اللبناني وتفاعله مع محيطه».

وكان قد سبق اللقاء اجتماع ثلاثي ضم الرؤساء عون​ وبري​ ودياب​.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى