الوطن

جريمة اغتيال الحريري استخدمت لتنفيذ الانقلاب في لبنان والمحكمة تجاهلت القرائن والفرضيات الجدية

} حسن حردان

بعد 15 عاماً تقريباً من تاريخ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وما ترتب عليه من انقلاب سياسي حصل اثر هذه الجريمة والاتهام الذي وجه الى سورية وحزب الله والضباط الأربعة زوراً وبهتاناً، أكدت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان انه لا أدلة على تورّط سورية وحزب اللهوأدانت المتهم سليم عياش استناداً إلى داتا الاتصالات الخليوية وهي حسب ما يقول ذوو الاختصاص أدلة ظرفية غير كافية للإدانة، وبرّأت بقية المتهمينلتعطي لحكمها بعضاً من المصداقية المطعون بها، لأنها أصلاً استندت إلى تحقيقات غير ذي صدقية، وتجاهلت عمداً الكثير من القرائن والفرضيات التي تشير إلى وجود أطراف أخرى قد تكون ارتكبت الجريمةمن هنا يمكن القول

أولاً، إنّ جريمة اغتيال قد تمّ توظيفها سياسياً، منذ اللحظات الأولى لارتكابها، وحققت الهدف المرجو منها وهو تنفيذ الانقلاب السياسي في لبنان،  بدعم أميركي واضح، أدى إلى إخراج القوات السورية من لبنان واستهداف المقاومة ومحاصرتها بالفتنة، التي جرت محاولات لإشعالها، لكنها فشلت بفضل وعي قيادة حزب الله

ثانياً، إنّ المحكمة الدولية لم تذهب في اتجاه التركيز على المستفيدين الحقيقيين من هذه الجريمة، الذين سارعوا إلى استغلالها وقاموا بانقلابهم السياسي فور حصول الجريمة، وتسبّبوا بحالة عدم الاستقرار والخسائر التي لحقت بالشعب اللبناني، بالأرواح والاقتصاد، إضافة الى الاضطراب المستمرّ الذي لا يزال يعيشه لبنان نتيجة هذه الاتهامات التي ثبت أنها مفبركة منذ الأيام الأولى بانكشاف شهادات الزور

ثالثاً، إنّ المحكمة استندت في حكمها إلى أدلة ظرفية من داتا الاتصالات الخليوية وهي غير معلوم مدى مصداقيتها، لا سيما انه تمّ اكتشاف تجسس اسرائيلي على الاتصالات وإمكانية التلاعب بها، فيما تحدث المحامون المختصون عن انّ هذه الأدلة غير كافية وهي أدلة ظرفية وانّ ايّ اتهام في هذه الجريمة يحتاج الى قرائن عملية

رابعاً، انّ المحكمة تجاهلت العديد من الفرضيات الجدية التي تؤشر وتبرهن على إمكانية ان تكون «إسرائيل» أو تنظيم القاعدة وراء ارتكاب الجريمة

1 ـ أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله قدّم  في شهر آب من عام ٢٠١٠، وعلى الهواء مباشرة، قرائن كان يمكن الاستفادة منها في التحقيق الدولي، وتثبت دور «إسرائيل» في مراقبة موكب الرئيس الحريري لفترة طويلة بوساطة طائرة استطلاع حتى قبيل تنفيذ جريمة الاغتيال، في حين أنّ «إسرائيل» من الدول التي رفضت التعاون التحقيق الدولي

ومع ذلك لم يكلف المدعي العام نفسه التدقيق بهذه القرائن وأخذها بالاعتبار لمعرفة حقيقة من اغتال الرئيس الحريري، لا سيما أنّ لـ «إسرائيل» مصلحة مباشرة في الاغتيال لإثارة الفتنة ضدّ حزب الله في سياق خطتها لتشويه صورته كحزب مقاوم ومحاولة النيل منه ومحاصرته ونزع سلاحه لكونه هزم الجيش الإسرائيلي وأجبره على الرحيل عن لبنان عام ألفين دون قيد ولا شرط

2 ـ اعترافات مجموعة الـ ١٣ التابعة لتنظيم القاعدة بالوقوف وراء التخطيط لجريمة الاغتيال، وهي المجموعة التي ينتمي اليه المدعو أبو عدس والذي اعترف في شريط فيديو بمسؤوليته عن التفجير الانتحاري.. لم يعر المدعي العام ولا التحقيق الدولي ايّ اهتمام لمثل هده الاعترافات الموثقة

3 ـ الشهود الزور الذين انكشف دورهم في تضليل التحقيق والتسبّب في إلحاق الأذى الفادح بالضباط الأربعة، وخصوصاً الشاهد الملك محمد زهير الصديق وهسام هسام، لم تهتمّ المحكمة وقضاتها لأمرهم واستدعائهم لمعرفة لماذا أقدموا على ذلك ومن دفعهم للقيام بتلفيق الاتهامات وحرف التحقيق عن مساره، والتفكير بفرضيات أخرى غير اتهام الضباط الأربعة وسورية وحزب الله، وهو امر كان ليقود التحقيق إلى فتح نافذة حقيقية تكشف الجهات المستفيدة من الجريمة

إنّ تجاهل المحكمة لكلّ هذه القرائن والفرضيات والمعطيات والوقائع وتركيزها فقط على قرينة داتا الاتصالات للوصول إلى من ارتكب الجريمة، وإدانة سليم عياش بناء عليها، هو ما يدفع إلى وضع علامات الاستفهام، حول الغاية من ذلك، ما دفع محامي الشهيد مصطفى بدر الدين، أنطوان قرقماز إلى الاستنتاج بأنّ إدانة عياش كانت بمثابة جائزة ترضية للمدّعي العام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى