أولى

إعادة النظر في قرار متسرّع

 بشارة مرهج*

 

 في سياق الإجراءات المتخذة لتخفيض الإنفاق قرّرت الحكومة اللبنانية إلغاء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يلحق في بعض الإدارات الرسمية كفاءات علمية من خارج الملاك لدعم هذه الإدارات علمياً وتقنياً وتمكينها من رفع مستوى أدائها.

 وتبريراً لهذه الخطوة تزعم الحكومة انّ تمويل هذا البرنامج بالعملة الصعبة لم يعد ممكناً في الظروف الحالية فيما تمتنع هيئة البرنامج عن قبول التمويل بالليرة اللبنانية. وهنا يبدو الطرفان على حق ظاهرياً إذ أنّ الدولة لا تستطيع دفع رواتب الملحقين على أساس السعر المتداول للدولار في السوق الحقيقي لأنّ ذلك مكلف ويظهر فروقات شاسعة بين ما يقبضه هؤلاء وبين ما يقبضه موظفو الملاك الإداري مما يفاقم الإشكالات القائمة، في حين يتعذر على برنامج الأمم المتحدة القبول بالأمر، هذا الذي لا يتسق مع العقد الأصلي ولا يشكل حافزاً لقبول المعنيّين.

 لكن المطلع على أوضاع الإدارة اللبنانية المترهّلة والمعترف بحاجتها الماسّة الى الدعم التقني والعلمي يجد هذا القرار متسرّعاً ومن شأنه إضعاف الدولة في لحظة تحتاج فيها الى هذه الكفاءات لمواكبة مؤتمر «سيدر» والاتفاقيات الجديدة التي تجد الدولة نفسها مضطرة إليها في هذه المرحلة التي تشهد انهيارات غير مسبوقة في مختلف القطاعات.

 وبناء على ذلك كله نطرح المقترحات التالية بهدف الوصول الى تسوية معقولة للأمر تأخذ بين الاعتبار الأوضاع المالية المتردّية للدولة وحاجتها للتطوير واستكمال البرامجقيد التنفيذ في الإدارات والمؤسسات.

أولاً: دراسة إمكانية تخفيض عدد من الملحقين الذين لا يقدّمون إضافة نوعية وفق تقييم دقيق للأداء تقوم به لجنة متخصصة من الدولة والأمم المتحدة.

ثانياً: التواصل مع الأمم المتحدة ومطالبتها، في ضوء التطورات المأساوية الحاصلة في لبنان، إعادة النظر في موقفها والمساهمة بنسبة وازنة من الأعباء المترتبة على هذا البرنامج الانمائي بدلاً من تحميلها للدولة اللبنانية المتعثرة.

ثالثاً: دراسة إمكانية الدفع بالليرة اللبنانية على أساس (3500 ليرة لبنانية) مع الأخذ بعين الاعتبار مؤهّلات الملحقين الذين تحتاج إليهم الدولة فعلاً، علماً بأنّ هؤلاء يختلف وضعهم جذرياً عن موظفي الملاك إذ انهم يعملون ضمن دوام صارم يلزمهم العمل من التاسعة صباحاً حتى السادسة مساء طيلة خمسة أيام في الأسبوع دون أن تشملهم حقوق التقاعد أو الضمان او تعويض الصرف من الخدمة.

رابعاً: طرح الموضوع على بعض الجهات الشقيقة والصديقة المطلّعة عليه والمموّلة لبعض المشاريع التي جرى تنفيذها بواسطة هؤلاء الملحقين لعلّ بعضها يبادر الى المشاركة في إدامة هذا البرنامج لمدة خمس سنوات على الأقلّ لضمان تنفيذ هذه المشاريع الثمينة والحؤول دون انهيارها، علماً بأنّ كلفة هذا البرنامج الحيوي لا تتخطى الستة ملايين دولار يستطيع ايّ نائب او وزير متموّل ان يقدّمها بدون مشقة!

 انّ بذل جهود استثنائية لتأمين حلول بديلة عن إلغاء هذا البرنامج الحيوي تبدو ممكنة بدلاً من الاستسلام للأمر الواقع وإلحاق الضعف وربما الارتباك في عدد من الإدارات التي تعوّل على الخدمات والأعمال التقنية التي يقوم بها هذا الفريق الملحق وخاصة في وزارات التنمية الإدارية والتربية والعدلية والبيئة والمالية فضلاً عن المحاكم ودوائر السلطات العليا.

 وختاماً نلفت الحكومة، كما الرأي العام الى أنّ أعضاء هذا الفريق هم لبنانيون ومن حقهم على الدولة، التي وظفت 6000 آلاف شخص عشية الانتخابات دونما مبرّر او مسوغ قانوني، دراسة قضيتهم بانتباه ودقة وصولاً الى حلّ عادل لهم وللجميع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*وزير ونائب سابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى