اقتصاد

زمكحل: الشعب لا يحتمل عقوبات ولا يستحقها ولا بدّ من معالجة استباقية لوقف الدعم

سأل رئيس «تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم» الدكتور فؤاد زمكحل «ماذا سيحدث حين يتوقف الدعم؟ وقال: لنكن واقعيين، إذ نعلم يقيناً أن هناك معركة بين الدول العظمى ومعركة إقليمية ومعركة داخلية نعيشها اليوم، لذا نحن رهينة، وأقول بصوت عال جداً، إنّ هذا الدعم من قبل مصرف لبنان المركزي لن يستطيع أن يكمل مع الشعب اللبناني، إذ سيأتي وقت وينتهي مفعوله. وإذا انتهى الدعم من المركزي ولم نوفق بالدعم الدولي، بغية دعم الليرة اللبنانية، أو دعمنا بالدولار، فإنه لن يعود في مقدورنا أن نتابع دعم المواد الأساسيةالمحروقات والدواء والقمح. ومن الواضح أننا نشهد ضغوطاً دولية كبيرة جداً، لا سيما على السياسيين اللبنانيين، وفي الوقت عينه، يقوم هؤلاء السياسيون برمي الضغوط على الشعب اللبناني. كما أنّ الدول الكبرى تضغط على اللبنانيين، إذ بحسب رأي بعض الدول الكبرى، إذا وقع الضغط على الشعب فإنّ الأخير سينتفض على السياسيين».

وطالب زمكحل الدول الخارجية والمجتمع الدولي بدعم الشعب والأسر والشركات اللبنانية، إذ تستطيع هذه الدول أن تفصل بين دعم الشعب من جهة، ودعم السياسيين من جهة أخرى. هذا الشعب الذي بات رهينة، حيث لا يفترض أن يدفع ثمن الفشل والهدر والفساد من قبل السياسيين. وعلى دول الخارج أن لا تفرض عقوبات مباشرة على الشعب الذي لا يحتمل عقوبات ولا يستحقها أصلاً. لأنّ السياسيين شرعوا الفساد وموّلوا تبييض الأموال وغير ذلك، عدا أنهم تسببوا بإفقار الشعب».

وتحدث زمكحل عن «تداعيات وقف الدعم على السلع الاساسية المتوقعة قريباً»، وقال: «يعيش اللبنانيون منذ أشهر عدة تدهوراً كبيراً في نسب العيش في لبنان جراء التضخم الذي وصلت إليه البلاد بنسب كارثية، فضلا عن زيادة الاسعار إلى ما فوق الـ 300%، وأيضاً زيادة في الكلفة الثابتة والتشغيلية والمعيشية الموجودة في لبنان، وفي الوقت عينه فإنّ القيمة الشرائية في لبنان تدهورت بنسبة 70% – 80%، بمعنى أنّ مداخيل الأفرادفي ما تبقى من مداخيلخسرت نسبة كبيرة من قيمتها. إذاً، لدينا تضخم يزيد ثلاثة أضعاف، فيما المدخول انخفض بنسبة الثلثين، وهذا يعني أننا نشهد أزمة اقتصادية وإجتماعية ومالية ونقدية خانقة وكارثية تكاد لا تحتمل».

وأضاف: «أما الأسس الثلاثة التي لم تتأثر مباشرة جراء التضخم حتى الآن، فهي المحروقات والبنزين بشكل خاص، الذي يستورد من الخارج ولا يزال مدعوماً حتى تاريخه من مصرف لبنان، والدواء المدعوم بنسبة 85% من الدولار الذي لا يزال متوافراً في مصرف لبنان أيضاً وبنسبة 15% من المستوردين، والقمح أي الخبز، فالكلفة المباشرة على المواطنين لم ترتفع كثيراً حتى تاريخه حيال هذه المواد الأساسية. لكن إذا توقف الدعم كما سبقت الإشارة، فإن الكلفة المتوقعة على المواطنين حيال الأسس الثلاثة الأساسية المعيشية، وهي البنزين والخبز والدواء، ستزداد 3 مرات على الأقل، 300%، أي أن الأسعار سترتفع على هذه المواد بين 3 أضعاف و4 أضعاف. وماذا يعني الدعم؟ نسمع أن الدعم يمكن أن يتوقف خلال أشهر عدة، شهرين أو ثلاثة أشهر أو خمسة أشهر. وهذا يعني أن الدعم سيتوقف في نهاية المطاف.

والسبب يعود إلى أن السيولة المتوافرة لدينا بالدولار لن تبقى إلى الأبد، كي يستطيع المركزي أن يدعم المواد الأساسية الآنفة الذكر، وفي الوقت عينه، فإن قسماً من السيولة المتبقية للدعم حتى تاريخه، نلاحظ أنها تذهب هدرا، نتيجة تهريب كميات كبيرة من المحروقات والقمح وحتى الدواء إلى خارج الحدود اللبنانية».

وتابع زمكحل: «هذا يعني، إذا تابع مصرف لبنان دعمه للمواد الأوليّة المشار إليها، ستزداد المشكلة جراء تبخر الدولارات المتوافرة في المركزي، وفي الوقت عينه في حال توقف الدعم، فإن المشكلة ستكون أكثر تفاقماً، باعتبار أن الكلفة ستزداد على المواطنين، بنسب عالية جداً، وهذا يعني أنه لم يعد في مقدورنا كمواطنين أن نتابع حياتنا اليومية. ما هو الحل؟ نعرف جيداً، أن لبنان لا يطبع العملة الصعبة أي الدولار الأميركي، إنما يطبع الليرة اللبنانية العملة الوطنية، فإذا أردنا أن نحد من الأزمة الراهنة من خلال طباعة الليرة اللبنانية، فهذا يعني أن المشكلة ستبقى قائمة، وأن التضخم سيتفاقم على نحو قد نفقد معه قيمة الليرة اللبنانية على نحو أكبر مما سبق ولن نستطيع أن نستورد المواد الأولية أبداً. والحل الوحيد الذي يمكن أن يكون متوافراً في الوقت الراهن، هو من خلال الدعم الدولي، إما بالسيولة النقدية بالدولار أو بالأورو، أو دعم المواد الثلاث، او الدعم المباشر للمواد الثلاث. وقد لاحظنا مؤخراً زيارات مباشرة للبنان من قبل رؤساء دول أجنبية ولا سيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد من المسؤولين الأميركيين وغيرهم، لكن لم يصدر عن هؤلاء أي تصريح رسمي بإمكانية دعم هذه المواد الأساسية في لبنان حتى تاريخه».

وأردف: «لماذا؟ لسببين، الأول، زيادة الضغط على لبنان وخصوصاً على السياسيين فيه، والثاني، لم يعد المجتمع الدولي يثق بالمسؤولين اللبنانيين، باعتبار أنه في حال قدّمت الدول الأجنبية دعماً للمواد الأولية في لبنان، فإن مبالغ الدعم ستذهب هدراً مرة أخرى، لأن السلطة الحاكمة والسياسيين الفاسدين وحدهم مَن سيستفيد من هذا الدعم، وليسوا المواطنين، أسوة بالمساعدات الدولية الأخرى التي دخلت لبنان قبلا. وبناء عليه، من غير الممكن طبع الليرة، ولا إمكان للمساعدات الدولية للبنان، في الوقت الذي نتجه فيه يوما بعد يوم نحو رفع الدعم نتيجة فقدان السيولة في المركزي. هذا يعني مرة أخرى، أن الشعب والأسر والشركات اللبنانية، وكل شخص في لبنان هو رهينة، فيما المجتمع الدولي فقد الثقة بالسياسيين في لبنان».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى