الوطن

عون: سأتحمّل مسؤولياتي في التكليف والتأليف
وبوجه من يمنع الإصلاح وبناء الدولة

 

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أنه  سيبقى يتحمّل مسؤولياته في التكليف والتأليف «وفي كل موقف وموقع دستوري وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة». متسائلاً «هل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح؟». وأشار إلى أنه قال كلمته ولن يمشي وسيظل على العهد والوعد، معتبراً أن «الوضع المتردّي الحالي لا يمكن أن يستمر بعد اليوم أعباء متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين».

مواقف الرئيس عون أتت في رسالة وجهها إلى اللبنانيين والنواب أمس واستهلها بالقولرأيت من واجبي اليوم، انطلاقاً من قسمي ومن مسؤوليتي الدستورية ورمزية موقعي، أن أتوجّه إلى الشعب اللبناني كما إلى نواب الأمّة، من منطلق المصارحة الواجبة خصوصاً على مشارف الاستحقاقات الكبرى التي يتم فيها رسم خرائط وتوقيع اتفاقيات وتنفيذ سياسات توسعية أو تقسيمية قد تغير وجه المنطقة”.

وأضافلقد شهدت منطقتنا تغيّرات سياسية كثيرة وعميقة بفعل عوامل إقليمية ودولية، وهذه التغيّرات لم تظهر كل نتائجها بعد على صعد كثيرة، وقد تقلب الأمور رأساً على عقب. من هنا السؤال المصيري والحتمي: أين نحن وأين موقع لبنان وما هي السياسات التي علينا أن ننتهج إزاء هذه التغيرات والتفاهمات المحورية الكبرى، كي لا يكون لبنان متلقياً وغير فاعل فيما نشهده، فيغدو فتات مائدة المصالح والتفاهمات الكبرى؟”.

وتابعفي سياق آخر، تدعوني تلك المصارحة إلى أن أقول لكم إنني أعيش وجع الناس وأتفهم نقمتهم لكن الحقيقة توجب علي أن أذكر بأن بعضاً ممن حكم لبنان منذ عقود، ولم يزل بشخصه أو نهجه، قد رفع شعارات رنّانة بقيت من دون أي مضمون، وكانت بمثابة وعود تخديرية لم ير الشعب اللبناني منها أي إنجاز نوعي يضفي على حاضره ومستقبله اطمئناناً، فبقي الإصلاح مجرد شعار يكرّره المسؤولون والسياسيون وهم يضمرون عكسه تماماً، ينادون به ولا يأتون عملاً إصلاحياً مجدياً، بل يؤمّنون مصالحهم السلطوية والشخصية بإتقان وتفانٍ، حتى وصل بنا الأمر إلى أن أصبح الفساد في لبنان فساداً مؤسساتياً منظّماً بامتياز، متجذّراً في سلطاتنا ومؤسساتنا وإداراتنا”.

وسألما هي الحال الاجتماعية لشعبنا في ظل غياب منظومة الحماية الاجتماعية الشاملة، المعروفة بضمان الشيخوخة، والتي وضعتُ اقتراح قانون بشأنها، إبّان عودتي من الإبعاد، لم يجد بعد طريقه إلى الإقرار؟ أين التقديمات الطبية والعلاجية والاستشفائية الشاملة لشعبنا، وقد ضاقت به الأحوال بفعل إهمال وضع أي سياسة اجتماعية ناجعة تقيه غدر الزمن؟ أين نحن من رفع الدعم على موادنا الحيوية التي نستورد معظمها ولا نضبط استفادة شعبنا من دون سواه منها؟ أين الاقتصاد بعد أن أكل ريعه مدخرات اللبنانيين وجنى عمرهم، في حين أننا كنا ننادي وما زلنا بالاقتصاد المنتج؟ أين الخطة الاقتصادية ومن أفشل تطبيقها؟ أين برنامج الاستثمار العام   «CIP»  ومن أبقاه حبراً على ورق؟ أين الخطط الإنمائية القطاعية التي وضعها مؤتمر «CEDRE» ومن تقاعس عن تنفيذها؟ أين خطة الكهرباء التي تنام في الأدراج منذ سنة 2010 ولم يحدّد لها أي اعتماد أو إطار تنفيذي بالرغم من إصرارنا عليها كي لا يظلّ اللبنانيون أسرى العتمة وكلفة المصادر المتعدّدة للطاقة المحرزة؟”.

وتابعأين خطة السدود من تجميع ثروة لبنان الطبيعية، المياه، التي تنبع من جوف أرضنا وتذهب سدى من أنهرنا إلى بحرنا؟ في بدايات عهدي، أيقظت مراسيم الاستكشاف والتنقيب عن الغاز في بحرنا بعد سبات عميق، والغاز ثروة طبيعية لها حجمها وآثارها الإنقاذية لأوضاعنا الاقتصادية المتردية، في حين أن التشكيك لا يزال سائداً لدى مروجي التشاؤم من بعض من يتولّى الشأن العام”.

وأردفأين سائر مشاريع الإصلاح؟ اين الـ47 بنداً التي عُرضت على رؤساء الكتل والأحزاب جميعاً في لقاء جامع في قصر بعبدا، فاعتُمد جزء كبير منها ولكن لم ينفّذ شيء؟ لماذا تمّ الهروب من تحمّل المسؤولية وإقرار مشاريع الإصلاح؟ ولمصلحة من هذا التقاعس؟ وهل يمكن إصلاح ما تمّ إفساده باعتماد السياسات ذاتها؟ أين اقتراحات قوانين الإصلاح من استعادة الأموال المنهوبة والتحقيق التلقائي في الذمّة المالية للقائمين بخدمة عامّة والمحكمة الخاصة بالجرائم المالية؟ أين نحن من هدر المال العام والحسابات المفقود أثرها في وزارة المال ومشاريع قطوعات الحسابات؟ أين نحن من هيئة الإغاثة ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب والمؤسسات العامة غير المنتجة، والتي توافقنا على إلغائها لوضع حدّ للنزيف المالي الحادّ فيها ومن جرّائها؟ أين نحن من مبادرة الإنقاذ مما حلّ بنا، سواء اقتصادياً أو اجتماعياً أو نقدياً أو مالياً أو لجهة إعادة إعمار بيروت بفعل انفجار المرفأ المأسوي؟ أين نحن من برامج المساعدة ومن المبادرة الفرنسية الاقتصادية الإنقاذية والمباحثات مع صندوق النقد الدولي ومساهمات مجموعة الدعم الدولية في عملية الإنقاذ؟ أين القضاء من سطوة النافذين؟”.

كما سألأين نحن من التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، وهو قرار حكومي يهدف إلى معرفة أسباب الانهيار الحالي وتحديد المسؤولين عنه من فاعلين ومتدخّلين ومشاركين؟ هذه التجربة الرائدة أتى من يعترض عليها ويعرقلها ويناور لإفشالها، معتبراً أنصمت أي مسؤول وعدم تعاونه بمعرض التدقيق الجنائي، إنما يدلان على أنه شريك في الهدر والفساد. فهذه التجربة، إذا قُدّر لها النجاح، ستنسحب على الوزارات والمجالس والصناديق والهيئات واللجان والشركات المختلطة كافةً من دون استثناء، وسوف تسمح بتحديد المسؤوليات وانطلاقة الإصلاحات اللازمة وصولاً الى إزاحة الفاسدين فمن يجرؤ على توقيفها؟”. وقالكيف يُمكن أن ندّعي الإصلاح ومحاربة الفساد ونعطّل في الوقت نفسه أهم إجراء يمكّننا من كشف مكامن الفساد وأسبابه والفاسدين؟ وهل يمكن أن يسكت اللبنانيون، شعباً ونواباً وإعلاماً عن ذلك؟ أيها اللبنانيون، اليوم مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح؟”.

وتوجه إلى النواب قائلاًهذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانية باسم الشعب الذي تمثّلون، وأنتم اليوم مدعوون باسم المصلحة اللبنانية العليا لتحكيم ضميركم الوطني وحسّ المسؤولية لديكم تجاه شعبكم ووطنكم، ولا سيما أنه مر عام على 17 تشرين وما يحمل من دلالات غضب المواطنين ومن رفعهم شعاركلن يعني كلن، ما يشمل الصالح والطالح منّا”.

أصافقلت كلمتي ولن أمشي، بل سأظلّ على العهد والوعد، وأملي أن تفكروا جيداً بآثار التكليف على التأليف وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدولية، ذلك أن الوضع المتردّي الحالي لا يُمكن أن يستمرّ بعد اليوم أعباء متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين”.

وختمسأبقى أتحمّل مسؤولياتي في التكليف والتأليف وفي كل موقف وموقع دستوري وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة”.

حوار مع الصحافيين

ثم دار حوار بين الرئيس عون والصحافيين المعتمدين في قصر بعبدا، فقال رداً على سؤالأنا لم أطالب بأي نوع من الحكومات، ولم أحدّده، فالاستشارات هي التي تحدّد شكل الحكومة”.

وأكد أنهبعد تشكيل الحكومة سنعقد اجتماعاً لبحث الاستراتيجية الدفاعية في قصر بعبدا”.

وحول الكلام عن مصير مجهول بعد عملية تكليف رئيس جديد للحكومة اليوم، ردّ عون متسائلاًلماذا المصير مجهول؟ عندما ننتهي من الاستشارات نرى بنتيجتها من ستتم تسميته حسب أصوات النواب الذين سيختارونه، وأنا لا أضع أيفيتوعلى أحد، مضيفاًلقد خسرت سنة و14 يوماً حتى الآن من عهدي بسبب تأليف الحكومات السابقة التي كانت برئاسة الرئيس سعد الحريري. وقامت قيامةالجميع علي لأنني أخّرت الاستشارات أسبوعاً، وقلت له إن هناك مشاكل أحاول أن أحلها، والآن عدّدت هذه المشاكل”.

واعتبر أنه إذا تأخّر في الدعوة إلى الاستشارات يصبح متهماً ولا يقف أحد عند مسألة ضمان تنفيذ الإصلاحاتفعند تأخير الاستشارات النيابية أسبوعاً لحل بعض المشاكل، اتهمنا بالعرقلة،  وصاحب العلاقة يعلم تماماً سبب اتخاذنا هذا القرار”.

وعن عدم قيامه بمبادرة لجمع التيار الوطني الحرّ  مع تيار المستقبل، أوضح أنالمبادرات حصلت من أصدقاء مشتركين بين الإثنين وما زبطت، وأنا من موقعي أُصبح طرفاً إذا تدخلت، وقد يجعلني البعض طرفاً ولو كنت حكماً”.

وقال رداً على سؤالكانت الطريقة سابقاً تقضي بالوصول إلى تسوية لمنع المشاكل والحفاظ على الاستقرار، إنما اليوم هذه السياسة لم تعد تصلح، ويجب علينا البحث عن الحقيقة ودعمها وأن نواجه الباطل. لم يعد من المجدي الاستمرار في الأسلوب نفسه، ومن يحب شعبه ويريد العمل فعليه التغيير، ولن نقبل بغير ذلك”.

وأكد أنه يستند في كل قراراتهإلى الدستور ومواده، والتي لا تكون شعبية في بعض الأحيان، فيما من ينتقد يكون أحياناً غير ملمّ بالدستور”.

وعن صعوبة الوضع الحالي وإمكان وجود أمل بالخروج منه، أكد أن “المرحلة قاسية جداً فأنا لا يمكنني التشريع ولا التنفيذ بل التوجيه وقمت بما علي في هذا المجال، ورغم ذلك يحملونني المسؤولية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى