أولى

حرب فضربة فعمليّة

طبّلت وزمّرت وسائل الإعلام الخليجية لمشروع حرب يشنها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب وتقلب معادلات المنطقة، انطلاقاً من خبر قيام ترامب بإقالة وزير دفاعه مايك إسبر. وخلال أيام وبعد تعيين وزير جديد كتبت الصحف الأميركية عبر تسريبات ترامب نفسه أنه كان يفكر بضرب المفاعل النووي الإيراني في نطنز، لكنه صرف النظر عن الفكرة بعد تلقيه تحذيرات من مستشاريه بخطورة فتح حرب كبرى في المنطقة.

في الخبر نفسه أن وزير خارجية ترامب مايك بومبيو كان الوحيد في فريقه المؤيّد للعمل العسكري في المدة المتبقية من ولاية ترامب ووجاءت جولة بومبيو الخارجية تعبيراً عن سعيه لتسويق مشروعه وربط الخطوات السياسيّة في المنطقة بنتائج هذا المشروع.

في باريس كان واضحاً أن بومبيو سعى لتجميد ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة تحت شعار أن متغيرات كبرى مقبلة وستقلب الوقائع في المنطقة ومنها لبنان ولاستبعاد أي فرضية تربط كلام بومبيو بفرضية عمل عسكري أميركي أصدرت وزارة الدفاع الأميركية بياناتها عن تنفيذ قرار انسحاب متدرّج من المنطقة بتوجيهات ترامب.

لم يكن كافياً تقلّص الحرب الى ضربة فتقلص المرجع أيضاً من ترامب الى بومبيو الذي حط رحاله في كيان الاحتلال وقام بجولات استفزازية وصلت الى الجولان تعبيراً عن الوقوف الأعمى مع الكيان في كل خطواته العدوانية وفي طليعتها ضم الجولان، لكن يبدو أن زيارة الجولان كانت تعبيراً رمزياً عن أبوة بومبيو لتقلص جديد حيث الضربة صارت عملية تنفذها قوات الاحتلال على تخوم الجولان المحتل وتمنحها وسائل الإعلام الخليجية تغطية استثنائية بصفتها تغييراً نوعياً لقواعد الاشتباك وإصابة استراتيجية لمحور المقاومة.

الشهداء عندما يسقطون مهما كانت رتبهم ومهما كان عددهم هم إصابات موجعة، لكن التغيير الاستراتيجي شيء آخر.

بلغ الهزال في حالة المشروع الأميركي حدّ أن يكون الردّ على قرار الانسحاب الجزئي صواريخ على السفارة الأميركيّة وأن يكون سقف المقدور عليه أميركياً وإسرائيلياً هو تكرار لما سبق وتمّ اختباره من عمليات توجع بسقوط الشهداء، لكنها لا تغير معادلات باتت فوق طاقة الأميركي والإسرئيلي والمطبع الخليجي معهم ولا تعوّض عجز الفقاعات الإعلاميّة ولا النقل المباشر للقنوات الخليجية وخروج بعض المعلقين المدفوعي الأجر ليكرروا عبارة تحول استراتيجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى