الوطن

عندما يختار القضاء الطريق غير المعبّدة

 

عمر عبد القادر غندور*

قرار المحقق العدلي القاضي فادي صوان في قضية انفجار المرفأ في الرابع من آب الماضي هو مطلب لبناني وانْ جاء متأخراً. وليس عفوياً أن يبدأ القرار بآخر رئيس حكومة حسان دياب وبأول وزير أشغال في حقبة نيترات الأمونيوم غازي زعيتر! وبالتالي التصويب إعلامياً على آخر رئيس جمهورية العماد ميشال عون ما اضطر مكتبه الإعلامي للإيضاح أنّ رئيس الجمهورية منذ أن علم بوجود نيترات الأمونيوم أحال الأمر إلى الجهات المختصة!

لماذا القفز فوق رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي تمّت في عهده استضافة نيترات الامونيوم عام 2013، مروراً على عدد من الوزارات ذات العلاقة إلى آخر رئيس حكومة، وإعفاء الآخرين من تهمة الإهمال الإداري، ولا نعتقد ان الرئيس ميشال سليمان يمانع في مساءلته ما دامت القضية ستوفر له مساحة تحت أضواء الإعلام.

نحن لا ندافع عن أحد من المعنيين وهم أدرى وأعلم وأقدر في الدفاع عن أنفسهم، ولكننا في نفس الوقت لا نهضم الكيدية والاستنسابية في التحقيق لأسباب يعرفها أصحاب الشأن.

وفي الوقت الذي كنا فيه ننتظر تشكيل الحكومة العتيدة لمعالجة الأزمات المتراكمة وكلها من العيار الثقيل، تقدّم القرار الاتهامي للرئيس حسان دياب والوزراء علي خليل ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر على غيره من المحن التي يعاني منها المواطن، مع تأكيد الوصول الى المجرمين الذين تسبّبوا في المأساة الدامية جراء الانفجار الرهيب

ربما انّ العدالة تصيب وتخيب وقد تسلك طريقاً غير معبّدة كالقرار الاتهامي بحقّ رئيس حكومة تصريف الأعمال وغيره من الوزراء الذين اختارهم قاضي التحقيق.

ونتمنّى على القاضي فادي صوان الذي سطّر قرارات اتهامية لكبار المسؤولين، وهو ما لم يتجرأ عليه سواه ان يستمرّ في تحقيقاته للوصول الى المتهمين الذين تناوبوا لسنوات على شؤون المرفأ والذين لا يمكن التسليم بعدم مسؤوليتهم عن حوالي ثلاثة أطنان من نيترات الأمونيوم، والتوسع في التحقيق لكشف بقية الرؤوس، وهو ما يجب اعتماده وانتهاجه أيضاً بحق لصوص المال العام الذين نهبوا خزينة الدولة والوزارات والإدارات والتلزيمات والمناقصات وجعلوها حنفيات تصبّ في جيوبهم وجيوب عائلاتهم، الى جانب المصارف الوثنية التي صادرت أموال المودعين اللبنانيين وهو ما لم يحصل في أقاصي الأرض.

لتكن البوصلة باتجاه هؤلاء أيضاً الذين أفقروا اللبنانيين وجعلوهم أذلاء في وطنهم، وساعتئذ يسلك القضاء الطرق المعبّدة.

 

*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى