اقتصاد

«ملتقى حوار وعطاء بلا حدود» بحث أزمة رفع الدعم وتأثيراتها وقدم اقتراحات حلول

 

نظّم ملتقى «حوار وعطاء بلا حدود» لقاءً تشاورياً افتراضياً عن «السياسات الداعمة الحالية والواقع المرير الذي يعيشه لبنان نتيجة السياسات الخاطئة التي كانت معتمدة في السابق وما هي الحلول الحالية الممكنة للخروج من النفق المظلم الذي يعيشه هذا الوطن وشعبه نتيجة ذلك، بعنوان «لقمة عيش الفقير وحبة دوائه تحت التهديد برفع الدعم وحصار الحاكم».

أدار اللقاء الكاتب والإعلامي روني ألفا وشارك فيه كل من الوزير السابق فادي عبود، رئيس «الاتحاد العمّالي العام» بشارة الأسمر، الخبير الاقتصادي باتريك مارديني والخبير المالي والإداري غسان بيضون وعدد من المهتمين بالوضعين الاقتصادي والمعيشي.

وافتتح ألفا اللقاء وسأل «هل نحن أمام ثورة جديدة ستنفجر في الشارع وهل سنعالج هذه الجروح بالصمت والسكوت؟ أي نوع من الفوضى ينتظرنا في حال تمّ رفع الدعم وما هي البدائل التي سوف تقدمها الدولة أو لديها النية في تقديمها في حال تم رفع الدعم؟.البطاقة التمويلية والتموينية، ما هي العوائق اللوجستية التي يمكن أن تحول دون اعتماد هذه البطاقة وهل هي مسيّسة وخاضعة للزبائنية السياسية وبالتالي يأتي دائماً الموضوع الاقتصادي معطوفاً على الأزمة السياسية. ومتى تتألف الحكومة. ما هي العوائق التي تحول دون تشكيلها، وما هي شروط الإستقرار الاقتصادي ومحاذير وحسابات اللجوء الى الشارع؟ هل نحن محكومون إما أن نبقى موجوعين وقابعين في بيوتنا وإما أن ننزل إلى الشارع».

وقال منسق الملتقى طلال حمّود «كثر الكلام عن إمكان استعمال البطاقة التموينية أو عن دفع مبالغ مالية مباشرة للعوائل الفقيرة. لكن كل تلك الأمور بحاجة إلى دراسة دقيقة لواقع العائلات اللبنانية ومن هي حقيقة العائلات الأكثر فقراً. فنحن أمام تساؤلات كثيرة في هذا الشأن ومن هي الجهة التي ستقوم بهذه الإحصاءات والتقصي حول أعداد هذه العائلات (…) وما هو المبلغ الذي سيدفع للفرد أو للعائلة؟ وهل سيكون ذلك بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات وتأثير قوى الأمر الواقع واستنسابيتهم في كل منطقة؟ ومن سيمول ذلك؟ وكم من الوقت ستأخذ هذه الخطة لأننا نتكلم عن بطاقة إلكترونية لكل عائلة ويجب وضع الآليات والأمور اللوجيستية لاستعمال هذه البطاقات. فما هي المعايير؟ وما الذي سيسير به مجلس الوزراء؟».

وتناول مارديني بدوره موضوع العملة الوطنية، قائلاً «الدولار يساوي اليوم 8000 ليرة تقريباً بعد أن كان يساوي 1500 ليرة في السابق. وقيمة هذه العملة هي برأيي الشخصي مرتبطة جداً بكمية احتياط الدولار المتوافرة لدينا، بمعنى أننا اليوم في بلد نموه كارثي ومتوقف وسلبي 19 بالمئة السنة الماضية وناقص 6 – 7 بالمئة هذه السنة وسوف يكون سلبياً السنة المقبلة. ومن الخطأ القول إنها عملتي الوطنية ويدعمها الاقتصاد وليس لدى معظم المواطنين حالياً ثقة بالمصارف اللبنانية وليس هناك من يثق بالليرة والكل يعود دائماً ليحولها إلى دولار».

وتابع «الكتلة النقدية بالليرة تتزايد وبالتالي الشيء الوحيد الذي يساعد على بقاء الليرة اللبنانية اليوم على 8000 ليرة مقابل الدولار هو وجود «الاحتياطي» وأقصد بالاحتياط: احتياط الدولار والذهب وبالتالي فإن الاستغناء عن هذا الاحتياط من خلال ضخه في السوق أي إذا تم خفض احتياط مصرف لبنان بالدولار وإعطائه للمواطنين فإن ذلك يشكل دعماً للدولار في السوق ويساعد على تهدئة سعر الليرة مرحلياً وعلى المدى المنظور».

وأكد أن «هناك إجراءات يمكن اعتمادها لخفض سعر الدولار ويجب أن تتخذ بسرعة وأبرزها تشكيل مجلس النقد الذي لم يأخذ حقه في الحديث عنه بالإعلام، وهو نظام يقتضي أن تكون العملة مغطاة 100 % بالدولار أو اليورو أو الذهب».

واعتبر عبود بدوره، أن الجميع يوصّف الأزمة ولا أحد يعطي حلولا، وقال «لم يعد ينقصنا اليوم توصيفها لأنها باتت واضحة لدى كل اللبنانيين. نحن اقترحنا أن يتم خفض المخزون لتكون لثلاثة أو أربعة أشهر، وعلى أساس الكمية التي نستوردها. فهذا يترجم بتخفيف الفاتورة الدوائية بقيمة 250 – 300 مليون دولار في حال استوردنا الأدوية وفق الحاجة إليها فقط وليس لتخزينها. وعلينا أن نقنع المواطن بعدم التخزين، ولكي يتوقف عن ذلك علينا أن نقنعه بوجود خطة متكاملة. والحل أيضاً باللجوء إلى «الأدوية الجنيسية او الجينيريك» الذي لطالما نادينا به. وفي أغنى دول العالم الدولة تدعم الجينيريك فقط. وهذا يستوجب تعاون الأطباء والصيادلة كي نتمكن من الانتقال إلى الجينيريك وهذا من الممكن له مع الوقت ان يسمح بتوفير الفاتورة الدوائية بأكثر من خمسين في المئة».

ورأى أن «لبنان تأكله الإدارة المترهّلة ونحن بحاجة إلى ثورة بالمعنى الإداري أي إلى تغيير شامل وكامل في كل الاجراءات الإدارية المتبعة في لبنان. وهذا لا يمكن أن يحصل إلاّ إذا انتقلنا إلى الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة».

وركز الأسمر من جهته، على تداعيات رفع الدعم ولماذا يقف الاتحاد العمالي العام ضده، وقال «إن الدعم في مجال القمح هو في حدود الـ120 مليون دولار في السنة، أي في حدود العشرة ملايين دولار شهرياً. وقد طرحنا ذلك مع الوزير وهي كلفة زهيدة فلماذا لا نتركها للآخر. وبالفعل كان هناك تفهم للموضوع وتم تبني ذلك. وبالنسبة للدواء فإن فاتورته كبيرة وتبلغ ملياراً و200 مليون دولار. وكان الطرح تقسيم الدواء أيضاً إلى أدوية من يباع من «دون وصفة طبية» (OTC) ونوعية ثانية تسمى «الأدوية الحادة» ويقع ضمنها المضادات الحيوية ومضادات الالتهابات وأدوية المعدة وغيرها. أدوية الـ OTCتساوي حوالى 25 بالمئة من الأدوية التي تباع في الصيدلية وسوف يتضاعف سعرها اربع أو خمس مرات. والنوعية الثانية أي «الأدوية الحادة» هناك اقتراح يرفع الدعم عنها من 1500 ليرة الى 3900 ليرة وفاتورتها سوف ترتفع 3 مرات تقريباً. على أن يبقى الدعم على «أدوية الأمراض المزمنة» من دون أي تعديل أو رفع للأسعار. وتساءل عمن سيغطي دعم الأدوية المزمنة؟».

ولفت إلى أن «الأدوية المزمنة ستبقى تحت تغطية مصرف لبنان لكن الأدوية الأخرى التي سترتفع أسعارها فسوف يغطيها الضمان والتعاونية أو غيرها من الصناديق الضامنة. وهذا سيعني أن الضمان وكل المؤسسات الضامنة الأخرى من يفترض أن تغطي هذه الفروق وهذا ما سيوقعها في عجز كبير ويسرع من انهيارها. فلا الضمان قادر على تغطيتها ولا التعاونية ولا طبابة الجيش وغيرها من المؤسسات قادرة على تغطية الأدوية وسوف نكون أمام كارثة وأمام انهيار كبير وسريع. وإذا لم تتم التغطية فالمواطن سيتحمل فرق الدواء والمستشفيات وهو لا قدرة له على ذلك في الأوضاع الحالية. إذاً المواطن المضمون سيكون في مأزق كبير نتيجة ذلك والمواطنون المضمونون من كل المؤسسات الضامنة يشكلون حوالى 60 في المئة من الشعب اللبناني».

وسأل «ما الذي سيحدث لـ40% الباقين الذين ليس لديهم أي تغطية صحية؟ لذلك رفعنا الصوت للبحث عن حلول أخرى. وهذه الحلول هي خفض فاتورة استيراد الدواء من الخارج بنسبة 20% وهذا كان طرحنا، لأن ذلك يخفض الفاتورة الدوائية حوالى 250 مليون دولار، بينما عملية الترشيد هذه كلها يمكن أن تصل إلى هذا المبلغ نفسه».

وعن المحروقات قال «إن المازوت سوف يبقى مدعوماً من مصرف لبنان، وهناك طرح برفع الدعم عن البنزين بقيمة 60 في المئة، لكن مصرف لبنان سيبقى يغطي الكلفة الباقية. أما عن مادة «الفيول أويل»، فإننا خلال اجتماعاتنا مع المسؤولين لم نتحدث عنه غير أنه يمكن أن يلغى جزء بسيط من دعمه عن طريق زيادة التقنين من كهرباء لبنان، كي نوفّر وهذا سيؤدي قطعاً إلى تحميل المواطن زيادة على فاتورة المولدات. والمصرف المركزي أيضاً هو من سيتكفل في تغطية التكلفة وهذا كله يعني أننا أمام «ترشيد بسيط للدعم» مختلف تماماً عما يحكى عنه أنه لا مسّ بالاحتياط الإلزامي. ولكن هذا الترشيد سوف يؤدي بسرعة إلى انهيار المنظومة الصحية في لبنان وسوف تعود صور المجاعة، التي تحدث عنها الدكتور حمّود والتي حصلت خلال الحرب العالمية الأولى والتي أدت إلى هجرة ثلث سكان لبنان».

وتحدث بيضون منبهاً من «الوثوق بأي رقم يصدر وبأي معلومة تصدر عن حاكم مصرف لبنان»، وقال «ما يدعو إلى الشك به أكثر هو توقيته نهاية السنة لوقف الدعم بالدولار بالسعر الرسمي أو استخدام الاحتياط، وكيف يتفق ان يبقى هذا الأخير على التوقيت نفسه على الرغم من كل ما استجد خلال الفترة الماضية لاستيراد المعدات الطبية ومستلزمات المستشفيات وقطع الغيار وما يلزم كهرباء لبنان لتسديد مستحقات عليها للبواخر ومقدمي الخدمات وقطع الغيار بالدولار وإلى ما هنالك».

أضاف «وقد استجدت أمور كثيرة على استعمال السيولة المتوافرة لديه والمتعارف على تسميتها حالياً بالاحتياط الإلزامي من العملات الأجنبية. فكيف لهذا الاحتياط الذي لم يكن ليكفي إلاّ حتى آخر السنة، أن يكفيه لشهر إضافي على الرغم من كل هذه المستجدات التي يفترض أنها أدت إلى المزيد من الاستنزاف؟».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى