نقاط على الحروف

نصرالله في حوار العام: الوفاء لسليمانيّ وإنصاف الأسد

 ناصر قنديل

في الحوار الغنيّ والمليء بالمعاني والمعادلات والمعلومات، الذي أجراه الزميل غسان بن جدو مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، محاور كثيرة، لبنانيّة وعربيّة وإقليميّة ودوليّة، لكن في الحوار ثوابت ومحاور دار حولها كلام السيد نصرالله في العقل والقلب والمشاعر، أبرزها ما اتصل بالوفاء لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، وما اتصل بإنصاف الرئيس السوري بشار الأسد، فقد مدّ السيّد يده الى جعبته المليئة بالمعلومات ليكشف ما لم يُقَلْ من قبل ولم يكن في التداول، ليقدّم منها ما يكشف عن جوانب مضيئة في سيرة الشخصيتين اللتين تعنيان الكثير للسيد كما كان واضحاً من مسار الحوار.

في الحديث عن الحاج قاسم، كما يُناديه السيد، تناول السيد نصرالله شخصية الحاج قاسم كمثقف ومناضل ومفكّر وقائد عسكري استراتيجي، وكإنسان مرهَف مؤمن ومتواضع وخلوق وصاحب لهفة ونخوة وشهامة وكرم، لكنه خلال استعراضه للأوضاع في المنطقة كشف أدواراً تاريخية للشهيد سليماني، تُعرَف للمرة الأولى، سواء على مستوى التفكير او التخطيط او المتابعة او التنفيذ، فما يعلمه الناس عن دور قياديّ ميدانيّ للحاج قاسم في حربي سورية والعراق بوجه الإرهاب التكفيريّ، ترجمه في الحضور في المواقع الأماميّة للقتال وتحدّي الخطر ليس إلا القليل مما يمكن قوله عن سيرة هذا القائد.

في فلسطين الحاج قاسم صاحب فكرة تزويد المقاومة بصواريخ الكورنيت، وهي الصواريخ التي نالها حزب الله كمساهمة من القيادة السوريّة بقرار من الرئيس بشار الأسد، والتي لعبت دوراً حاسماً في صناعة انتصار المقاومة في حرب تموز 2006، وشكلت بعد وصولها إلى غزة، عنصراً حاسماً في تشكيل عامل الردع الحاسم في وجه مخططات الهجوم البرّي، وفي العراق لم يكن الحاج قاسم قائد المواجهة مع تنظيم داعش وحسب، بل كان العمود الفقري لتشكيلات حركات المقاومة التي فرضت على الأميركيّ الانسحاب عام 2011، وفي سورية تخطى دوره موقعه الميداني ورعايته لمشاركة قوى المقاومة في الدفاع عن سورية، فهو أول من أضاء على القلق من أن تكون سورية في عين الاستهداف من خلال دراسته لظواهر وبواطن الربيع العربي، وبرؤيته الاستباقية ونقاشها مع الرئيس الأسد والقيادة السوريّة وقيادة المقاومة والقيداة الإيرانية أمكن احتواء المراحل الأولى من التحضير للحرب على سورية، وصولاً لنضج المواجهة الميدانيّة كخيار لا بد منه، وفي سورية كان للحاج قاسم دور مؤثر في حسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرار المشاركة الميدانية في الحرب على سورية. فالشخصية القيادية السياسية والاستراتيجية للشهيد سليماني التي كشف عنها السيد نصرالله كانت مساهمته في إحياء ذكرى استشهاده.

في الإنصاف الذي يستحقه الرئيس السوري بشار الأسد، بوجه حروب التشويه والإساءة والافتراء، قدّم السيد نصرالله مساهمة راقية وعالية، كشفت عن جوانب من أدوار ومواقف للرئيس الأسد، تسهم في فهمه كقائد تاريخيّ شجاع وملتزم بخيارات حاسمة تجاه مفاهيم الاستقلال والسيادة والمقاومة. فالسيد نصرالله يقول إن الرئيس الأسد لا يقبل أيّ تدخل او وصاية على شؤون سورية من الأعداء ولا من الحلفاء، ويؤكد أنه يتحدّث حديث العارف هنا، وفي منزلة الحديث عن فلسطين يورد السيد نصرالله واقعة أنه عندما سمع من الحاج قاسم سليماني فكرة تزويد المقاومة في فلسطين بصواريخ الكورنيت وتريّث لسؤال الرئيس الأسد صاحب هذه الصواريخ، متوجّهاً للرئيس الأسد بالسؤال، لم يجد لديه أي حسابات كان يمكن انتظارها من رئيس أي دولة في موقعه تجاه نقل سلاح اشتراه الجيش السوري من روسيا الى داخل فلسطين المحتلة، والشهادة اللافتة التي تحدّث عنها السيد نصرالله كانت للميزات الشخصية للرئيس الأسد خصوصاً لجهة سر القوة والثبات والتماسك في أحلك الظروف وأشدّها قسوة وتسبباً بالقلق والخطر.

حوار العام مع السيد نصرالله كان مكرّساً لإعلاء شان محور المقاومة، في الوفاء لرئيس أركان جيوشه الشهيد، وفي إنصاف القائد السياسي والعسكري الذي انتصر على أخطر حرب كونيّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى