الوطن

هل ينفجر لبنان؟

} د. وفيق إبراهيم

تؤكد المعلومات أن الميليشيات التقليدية في لبنان باتت مسلّحة حتى أذنيها، وتتحسّب لتحوّل الانسداد السياسي الحالي الى إقفال كامل، يصبح فيها الشارع وسيلة أخيرة لجذب الخارج الى الداخل اللبناني، بواحد من شكلين: الدعم أو فرض التسوية.

ماذا يجري؟

تكشف هذه المعلومات أن احزاب القوات والكتائب والمستقبل والاشتراكي باتت تمسك ببضعة آلاف من المسلحين جرى تأمين رواتبهم وذخيرتهم والمناطق التي يمكن أن ينتشروا فيها من قبل خبراء في السفارات الأميركية والفرنسية والإنجليزية والتركية. وهناك من يقول إن خبراء إسرائيليين أدلوا بدلوهم في هذا المجال التدريبي والتسليحي في بعض مناطق جبل لبنان وبشري.

لماذا هذا الانسداد شبه الكامل؟

هما انسدادان خطيران احدهما أميركي خليجي إسرائيلي يصرّ على إبعاد حزب الله عن الحدودين الجنوبية والشرقية وصولاً الى تجريده من سلاحه وإقصائه عن اي حكومة جديدة. وهذا مطلب يتبنّاه الحريري في حركة تشكيلة حكومته الجديدة.

هذه المرة لم يختبئ الرئيس المكلف سعد الحريري خلف ذرائع داخليّة، لقد قال صراحة إن الأميركيين لا يريدون حزب الله في الحكومة لا مباشرة ولا عبر أصدقاء، او شيعة مستقلين. معترفاً بصراحة ان الأميركيين يريدون تسمية حصة حزب الله الحكوميّة. ومراقبة اختيارات رئيس المجلس النيابي نبيه بري التي قد تترك للحزب وزيراً من حصتها.

وتلعثم سعد عندما سأله بعض المحاورين عن الأسباب التي تجعله يرتضي بالشروط الأميركية الى ان بقّ البحصة قائلاً وماذا بإمكاننا أن نفعل؟ الأميركيون يمسكون بالنظامين الاقتصادي والسياسي العالمي وبإمكانهم خنقنا ساعة يشاؤون، هذا بالإضافة الى أنهم يتهمون حزب الله بالإرهاب. فسأله بعض الحاضرين اذا كان قتال «إسرائيل» إرهاباً وإذا كانت مجابهة داعش والنصرة وعشرات التنظيمات الأخرى من الفئة عينها إرهاباً، فسكت سعد عن الكلام مردفاً بأن هذا ما قالوه ولا قدرة لنا على الرفض.

لم يكتف سعد بهذا القدر ملوّحاً بأن دول الخليج في الامارات والبحرين والسعودية بصدد التحضير لطرد نحو خمسين الف شيعي لبناني يعملون لديها؟ فهل يقبل حزب الله بالتمسك بتوزير شخصين ويدمّر بالمقابل مستقبل خمسين ألف عائلة شيعية؟

أما لجهة الحصص التي يطلبها الوزير السابق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فتصبح قابلة للبحث بعد الإقصاء النهائي لحزب الله عبر وزير زائد أو وزير ناقص.

المطلوب إذاً برأي الشيخ سعد إقصاء حزب الله عن الحياة السياسية.

ماذا عن الانسداد الثاني؟ طلب سعد من الحلقة المستمعة تطبيق مبدأ المجالس بالأمانات، معتبراً أن الصراع الحدودي بين لبنان والكيان الإسرائيلي هو أساسي الى جانب النزاع حول آبار الغاز في البلوك رقم 9. كاشفاً وللمرة الأولى أن الأميركيين يطلبون من الجيش اللبناني منع أي قصف لبوارج النفط التابعة لمنتدى المتوسط أو لـ»إسرائيل» ويتشكل هذا المنتدى من مصر و»إسرائيل» والأردن وفلسطين واليونان وقبرص وفرنسا ولاحقاً الولايات المتحدة الأميركية.

بهذا الطلب يتضح أن الأميركيين يريدون إثارة حرب داخلية بين الجيش اللبناني مؤازراً من أحزاب القوات والكتائب والمستقبل والاشتراكي على أن تتواكب بعمليات ضغط تؤدي الى استمالة التيار الوطني الحر والرئيس عون.

هذا الأمر أخطر مما يبدو لأنه يؤسس لحلف من الممثل العسكري للدولة وهو الجيش مع التمثيل السياسي الكبير لكل من السنة والدروز والمسيحيين وذلك على أساس خلق عزلة شيعية.

لذلك فإن المطلوب أميركياً هو دفع لبنان نحو حالة رفع غطاء عن حزب الله قد ينضمّ اليها بعض الأطراف الشيعية في الاحتمالات الأكثر سوءاً.

عندما اختتم سعد مناحاته، سأله أحد الحاضرين اذا كان هذا الأمر يوقف مطامع «إسرائيل» البرية والبحرية في لبنان، واذا كان ذلك يؤدي الى وقف الاختراقات الاسرائيلية الجوية للبنان في كل يوم تقريباً.

ما هو طريف هنا، أن الرئيس المكلف باغت محاوريه بأن الأميركيين مستعدون لوقف كل اشكال الاختراقات الإسرائيلية في لبنان بعد تراجع لبنان عن مطالبه في آبار الغاز في البلوك التاسع وبعض الآبار المتصلة به.

ما هي حصة الأميركيين من هذه المعادلة؟

كشف سعد أن هذا الامر يؤمن الاستقرار في لبنان، مشدداً الضغط الأميركيالاسرائيلي على سورية الى حدود إسقاط النظام.

هنا لم يباغت سعد محاوريه عندما اعترف ان الأميركيين زوّدوه بأسماء لست شركات أميركية جاهزة للتنقيب عن النفط في لبنان الكبير بعروض مغرية. ولم يقل لصالح مَن؟

فهل يؤدي هذا المشروع الى اهدافه؟

لا يزال حزب الله هو القوة العسكرية الاولى في منطقة بلاد الشام، كما أن الموقف الروسي لن يسمح بإسقاط سورية مهما تضاعفت الضغوط ولا أحد يعتقد أن الفرنسيين ذاهبون الى هذه المحاولات وهم الحالمون بدور شرق أوسطي لهم.

فمن هو الحاكم؟ إنه سعد بكل تأكيد الذي قد لا يعود الى رئاسة الحكومة بعد اليوم، خصوصاً أن هناك من نقل عن مرجعيات شيعية اعترافها بخطئها في التأييد الدائم لسعد الحريري لرئاسة الحكومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى