الوطن

أميركا و«إسرائيل» و«فوبيا» سورية وإيران

} ربى يوسف شاهين

 عندما تتزاحم القوى الغربية على بلد وحيد هو سورية، لتضخ سمّ إرهابها عليه، ندرك جيداً أنّ الألم الذي تسبّبه لهم سورية وأعني الدول الغربية والكيان الغاصب، بات كالبركان المشتعل، فالحرب الإرهابية على سورية هندست قواعد لعبتها السياسية والعسكرية بشكل دقيق منذ اندلاعها في الأيام الأولى.

تبلورت لدى القيادة السورية رؤية حول نوع هذه الحرب الإرهابية ومعطياتها وأسبابها، فبدأت تكشف خبايا العلاقات الدولية المزيفة، وكانت الضربة الكبرى لعملائهم من الوكلاء، عبر التحالف الاستراتيجي بين ثلاث دول تعدّ كلّ واحدة منها دولة محورية في سياق السياسات الإقليمية والدولية؛ الأولى سورية والمعتدى عليها، والتي وقفت في وجه السياسات الأميركية والغربية و»الإسرائيلية» خاصة على مدى عقود، والثانية روسيا التي تشكل قطباً موازياً للولايات المتحدة من حيث القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية، مع أن القوة السياسية لـ روسيا تضاهي القوة السياسية للولايات المتحدة، والدليل على هذا قدرة روسيا بتحالفها مع الدولة السورية، ونسج شبكة علاقات إقليمية ودولية انطلاقاً من التحالف مع سورية، والثالثة إيران التي شكلت بتحالفها مع سورية معادلة إقليمية فاعلة ومؤثرة في رسم السياسات والاصطفافات في المنطقة.

ورغم تبعات الحرب التي شنّت على روسيا، من حيث التوتر السياسي مع الولايات المتحدة، جراء وقوفها مع الدولة السورية، إلا أنها استطاعت استمالة الجناح الداعم للناتو «تركيا» إلى صفها، واستطاعت عبر منصة استانا أن تعيدها خطوات كبيرة إلى الوراء، في ما يتعلق بالسياسات التركية في سورية، ولكن التحالف الغربي يعمد إلى زجّ روسيا في انشقاقات سياسية عديدة، تجلت في كثير من الملفات التابعة للسياسة الخارجية والداخلية الروسية، من مشكلة القوقاز إلى اتفاقية الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، إلى معاهدة المناخ، مروراً بالتدخل في العلاقات الروسية الفنزويلية والصينية، وصولاً إلى الملف السيبراني واتفاقيات خطوط الغاز مع الاتحاد الأوروبي.

وكذاك فعلت الإدارة الأميركية مع إيران، إلا أنّ طهران اشتدّت عليها براثن الإرهاب لعدة أسباب، ففوبيا إيران معضلة كبيرة لـ «إسرائيل» قبل أن تكون لواشنطن فما هي الأسباب؟

أولاًالحقد الأميركي على إيران منذ سقوط الشاه عام 1979، وفشل عملية مخلب النسر، تلك العملية العسكرية التي نفذتها القوات الأميركية بجانب القوات الخاصة في 25 إبريل 1980، لتحرير رهائن أميركيين في السفارة الأميركية بطهران، والتي أدّت إلى تدمير طائرتين ومقتل ثمانية جنود أميركيين.

ثانياًالحرب العراقية الإيرانية التي بدأت بشرارة أميركية تتسق مع الأجندة الأميركية بعيدة المدى للمنطقة، والتي أريدَ لها أن تحدث شرخاً بين الشعبين الإيراني والعراقي، لكن وبصرف النظر عن مواقف الأنظمة السياسية، إلا أنّ ما حاولت واشنطن هندسته من خلال هذه الحرب، قد باء بالفشل، فالحسابات الخاطئة كلفت واشنطن خسارة سياسية كبيرة على المستوى الدولي، وفي المقابل أدّت إلى الغزو الأميركي للعراق 2003.

ثالثاًمقدرة إيران على الصمود السياسي والتطور الاقتصادي والعسكري خلال فترات حرجة تعرّضت لها نتيجة محاولة واشنطن زرع الفتنة بين دول الخليج العربي وإيران.

رابعاًتعاظم القدرة العسكرية لإيران وخاصة في ما يتعلق بالملف النووي، لذلك كانت محط اهتمام الرؤساء الأميركيين كونهم خَبروا وتناقلوا عبر ملفاتهم الاستخباراتية العسكرية حجم الترسانة الإيرانية.

خامساًالدعم الكبير الذي قدّمته وتقدّمه طهران لفصائل المقاومة وخاصة حزب الله لوجستياً وعسكرياً بالإضافة إلى الدعم المقدّم للفصائل الفلسطينية وكذا اليمنية في حربها ضدّ الإمارات والسعودية.

سادساًيدرك الأميركي و»الإسرائيلي» أهمية الموقع الجغرافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية على الخليج والبحر الأحمر حتى المحيط الهندي، وبالتالي فإنّ العلاقة الإيرانية الصينية الروسية تشكل مصدر قلق كبير لمحور واشنطن.

سابعاًالعلاقة الإستراتيجية السورية الإيرانية التي لم تتغيّر رغم تبعات الحرب الإرهابية الاقتصادية على إيران بالتزامن مع تفشي وباء كورونا.

في المحصلة إنّ ما يحدث في الشرق الأوسط برمّته مع اختلاف وقع السياسات الأميركية على كلّ دولة، لكن تبقى سورية وإيران دولتان محوريتان، قادرتان على التأثير في عمق الأجندة الصهيو أميركية في المنطقة، فضلاً عن تحالف دول إقليمية ودولية مع دمشق وطهران، ما يعني بأنّ الدولة السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية والحلفاء لهم من روسيا والصين، قادرون على ردع واشنطن وتل أبيب، لأنّ من يحترم القوانين والمواثيق الدولية هو الأقدر على بناء دول ذات سيادة، وتناهض السياسات الأميركية العبثية في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى