الوطن

فارس فتّوحي لـ«البناء»: المطلوب من الدولة بناء دولة والتحلي بالجرأة لاتخاذ ما يلزم من قرارات تحرك الاقتصاد وتحقّق النمو

تحدث عن مبادرات مؤسسته الاجتماعية لمساعدة أبناء كسروان والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة

} رمزي عبد الخالق

تتعدّد المبادرات الإنسانية في هذه الأيام الصعبة، لكن «مؤسسة فارس فتوحي الاجتماعية» بادرت إلى ذلك بطريقة مُغايرة ومُميّزة، وهي قبل جائحة كورونا أطلقت برامج منظمة ومدروسة ليس فقط لتقديم مساعدات آنية للأهل في منطقة كسروان الفتوح، بل للمساهمة في ما يمكن تسميته الاقتصاد الاجتماعي، بمعنى المساعدة على خلق فرص العمل المحلية في مجالات عديدة منزلية وزراعية وحرفية وصناعية وتجارية وإنمائية وغيرهاعلى طريقة المثل الصيني القائل: «لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطادها».

رئيس المؤسسة فارس فتوحي تحدث لـ «البناء» عن المبادرات الاجتماعية التي تقدّمها المؤسسة لأهالي كسروان، وقال: «الواقع السياسي تغيّر بعد 17 تشرين 2019، وطبعاً ما شهدناه من ضغوطات أميركية على بلدنا والحصار الاقتصادي الذي أوصلنا الى مرحلة اجتماعية صعبة للغاية، لا بل تأثرنا على كافة الأصعدة، ومعاناة الناس تفاقمت بقوة، مما دفعنا إلى التحرك بعيداً عن الكلام السياسي والنظريات، من هنا كان لا بدّ لنا أن نكون الى جانب أهلنا وناسنا، وبالتالي تحوّل نشاطنا إلى نشاط اجتماعي، وبدأنا المبادرات الغذائية والتعليمية والزراعية، وعدة مبادرات أخرى شهرية تحت مظلة البطاقة الاجتماعية.

كما أصدرنا بطاقة مؤسسة فارس فتوحي الاجتماعية للمحتاجين من أهلنا في كسروان، وهي تخوّلهم الحصول على مساعدات شهرية، ولا تكون مساعدتنا للناس فقط خلال الأوقات الصعبة لأنّ هدفنا أن نكون بين الناس وإلى جانبهم، وحتى لو تحسّنت الأوضاع فإننا سنبقى في هذا الموقع دوماً».

ورداً على سؤال قال فتّوحي: «صحيح أنّ منطقة كسروان هي منطقة غنية في مواردها وجغرافيتها، والبعض يعتبر أنّ وضع أهلها مرتاح، خاصة أنّ الكسرواني ككلّ لبناني لديه عزّة نفس ومن الصعب أن تعرف أنه محتاج، وكوننا نتعاطى مع أهلنا فإننا نعرف بعضنا بعضاً، ولولا ذلك لم يكن من السهل معرفة من هم بحاجة في المنطقة، والمؤسف طريقة الاستعراض التي شهدناها أخيراً في تقديم المساعدات. من هنا أناشد كلّ من يريد المساعدة أن يبتعد عن التسويق المبالغ به وحب الظهور واستغلال الناس لتحقيق غايات ومآرب خاصة ومصلحية.

وتابع فتّوحي: الحاجة كبيرة في المنطقة، ومؤسستنا لديها القدرة على سدّ الكثير من الحاجات في ظلّ الغياب التامّ للدولة ولنواب المنطقة الذين لم يقوموا بأيّ عمل تنموي مستدام فيها، بل اكتفوا بتقديم ما هو وقتي بعيداً عن أيّ مشروع مفيد، والإصرار على الأسلوب «الزعاماتي» المعروفة أهدافه، وباعتقادي فإنّ اللبناني أصبح واعياً ومُدركاً وبالتالي على هؤلاء تغيير أساليبهم القديمة».

وأردف قائلاً: «قد يسأل البعض لماذا لا نقوم بمخطط لتنفيذ مشروع مستدام من موقعنا كمؤسسة أو في الحزب اللبناني الواعد، وهنا يجب التأكيد أننا بدأنا نشاطنا منذ سنة تقريباً ونعمل ضمن الإمكانيات بشكل فاعل، وعلى سبيل المثال مشاريعنا الزراعية مستدامة، حيث أننا نقدّم كلّ المستلزمات لأصحاب الأراضي الزراعية من سماد وبذور وريّ في مختلف البلدات في المنطقة، وكلّ بلدة تزرع وتنتج وتوزّع المحصول للأهالي دون العودة إلى مؤسسة فارس فتوحي، وهذا يُعتبر من ضمن خطة التنمية المستدامة، وقد دعونا كلّ البلدات الراغبة لكي تتواصل معنا حتى نقوم بتأمين المستلزمات الزراعية كافة لها بهدف دعم هذا القطاع وتلبية حاجات الناس منه.

«منصة كسروانيات»

وكشف فتّوحي أنّ المؤسسة أطلقت «منصة كسروانيات» التي تدعم أصحاب الكفاءات والحرفيّين والمنتجين. وكما هو معلوم فإنّ جائحة كورونا أقعدت الناس في بيوتها لذلك كان لا بدّ من خطوة لجعل فترة الحجر الطويلة منتجة من خلال التسويق الالكتروني لكلّ ما ينتجه أهالي كسروان في بيوتهم من حِرف أو أيّ منتجات بيتية، ونحن في المؤسسة نتكفل بالتسويق بطرق مبتكرة لتسهيل أمور الناس».

وحول المطلوب من الدولة للنهوض بالمجتمع بدءاً من البلديات الى الوزارات المعنية، رأى فتّوحي «أنّ المطلوب من الدولة بناء دولة، للأسف نحن نعيش الانهيار على هذا الصعيد نتيجة ثلاثين سنة من التراكمات، حيث انّ إدارة البلد قامت على مصالح شخصية ونفعية بعيداً عن هموم الناس، والمؤسف أننا وصلنا الى مرحلة الكارثة، وبالتالي يجب ان يكون هناك تغيير فعلي بعيداً عن الشعارات التقليدية، وأن يأخذ الشباب فرصتهم لتفعيل طاقاتهم وأفكارهم وعقولهم المتجدّدة في محاولة لحلّ معظم المشاكل التي نعيشها. لبنان يحتاج الى تجديد في كلّ النواحي وتحديداً في الحياة السياسية سواء في الأشخاص أو في الأحزاب».

الحلّ بالخروج من الشرنقة الطائفية

أما في ما يتصل بالشقّ السياسي ومسألة تشكيل الحكومة رأى فتّوحي «أننا نحن نعيش أزمة فعلية والدليل أننا لم نتمكّن حتى الآن من تشكيل حكومة جراء التعنّت الموجود لدى كلّ الأطراف، حيث أنّ ممثلي الطوائف يصرّون على تسمية وزرائهم، لا بل هناك محاولات لكي تتفوّق طوائف على أخرى، وهذا أمر مؤسف للغاية بحيث يفقد لبنان ميزة التنوّع التي تفرّد بها، فهل المطلوب أن نعود الى مرحلة تهميش حقوق المسيحيّين في لبنان والمشرق برمّته؟ وهناك أيضاً موضوع توطين الفلسطينيين، وتجنيس السوريين، وهذا كله يؤثر على الواقع الديموغرافي والوجود المسيحي وهذا مشروع قديم جديد.

نحن نشدّد على حق العودة للفلسطينيين، ونعمل على تفعيل موضوع عودة النازحين السوريين الى بيوتهم. وللأسف الشديد فإنّ الصراع القائم بين القوى السياسية في لبنان يؤثر بشكل سلبي على هذا الملف تحديداً بحيث يتمّ وصف كلّ من يدعو إلى عودة النازحين بالعنصريةنحن في منطقة كسروان كنموذج مصغر عن كلّ لبنان كانت لنا في الحزب اللبناني الواعد تجربة مميزّة في هذا المجال، وقد ساهمنا بالتعاون مع الأمن العام في إعادة آلاف النازحين السوريين الذين كانوا مقيمين في كسروان، ولمسنا لمس اليد الرغبة الفعلية لدى معظم السوريين للعودة إلى ديارهم».

وفي ما يتصل بالقانون الانتخابي الحالي اعتبر فتّوحي «أنّ الوضع السياسي لن يتغيّر بمجرد تغيير القانون الانتخابي، قد تتبدّل بعض الوجوه لكن المطلوب العمل على تفعيل الوعي لدى الشعب اللبناني، الحزب اللبناني الواعد يفضل الدائرة الانتخابية الواحدة على مستوى كلّ لبنان للخروج من الشرنقة الطائفية والولوج إلى العمل الوطني بعيداً عن القيود المذهبية ومنطق التسويات والمحاصصة. البداية الصحيحة تبدأ من الناخب الذي يجب عليه أن يعي كيفية اختيار من يمثله في موقع المسؤولية مهما يكن قانون الانتخاب».

وأكد فتوحي أننا مع القضية الفلسطينية حتى استعادة آخر حبة تراب من فلسطين، أما موضوع التطبيع مع العدو فهو يُنهي الوجود اللبناني، لذلك نحن كلبنانيين نرفضه بشكل مطلق.

وجدّد فتّوحي التأكيد على «أننا مقبلون على مرحلة صعبة لذلك يجب ان يتمّ تشكيل حكومة قادرة على تحمّل المسؤولية ومحاسبة الفاسدين لإنقاذ ما تبقى، وبالطبع نحن لسنا ضدّ التوجه شرقاً دون أيّ خوف من سطوة الغرب الذي نريد أيضاً الحفاظ على علاقاتنا معه، لذلك على من هم في موقع المسؤولية اتخاذ قرار حاسم في هذا الخصوص وقبول العروض التي تقدّمها إيران، وتفعيل التعاون التجاري والاقتصادي مع الدول المجاورة، وتحسين العلاقات مع سورية، ومواصلة التعاون مع العراق لا سيما في موضوع الفيول، وأيضاً نستطيع الاستفادة من قدرات روسيا والصين العالية في تنفيذ المشاريع الكبيرة في قطاعات النفط والغاز والكهرباء والطرقات والأنفاق… وهذا من شأنه أن يعيد الحياة إلى اقتصادنا الوطني ويخرجنا من هذا الجمود القاتل».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى