أولى

ليس من حق مَن أفقد القضاء
هيبته واستقلاله الهروب من المسؤوليّة!

 المحامي معن الأسعد*

 

لا يمكن للقضاة الهروب، أو حتى أن تراودهم فكرة الفرار، وترك الوطن والشعب و«الجمل بما حمل» من أثقال وظلم واستبداد ونهب وفساد المنظومة السياسيّة الحاكمة، حين استحقاق الحق، وقد تنعّمتم بالسلطة والجاه سنوات طويلة، وكان فيها الكثير منكم الحاكم بأمر السلطان! والآمر الناهي، الذي يهابه الناس، ولا يردّ له طلب، ولا يمكن لأحد مساءلته، لأنه مصان بخطوط حمر وخيم تحمي رأسه.

أتريدون الاستيداع أو الاستقالة والهروب بعدما أصبحت رواتبكم أقلّ من أجر عاملة أجنبية؟ ألستم أنتم السبب في كلّ ما حصل ويحصل وسيحصل للوطن والشعب بصمتكم المعيب والولاء لمن عيّنكم وحماكم؟ ألستم أنتم من تؤجّلون المحاكمات وتغطّون المرتكبين، وتعفون عن الظالم المدعوم وتتهمون المظلوم مع أنه بريء؟ أليس

قسماً منكم ارتضى بإغراق القضاء في وحول الطائفية والمذهبية والاستزلام لـ «ولي النعمة» و«شيخ القبيلة» وزعيمها  طمعاً بموقع أو خوفاً من عقاب؟

وقسم، آخر ارتضى أن يكون شاهد زور على إنهاء ما تبقى من هيبة القضاء واستقلاله.

 الحق يُقال، إنّ الثائرين الأحرار منكم، الذين انتفضوا على ما يحصل تمّ سحقهم أو نفيهم أو «تأديبهم» وصولاً  إلى تفتيتهم وشرذمتهم، وهؤلاء يستحقون التقدير والتحية من القلب وهم ثوار نادي القضاة الأحرار.

كيف سيُبنى لبنان كوطن وتقوم دولة، إذا كانت

 أربعة مواقع قضائيّة تشكل مفاصل السلطة وهي:

النائب العام لدى محكمة التمييز والنائب العام المالي ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس التفتيش المركزي.

وهي مفاتيح للسلطة السياسية الحاكمة التي اعتمدت عليها لتشريع سرقاتها وبطشها وترسيخ سلطتها وإذلال الناس

هؤلاء الأربعة الذين تحوّلوا إلى فراعنة السلطة يعاقبون ويثيبون.. والعياذ بالله

وهم مَن شرّع سرقة المال العام والخاص، والاستيلاء على أموال المودعين في المصارف، وتغطية وحماية الفاسد رياض سلامة وجمعية المصارف، ومَن ينسى الاجتماع على فنجان قهوة، مع رئيس وأعضاء جمعية المصارف في مكتب النائب العام التمييزي بحضور النائب العام المالي اوائل أزمة المودعين؟ ألستم أنتم مَن حميتم رياض سلامة والمنظومة التي تدور في فلكه؟ ألستم أنتم من شرّعتم سرقة جنى عمر المواطن في المصارف؟ انكم أنتم ولا أحد سواكم

لا يمكن بناء وطن من دون قضاء مستقلّ نزيه شفاف

والآن بعد «خراب البصرة» تريدون الهرب والقفز من على ظهر السفينة الغارقة؟

أليس لكم أهل وأقارب لترحلوا من لبنان وتركه في جحيم النار والدمار والانهيار؟ «حتى أنت يا بروتس»؟

ألا يعتقد أحد منكم أنّ خيار الانتفاضة والثورة على ما يحصل هو أسهل وأشرف من الفرار والإدبار والعيش في المنفى بذلّ طوال ما بقي من عمركم! ألا تخشون من تأنيب الضمير وتندمون على فعلتكم وتسرّعكم، واتخاذكم الخيار والقرار الخاطئين؟

لا «مش ظابطة» معكم، لأنّ الهرب ممنوع لمن تنعّم بجنة الرخاء ويريد الفرار قبل سقوط الهيكل، خوفاً من أن يتشظى منه.

إنها قاعدة الغنم والغرم لا تصلح مكانياً ولا زمانياً. عودوا الى قسمكم، إلى وطنكم، فلا بديل لنا ولكم عنه، وللأجيال التي ستأتي بعدكم، ولن تسامحكم أو تغفر لكم، إذا لم تلعن كلّ من حطم لبنان ونهبه وهدم دولته وقوّض مؤسّساته، والأهمّ أفقر شعبه وجوّعه وأذلّه.

*أمين عام التيار الأسعدي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى