الوطن

المناضل جورج إبراهيم عبدالله
وتاريخ فرنسا الاستعماري…!

} السيد سامي خضرا

لا تكُفُّ فرنسا عن سياسة الوعظ وحمل شعار الحرية وحقوق الإنسان خاصةً على الساحة اللبنانية التي لديها فيها الكثير من المريدين الذين يعشقونها عشقاً «جينياً « ولهم معها تاريخٌ من الغرام المُثقل بالتصنُّع والتكلُّف!

هؤلاء لا يرَونَ في فرنسا إلا العطر والأزياء والموضة و «الشانزيليزيه»، وهم صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ عن تاريخ فرنسا الحقيقي الدموي والإجرامي في جميع أنحاء العالم:

ليس بدءاً من الكيبك الكندية وليس انتهاءً بجزر المحيط الهادي ومروراً بأصقاع الأرض في عشرات البلدان حيثُ أجرمت في حق مئات الملايين من البشر ومن جملتهم نحن أهل بلاد الشام .

مناسبة هذا الكلام هو استمرار اعتقال المناضل جورج إبراهيم عبد الله الذي دَعَت الحملة الوطنية لتحريره إلى إعتصام احتجاجي أمام بؤرة الإستعمار الفرنسي المُسماة السفارة الفرنسية في بيروت يوم الأربعاء الماضي .

قد يبدو هذا التحرك عند بعض اللبنانيين المُشرَّبين بالاستلاب والانهزامية أمام الفرنسيين مُزعجاً أو غير «حضاري» وهو كذلك حتماً عندهم، ولكنه تحرك الحدّ الأدنى ليقولوا لهؤلاء:

إنّ هناك شعباً في لبنان يَمتشق العزَّة والكرامة ولم يُصدِّقكم يوماً مهما حاولتم التمثيل والتضليل.

بل ليقول لهم أيضاً:

بالرغم من وجود جهات سياسية ودينية وتربوية واقتصاديةٍ تنهزم أمامكم وتطمح أن تتعامل معكم كالعبيد… إلا أننا نحن نفهم تماماً ونتعامل معكم على أنكم رمزُ فسادٍ في كلّ العالم وعبر حقبات التاريخ بل أنتم منبِعٌ للتآمر لسفك الدماء ونهب الشعوب منذ مئات السنين.

فاستمرار احتجاز هذا المناضل ليس شيئاً جديداً طارئاً في التاريخ الإستعماري الفرنسي بل هو سياسةٌ مُعْتمدة للتعامل مع الشعوب المستضعفة التي يُسمّونها استخفافاً «العالم الثالث» حيث لا يُقيمون وزناً لمقدساتها المادية والمعنوية.

وعندما يتجاهل المسؤولون الفرنسيون هذا الإغفال المستمرّ لإعتقال هذا المناضل التاريخي فهم يؤكدون مجدّداً الإعتداءات المتكررة منذ مئات السنين على حقوق الشعوب وفي نفس الوقت يَتبجَّحون بالدعوة إلى حقوق الإنسان والحرية وهم لا يلتزمون بالحدّ الأدنى بها!

من هنا نرى مثلاً المواقف المتباينة للمسؤولين الفرنسيين من التطوّرات على الساحة اللبنانية حيث يتعاملون بفوقية وعنجهية لأنهم لا يحترمون شعوبنا.

 بل إنّ الذي يزور فرنسا يرى عجباً في الأحياء الصغيرة والفقيرة للوافدين من بلدان كثيرة فلا تقدير لتضحياتهم ومساهماتهم مع العلم أنّ كثيراً منهم يحمل الجنسية الفرنسية.

بل يصلُ الاحتقار لديهم أنهم يفرضون علينا قوانين تصادر حريتنا في ممارسة مقدساتنا والأمثلة على ذلك كثيرة، وهم في نفس الوقت يُساندون تنظيمات منحرفة ينسبونها إلى الإسلام ويستغلونها في العديد من البلدان في القتل والتخريب.

فكما تتجرأ فرنسا كلّ يوم على تجاهل حقوق ملايين المستضعفين الذين يعيشون على أرضها بالرغم من أنها تستفيد منهم، كذلك تتجاهل حق المناضل جورج إبراهيم عبد الله لأنها بصراحة لا تُقيم وزناً لوجودنا وكرامتنا وما نُمثل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى