عن مشهديّة يوم الشهداء في ضهور الشوير
شادي بركات*
يصف الأمين الراحل عبدالله قبرصي في مذكراته، وهو ابن الكورة، انطباعاته خلال زيارته الأولى إلى ضهور الشوير للقاء الزعيم، متحدثاً عن جماليّة البلدة والمتن الشمالي ويقيم مقارنة بين شموخ صنوبرها وعطاء زيتون الكورة.
بالأمس، وأنا قادم من الكورة إلى المتن للمشاركة في يوم الشهداء الذي أقامه الحزب السوري القومي الاجتماعي في ضهور الشوير كانت تلك المشهديّة تعود لتتشكل أمام ناظري. لعلنا في زمانين مختلفين إلا أنّ هذه الأرض هي نفسها وهذا الشموخ والعطاء هو نفسه.
ما أن تصل إلى مدخل البلدة حتى ترى معالم الحزب القومي واضحة، يستقبلك تمثال الزعيم بجماليّة فنيّة عالية حتى تشعر أنه يقول لك مرحباً بك في رحاب النهضة، وفي سيرك باتجاه ساحة البلدة لا تخلو زاوية من إشارة للحزب، راية هنا ونصبٌ وهناك وسلام على مسمعك باسم أبناء الحياة: تحيا سورية.
في ساحة البلدة حيث يُقام الاحتفال تمتدّ فصائل الأشبال والطلبة والرعاية الصحيّة ونساء النهضة ونسور الزوبعة برتل يشقّ وسطها وصولاً حتى نصب شهداء المقاومة، حيث ترتفع الراية مع الأناشيد الحزبية وتصطفّ أمامه جموع من القوميين الاجتماعيين من أجيال مختلفة، منهم من عاصر أنطون سعاده ومنهم من رافق الاستشهاديّين ومنهم مَن ينشأ اليوم على نهجهم.
أكاليل ورد على نصب شهداء المقاومة ثم يبدأ الاحتفال، ومع العبارات الأولى لعريفة تدرك أنه ليس باحتفال عابر! «باسم الشهداء، باسم سناء ومالك، باسم جرحانا ومناضلينا، باسم سورية وسعاده» افتتح الاحتفال.
رسائل عدّة للداخل والخارج أوصلها الحزب القومي، فمكان الاحتفال له دلالاته في عرف القوميّين، ثبتت من على منصته مؤسسة الحزب شرعيّتها القوميّة وبحضور واضح أكد التفاف الإرادة القومية حولها مسقطة وهم العابثين باستقرار الحزب الداخلي في ظلّ خوضه معارك قوميّة على جبهات مختلفة.
أكد هذا الاحتفال أنّ المسيرة التي عبّدت مسيرة الاستشهاديين في الـ 85 ما زالت مستمرة، وانّ الذاكرة النضالية التي تحملها مؤسّستها هي شرعيته التي تجلّت في إحياء هذه الذكرى.
الوجوه الشابة التي اعتلت المنابر وغصّت بها ساحة البلدة أكدت انّ هذا الحزب ينبض بالحياة وفاعلٌ في الجيل الجديد رغم كلّ محاولات تشويه صورته وضربه، وأنه عصيّ على كلّ فتنة.
حسم القوميون الاجتماعيون انّ خيارهم الوحدة وانّ كلّ فئة انشقاقية ترفضها تعزل نفسها وينبذها الصف الحزبي والقوى الحيّة في أمتنا.
وللخارج ثبت الحزب القوميّ معادلته في قلب الصراع فبينما كان يحيي ذكرى الاستشهاديين كان يزف شهيداً آخر ارتقى على ثرى الشام بمواجهة المجموعات الإرهابية، هي مسيرة ونهج خطّ منذ تسعة عقود، ولا يزال الأمر مستمرّاً من دون انقطاع جيلاً بعد جيل، مؤكداً أنه قوّة فاعلة تغيّر وجه التاريخ وركيزة أساسية من جبهة المقاومة على امتداد الوطن السوري.
اختتم الاحتفال، ولكن يوم القوميين الاجتماعيين في ضهور الشوير لم ينته. فعلى كتف البلدة حيث يرتكي عرزال يطلّ على الدنيا نهضة وحياة، يرتفع صرح فكري ضخم هو «دار سعاده الثقافية والاجتماعية» حيث عُقد اجتماع إداريّ حضره مسؤولو الوحدات الحزبية التي أكدت التزامها المؤسسي والمناقبي.
قبل افتتاح الاجتماع وضع على مسرح القاعة عرض مصوّر لوصية الاستشهاديين سناء محيدلي ومالك وهبي، يظهر فيها صوت مخطط ومعدّ العمليتين بشكل واضح ويختلط بصوت الشهداء لتستعيد معها ذلك العز القوميّ الذي لا ينضب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*وكيل عميد الإذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي.