حديث الجمعة

لأنّكَ لن تقرأَ… سأفضحُ أمركَ،

فنحنُ شعوبٌ نهوى الفضائحَ، لا تغرينا الأخبار العاديّة، لمْ تُخلَق آذاننا إلّا لسماعِ مآسي أخوتنا، حتّى الخبر العادي نُعيدُ صياغته بأسلوبنا النّكِد، وأنا بالذّات

من أفضلِ صنّاعِ الفضائح!

خصوصاً عندما يتعلّقُ الأمرُ بكَ!

سأعرّيكَ أمامَ الجّميعِ وأُخبرهم بأنّ طيفكَ لمْ يُفارقني لحظةً،

ولأنّني أوّل مَن تحدّث بقصّتنا

سيصدّقونني، سيقتنعونَ بحديثي،

ولأنّكَ لن تقوى على الدّفاعِ عن نفسكَ ستُعتَبَر مُتّهَمَاً في نظرِ الجّميعِ، ذاكَ النّظر القاصر الذي لا يرى في الرّجلِ سوى عاشق، أمّا المرأة

فهي متّهمةٌ منذ لحظةِ اكتشافِ الطّبيبِ لها بأنّها أُنثى في رحم امرأة!

سأخبرهم

بأنّكَ خطفتني منّي، أخذتني بعيداً وأنا معصوبة العينَينِ شأنكَ شأن مجرمٍ في عصابات، وعندما مللتَ وتركتني.. لمْ أعرفْ طريقاً للرّجوع،

فاتّخذتُ من متاهاتِ الطّرقِ منزلاً لي، وبحثتُ عنكَ كثيراً، ظننتُ أنّكَ فقط تمازحني، فأنا لا أصدّقُ أنّكَ قد تتنكّر لي، لا أقتنع بأنّكَ قد تخطفني وتقتلني أيضاً.

رأيتُ وجهكَ في كلّ بقعة ماءٍ تشكّلتْ بعد هطولِ المطرِ، رأيتكَ في انعكاسِ ضوءِ الشّمسِ

في عيون الأطفال،

وأتذكّر أنّني مرّةً اعتقدتكَ إحدى تلكَ الدّمى التي تزيّن واجهات المحالّ… وفي كلّ مرّة يخيبُ ظنّي، كان لديّ شعورٌ بأنّكَ قاتلي!

لكنّي كنتُ أخدعُ نفسي ولا أقوى على التّصديقِ،

فنحن غالباً ما نشعر بالحقائق، ولكنّ الحقيقة تحرقنا فنتظاهر بأنّها لن تلسعَ أفئدتنا.

بحثتُ وبحثتُ وبحثتُ حتّى ملّتِ الطّرقاتُ والأرصفةُ منّي، ملَّ الحجرُ وأنا لمْ أملّ

ولمْ أجدكَ

ثمّ مصادفةً

رأيتُ صورتكَ على صحيفةٍ في يدِ أحدِ الجّالسينَ في مقهى الرّصيفِ، يرتشفُ قهوته الصّباحيّة ويقرأكَ كخبرٍ عاجل،

استطعتُ تمييز العنوان، لأنّنا عادةً نكتبُ أخبارنا الفاضِحة بالخطّ العريض (ماتَ لأنّه قتل مَنْ تحبّه!)،

في الحقيقة لمْ أستطعْ إخفاء فرحتي،

فإنْ لم أجدكَ في الحياةِ، فبالتّأكيد سأجدكَ في الممات!

ألمْ تعرف بعد أنّ مَنْ يقتل امرأةً تهواهُ

يموتُ موتاً!

ولا زلتُ

 أهوى الفضائحَ!

ريم رباط

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى