الوطن

لبنان في البناء الروسيّ

} د. وفيق إبراهيم

تتحضّر روسيا لأداء دور مركزيّ في الشرق الأوسط بوسعه الذهاب بعيداً في العلاقات الروسية اللبنانية، باعتبار أن لبنان بات يركز على الأدوار الروسية انطلاقاً من أهمية روسيا في لبنان.

المسألة ليست التوصل الى علاقات روسية – لبنانية. الموضوع هنا ان الروس يعرفون ان لبنان ليس بلداً صغيراً بالإمكان ضمّه الى سلسلة البلدان الصغيرة التي تستطيع الانسجام في اللعبة الروسية.

فما يهم هنا أن لبنان اصبح جزءاً من اللعبة الروسية وبإمكانه عبر علاقات عميقة مع الروس تأسيس علاقات عميقة تقوم على اعتبار لبنان دولة استراتيجية تستطيع تركيب علاقات مع روسيا تقوم على احترام روسيا للبنان عبر علاقات ترى أن النفوذ الروسي يجب ان يقوم على أساس احترام لبنان. هذا هو لبنان الذي بوسعه تركيب معادلة روسية – لبنانية مبنية على الاحترام المتبادل وتنتزع من الأميركيين الكثير من مواقع القوة والاحترام. وهذا يعني علاقات لبنانية – روسية تبدأ بالتنازل الروسي لقاء علاقات لبنانية ترى أن انطلاقة الروس انما تبدأ من لبنان وهذا يتطلب أنواعاً من التنازلات من موسكو الى بيروت.

هل تستطيع موسكو اختيار تنازلات مربحة؟ نعم بإمكانها أن تذهب بعيداً في هذا المضمار خصوصاً أن روسيا الحديثة بوسعها ان تختار اللعب على العلاقات الروسية اللبنانية لا سيما أن روسيا على علاقات عميقة مع سورية وإيران. وهذا يعني ان الخيار الروسيّ – الإيرانيّ – السوريّ هو خيار هام جداً ومرتبط بالخيار اللبناني عبر حزب الله، بما يؤكد ان حزب الله تنظيم لبناني متماسك بوسعه بناء سياسات منفتحة على مختلف اتجاهات الرأي العام الداخلية.

يتبيّن إذاً أن حزب الله وسورية وإيران ودول اخرى بوسعها بناء سياسات شرسة جداً ومجابهة الروس في اكثر من مكان.

هل بإمكان الروس مجابهة المحور السوري الايراني؟ هذا أمر صعب جداً لان المحور الايراني يعول كثيراً على بناء سياسات واسعة تجابه الروس في أكثر من مكان، خصوصاً السياسات الروسية في موسكو وحتى روسيا نفسها، فمن الصعب مجابهة روسيا عبر لبنان خصوصاً أن لبنان أصبح مهيئاً لممارسة سياسة صدم مع الروس، فهل يمكن للروس بناء سياسة خاصة بهم تسجل حالة صدم للسياسة الروسية.

لا بد هنا من الانتباه الى ان بناء سياسة روسية في وجه الاميركيين يحتاج الى سياسات روسية عميقة مرتبطة ببناء سياسات اميركية ليست عادية، علماً ان الاميركيين يتحضرون منذ مرحلة الرئيس الحالي لبناء حالة أميركية ضخمة تستطيع التلاعب بالدور الأميركي عبر التلاعب بالدور الروسي ويبدو ان الاميركيين يتهيأون لأدوار روسية بوسعها الأكل من حصة الروس بطرق مختلفة.

نحن إذاً في مرحلة صدام روسي أميركي عنيف يحاول فيها الاميركيون التهام الحصة الروسية مع السعي لوضع اليد على جزيرة العرب بطرق مختلفة.

تكفي الإشارة الى ان جزيرة العرب واليمن والإمارات كلها محميات يعمل الاميركيون على التهامها بشكل أو بآخر بما يؤكد أن ساحات القتال اصبحت مفتوحة من العراق والسعودية والإمارات وقطر، فهل هذا ممكن؟ نعم هذا ممكن لأن السعودية تعمل على التهام الشرق السوري بشكل او بآخر وتسعى للسيطرة على البوكمال ومنع الارتباط بين الحدود العراقيّة والسورية.

هل تنجح السعودية في تأمين حدود جديدة لها؟ نعم إنها متمكنة من ذلك، لان الدور السعودي في العراق قوي جداً ويصل الى كردستان ومناطق الوسط، بما يؤكد ان الدور السعودي ليس ضعيفاً وله القدرة على بناء دور كبير جداً ينطلق من السعودية متجاوزاً العراق على امل ان يحقق سرعة ملموسة في بناء عراق مستقبلي وله القدرة على الإمساك بالعراق المستقبلي. فالعراق ذاهب الى تأسيس تحالفات عراقيات – سعودية بالوسع التأكيد أنها عصب المستقبل في لعبة الصراع على الشرق الأوسط الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى