أولى

سلوك داعش وقطعان المستوطنين ينتقل إلى لبنان

– في مشهد حضاريّ شارك عشرات آلاف السوريين في الانتخابات الرئاسية السورية في سفارة بلادهم في لبنان، وجاءت هذه المشاركة مختلفة عن العام 2014، خصوصاً أن الانتصارات التي حققها الجيش السوري، والاعتراف العربي والدولي الذي ترجمه عدد الدول الكبير الذي انضمّ الى قافلة السماح بإجراء الانتخابات في السفارات السورية عبر العالم، خصوصاً من دول كانت طرفاً في الحرب على سورية ورئيسها وبعضها كان رأس حربة في هذه الحرب. قد منحت هذه المشاركة معنًى سياسياً مختلفاً، أضاف للتعبير عن مكانة الدولة السورية ورئيسها في وجدان السوريين بعد تجربة محنة الحرب والنزوح، فتحاً عملياً للباب الواسع أمام عودة النازحين.

– القرار الدولي والعربي على مساحة عشرات الدول التي قاطعت الدولة السورية لعشر سنوات، بإفساح المجال للنازحين السوريين للمشاركة في الانتخابات في سفارات سورية لديهم، هو ضمناً قرار جديد يلغي قراراً سابقاً كان محوره احتجاز النازحين كرهائن لاستخدامهم في جولات انتخابية معلبة تخدم الرهان على العبث بمستقبل سورية تحت شعار ربط عودة النازحين بالحل السياسي، وفك هذا الربط عملياً يعني إتاحة المجال لعودة النازحين بعدما انتهت مبررات حجزهم كرهائن. وهذا يفتح الطريق لنقل المساعدات التي يتلقونها كنازحين لتصير دعماً لعودتهم، خصوصاً بانتفاء الأسباب الأمنية للنزوح، وبقاء العامل المعيشيّ وحده سبباً في ظل ضائقة مالية خانقة تعيشها سورية بفعل الحصار ويعيشها النازحون، خصوصاً في لبنان مع أزمته المتفاقمة.

– المنطقي أن يقف كل اللبنانيين يصفقون لمشاركة سورية واسعة في هذه الانتخابات مؤكدين ثقتهم بدولتهم ورئيسهم ما ينفي أي سبب سياسي للنزوح، وأن يضمّ اللبنانيون أصواتهم إلى السوريين مطالبين الجهات المانحة بتحويل مساعداتها للنازحين إلى مساعدات للعائدين، لذلك بدا مصدراً للاستغراب هذا الغيظ الذي عبرت عنه عملياً جهات لبنانية ميليشياوية، وتحول الى اعتداءات وحشية على الناخبين السوريين المتوجهين الى سفارة بلادهم، معيدة الى الذاكرة صور وحشية داعش وقطعان المستوطنين، خصوصاً أن الكلام السياسي لقادة هذه الميليشيات، يشبه كلام الدواعش وقادة المستوطنين، عن الترحيل والتهجير، لكن المخفيّ هو أن رغبة هذه القوى بأن تكون غالبية النازحين معادية لدولتها يعني الرغبة الضمنية بعدم عودتهم، وهذا يعني خياراً وحيداً لهم هو توطينهم في لبنان.

– الغاضبون من مشهد التصويت السوري لخيار العودة، وما رافقه من تصويت دولي وعربي عملي لصالح العودة بمناسبة الانتخابات، هم أصحاب الرهانات الخاسرة على سقوط سورية، والذين ربطوا مصيرهم بمصير الحرب التي تورطوا فيها ضد سورية كخدم للمشروع الأجنبي الذي تركهم وحيدين أيتاماً لمشروع هُزم، وكما قال أحد المسنين السوريين المشاركين في انتخابات الأمس، كسروا سياراتنا لكننا كسرنا لهم مشروعَهم.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى