أولى

اليمن: لا زال التعقيد قائماً

مع إنهاء الوفد العُماني لزيارته إلى صنعاء تبدو الصورة أشد وضوحاً، فالأميركيون لا يزالون عند نقطة عرض وقف النار مقابل وقف النار، متجاهلين كل المطالبات اليمنية برفع الحصار. وتؤكد القيادة اليمنية أنها منفتحة على كل دعوة جديدة لوقف الحرب، لكن وقف النار ليس وقفاً للحرب، لأن الحصار هو نصف الحرب الذي يؤذي اليمنيين أكثر بينما إطلاق النار هو النصف الثاني من الحرب الذي يعرف أصحاب العدوان أنه فشل فشلاً ذريعاً في إضعاف اليمن وإخضاعه، وتحول الى عبء على أصحابه، مع عناصر القوة والاقتدار التي أظهرها اليمنيون، ولذلك فإن ما يعرضونه، هو استمرار الحرب في النصف الذي يريحهم وإيقافها في النصف الذي بات عبئاً عليهم، بينما اليمنيون يسعون لوقف الحرب كلياً.

آخر العروض كانت وعوداً بجعل تأمين تدفق محسوب للمواد الغذائية والمحروقات والأدوية الى اليمن عبر المرافق البحرية والجوية وخصوصاً مطار صنعاء وميناء الحديدة، الى حين التوصل إلى اتفاق سياسي ما يعني أن النية هي بجعل الابتزاز بشروط حياة اليمنيين وسيلة الحرب المرافقة للتفاوض، بينما يكون أصحاب الحرب قد تخلصوا من الجانب المزعج لهم في الحرب والذي شكل ضغطاً عليهم للمبادرة للبحث بوقف النار.

يقدّم اليمنيون مثالاً بما جرى مع قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، رغم كل الوعود بفك الحصار بمجرد الموافقة على وقف النار، وما سيجري مع اليمن لن يكون مختلفاً إذا قبل اليمنيون بالخديعة، ولذلك فإن مصداقية الساعين لوقف الحرب تتوقف على جدية الدعوة لتلازم وقف النار ورفع الحصار كنصفين متكاملين في قرار الحرب، وإلا دخل اليمن في النسيان وهو تحت الجوع والحصار.

يؤكد اليمنيون أنهم لا يراهنون على تحقيق مكاسب عسكرية تحسن موقعهم التفاوضي ولو أرادوا ذلك لفعلوا، في مأرب وغير مأرب، وهم يتمهلون بالخطوات العسكرية النوعيّة مراعاة لسعيهم لحفظ ماء وجه الذين يحاربونهم، سواء في الرياض وأبو ظبي أو في واشنطن، لترك الباب مفتوحاً لتسوية تنهي الحرب فعلياً، وتفتح باب التفاوض السياسي على قواعد متوازنة ومنصفة، لا يشكل فيها الحصار حرباً أشد قسوة لفرض التنازلات التي فشل الشق العسكري بفرضها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى