أولى

بعدنا طيبين قولوا الله… في الذكرى 39 لمجزرة صبرا وشاتيلا

 معن بشور
1 – خطان….
(إلى روح شهداء صبرا وشاتيلا وكلّ الشهداء)

لا أظنّ أنّ مجرم الحرب شارون وعملاءه كانوا يعتقدون للحظة واحدة إنه بعد 39 عاماً على مجزرتهم الكبيرة في مخيمي صبرا وشاتيلا التي ظنّوا انهم بقتلهم لآلاف الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والمصريين والجزائريين وغيرهم من القاطنين في المخيم، وباحتلالهم للعاصمة العربية الثانية، بيروت، بعد القدس، ولإخراجهم قوات الثورة الفلسطينية والجيش العربي السوري والمتطوّعين العرب، سيرون اليوم قوافل النفط الآتية من إيران عبر سورية، وبواسطة المقاومة اللبنانية كخطوات أولى على طريق كسر الحصار الأميركي ـ الصهيوني على لبنان.

 ولا أظنّ كذلك أنّ من خطّط ونفّذ مشروع تلك الحرب الأطول في حياة الصراع العربي ـ الصهيوني ضدّ لبنان عام 1982، والذي كان يعتقد انه أستأصل جذوة المقاومة، كان سيصدّق ما تراه عيناه اليوم من انتصارات كبرى حققتها المقاومة في لبنان ضدّ الاحتلال، ومن انتفاضات متلاحقة، وعمليات متصاعدة، وبطولات متعددة ستشهدها أرض فلسطين عِبْر هذه العقود الأربع لتجعل الصراع أكثر حدّة، والمقاومة أكثر فعالية، والمشروع الصهيوني أكثر ارتباكاً.

 ولا أظن كذلك انّ بيغن رئيس وزراء الكيان الغاصب، ومعه ريغان رئيس الولايات المتحدة الأميركية يومها، وأزلامهم المحليّين في لبنان والمنطقة كانوا يعتقدون انهم سيرون بعد أربعة عقود على قرارهم بالعدوان ضد لبنان وفلسطين وسورية، الملايين من الأميركيين سيخرجون في مدنهم يتظاهرون ضدّ الاجرام الصهيوني، وان مجلس نواب ولاية كاليفورنيا، وهي من أكبر الولايات الأميركية، سيصدر تشريعاً يلزم فيه الجامعات في الولاية بدراسة القضية الفلسطينية من رؤية عادلة، ترى في الكيان الصهيوني دولة فصل عنصري وأبارتايد، وأن أبناء حيّ الشيخ جرّاح في القدس منى ومحمد الكرد سيتوّجان بين المئة شخصية الأكثر تأثيراً في العالم، وأنّ منظومة الأمن الصهيوني التي طالما تباهى بها العدو سيتمّ اختراقها على يدّ أبطال سجن جلبوع الستة، وهم يشّقون طريقهم الى الحرية.

 بين ذلك اليوم الحزين الغارق في الدم والألم، وبين يومنا هذا الممتلئ بالصمود والأمل، يمكن للمتشائمين من أبناء أمتنا، والتشاؤم هو مصدر اليأس والاستسلام، أن يدركوا انّ خطّ المقاومة البياني في تصاعد رغم كل الصعوبات، وخطّ الغطرسة الاستعمارية الصهيونية في تراجع، رغم بعض المظاهر المعاكسة.

 فبين تصاعد خط المقاومة وتراجع خط الغطرسة والعدوان، يمكن لأرواح شهداء صبرا وشاتيلا وكل شهداء فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن وليبيا ومصر وكل بلد عربي وإسلامي، ان تطمئن الى انّ دماءهم لم تذهب هدراً… ولن تذهب بإذن الله…

2 – شهداء وأوفياء
“كي لا ننسى”

في مثل هذه الأيام من كل عام، كانت بيروت تستقبل وفداً من دول عدّة من العالم، أغلبهم من إيطاليا وعلى رأسهم المناضل الكبير الراحل ستيفانو كياريني وخلفه الراحل ماوريسيو موسولينو، وفداً يصرُّ على ان يحيي ذكرى مجزرتي صبرا وشاتيلا في بيروت ويزور المدافن ويلتقي بفاعليات فلسطينية ولبنانية، كما يزور الجنوب المحرّر والمخيمات الفلسطينية، وذلك في برنامج “كي لا ننسى” الذي أطلقته في الأساس شخصيات فلسطينية ولبنانية كالراحل رفعت النمر والكاتب الكبير طلال سلمان والمجاهد محمد سعيد الخنسا، ورموز العمل المدني والإنساني الدكتور كامل مهنا وقاسم عينا وزياد عبد الصمد.

 منذ عامين، ومع حلول جائحة كورونا، لم يتمكّن هؤلاء الأحرار من زيارة لبنان، وبدت احتفالاتنا بهذه الذكرى الموجعة والأليمة ناقصة في غيابهم، لكن لا بدّ ان نقول لهم اليوم من بيروت ونحن أيضاً “لن ننسى”… لن ننسى هذه الزيارات السنوية، ولن ننسى وفاءكم لدماء الآلاف من الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والمصريين والجزائريين وغيرهم، الذين ذبحتهم آلة شارون الإرهابية، الصهيونية وغير الصهيونية، ولن ننسى انهم مثّلوا في مبادراتهم وزياراتهم تلك، الضمير الحيّ للإنسانية جمعاء في مواجهة العقل الاستعماري العنصري الجهنمي الذي يتحكم بمصير العالم.

 في كل عام ونحن نتذكّر شهداءنا البررة في صبرا وشاتيلا، نتذكّر أولئك الاوفياء الذين سيبقون شموعاً للكرامة الإنسانية، ورموزاً حقيقية لحركة الدفاع عن حقوق الانسان وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها.

 الخلود للشهداء، الشفاء للجرحى، الحرية للأسرى، والنصر للأوفياء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى