أولى

وداعاً دكتور وفيق…

} ناصر قنديل

عرفته منذ خمسة وثلاثين عاماً عندما عملنا معاً في صحيفة «الحقيقة» اليومية، ومنذ ذلك التاريخ صار الدكتور وفيق ابراهيم العصامي والمكافح، الباحث عن الحقيقة بعقل حر، والداعم للحق بقلب شجاع، صديقاً ورفيق درب، وعندما جمعتنا مسيرة العمل معاً في صحيفة «البناء»، كنا كمن يستأنف مشواراً قد توقف للتوّ ولم تمرّ عليه السنوات، فكان الدكتور وفيق متدفقاً ومثقفاً ومؤمناً بالمقاومة والوطن والملتزم بضمير حي يرفض الاستزلام، وبقي حتى الرمق الأخير كاتباً لا يملّ مقارعة الأفكار ومجادلة المخالفين، حجة بحجة، لم يشتم ولم يقم بالإساءة لأيّ من الذين خاصمهم لأفكارهم فجادلهم بالتي هي أحسن، ولا تكن فظاً غليظ القلب، وكم كان قلب وفيق رقيقاً.

يعرف العاملون في مهنة الحبر، الظروف المادية الصعبة التي تعيشها الصحافة، وموجب الأمانة يقتضي القول انّ الدكتور وفيق لم يتقاض قرشاً واحداً عن مقال كتبه، وكان مكتفياً بأنّ «البناء» منحته زاوية يأنس للكتابة فيها بصورة يومية، بلا كلل وملل، يصيبه أو يصيب القراء من كتاباته، فهو دائماً جديد ومتجدّد، في زمن يكاد فيه محترفو العمل الصحافي وحاملو الألقاب الكبيرة فيه لا يكتبون مرة في الأسبوع، وإنْ كتبوا أكثر برز التراجع في المضمون والشكل، بينما كان الدكتور وفيق من أصحاب المقالات الأكثر قراءة في جداول إحصائيات قراء «البناء».

المرض العضال الذي فاجأ الصديق والزميل الدكتور وفيق ابراهيم، فاجأ أهله وأصدقاءه بسرعته في خطفه من بيننا، وكلنا سنتذكّر مقعده الفارغ وعمود كتابته الذي سيتناوب عليه عدد من الزملاء أملاً بملء بعض الفراغ.

رحم الله فقيدنا وأحرّ التعازي لأهله وعائلته وتلامذته ومحبّيه… بأمان الله أيها الزميل العزيز، فالمقاومة التي أحببت تتفوّق وتتقدّم، فنم بسلام قرير العين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى