أولى

إعادة النظر في قانون الانتخاب

 بشارة مرهج*

ردّ رئيس الجمهورية لقانون «التعديلات على قانون الانتخابات» وإعادته إلى مجلس النواب لا يجوز إقحامه في معمعة الخلافات المستحكمة بين القوى السياسية وبخاصة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل. فقانون الانتخاب من أهمّ قوانين الجمهورية وينبغي أن يسمو فوق الخلافات السياسية.

ولأنه يؤثر بالعمل في صيغة النظام السياسي ومستقبل البلاد فمن حق اللبنانيين أن يطمحوا إلى التغيير وإلى صدور قانون متقدّم على القانون المعمول به الذي أسهم في تشتيت الحياة السياسية وإغراقها في بحر من التوتر الداخلي لا يليق باللبنانيين والإنجازات التي حققوها على أرض الوطن وبلدان الاغتراب.

وهنا نستغرب كيف تجاوز مجلس النواب، عند التصويت بالأمس على إجراء تعديلات في قانون الانتخاب، مسألة الصوت التفضيلي الذي كرّس المشاعر المذهبية والجهوية إلى أبعد حدّ، بعد أن أسهم طيلة الدورة الماضية في تباعد اللبنانيين وتنابذهم بدلاً من تقاربهم وتصالحهم. فالصوت التفضيلي في وجهه الظاهر يتيح لكلّ مكوّن طائفي في لبنان أن يمارس حقه الديمقراطي ويختار نائبه، لكن الوجه الباطني لهذا الصوت يحرم اللبنانيين كمجموعة من هذه الفرصة وكأنّ البلاد هي مجرد تجمعات طائفية أو كانتونات مذهبية. والقول بالاكتفاء بما هو موجود والامتناع عن فتح الملف كي لا ندخل في جدل غير آمن ليس منطقياً على الإطلاق، فالحوار بشأن أهمّ قانون في البلاد ينبغي أن يكون قائماً ومستمراً بحثاً عن الأفضل في نظام تطغى فيه الديمقراطية الشكلية على الديمقراطية الحقيقية، التي تستوجب التطوير والتحديث في كل آن وفي كل حين.

أما التذرّع بضيق الوقت لتفادي طرح الموضوع في الجلسة العامة فأمر غير مقبول، بخاصة أن الوقت يسمح ـ ويجب أن يسمح ـ بإخضاع التجربة الوطنية السابقة للبحث والتقييم وصولاً إلى حلول بشأنها تبدأ بزيادة المنسوب الوطني في قانون الانتخاب. وهذا، كما لا يخفى على أحد، هو الواجب رقم واحد لمجلس النواب اللبناني المعبّر عن الذات الديمقراطية والعابر للمذاهب والطوائف اللبنانية.

كذلك نتساءل مع كثيرين لماذا عمد المجلس إلى اختيار شهر آذار 2022 موعداً لإجراء الانتخاب بدلاً من شهر أيار 2022، مع علمه بأنّ ذلك قد يضع العملية الانتخابية تحت رحمة الأحوال الجوية بخاصة في المناطق الجبلية مما يطرح تساؤلات لا بدّ من مخاطبتها تنويراً للرأي العام.

وأكثر من ذلك فإنّ موعد 27 آذار 2022 يضع الحكومة اللبنانية، المكلفة بالإنقاذ، في حرج شديد تجاه صندوق النقد الدولي الذي من عادته التحفظ على إجراء مفاوضات وعقد اتفاقات مع حكومة أجلها محدّد بأشهر معدودة، فهل تريد الحكومة الحالية تفادي المفاوضات والإصلاحات المطلوبة بحجة قصر عمرها كما تفادت المنظومة الحاكمة استحقاق المفاوضات السابقة تهرّباً من الخسائر التي يجب أن يتحمّلها ثلاثي السلطة والمصارف والبنك المركزي؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نائب ووزير سابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى