فلسطين ترسم إيقاع المنطقة بمقاومتها… وبريطانيا تعاقب حماس… والقومي يتضامن معها كمقاومة / الرؤساء يضعون الحل السياسي على نار باردة… وتعاون روسي – لبناني متعدد العناوين / وفد الكونغرس مهتم بترسيم الحدود… ونقابتا المحامين تخذلان دعاة المعارضة وأدعياء الثورة
كتب المحرر السياسي
تابعت فلسطين بمقاوميها صناعة الحدث الأول في المنطقة، مع تزاحم الأحداث التي تضع قوى التحرر على الساحة الدولية في مكانة متقدمة، حيث تثبت روسيا موقعها العسكري المتفوق وتضع الخطوط الحمراء وترسم حدود المناطق الساخنة، وتتقدم الصين من موقعها كلاعب اقتصادي حاسم لترسم قواعد التنافس والاشتباك مع الأميركي، بينما إيران تكتب كل يوم في مياه الخليج حكاية جديدة للإمساك بزمام المبادرة بوجه الأساطيل الأميركية، وجديدها السياسي كان مع اقتراب موعد العودة للمفاوضات حول ملفها النووي في فيينا، الإعلان عن معادلة العودة المتمهلة إلى الاتفاق النووي، مقابل دعوات الاستعجال التي تتلقاها من الأميركيين والأوروبيين لتجيبهم بالقول أدوا التزاماتكم ثم طالبونا، بينما حملت نتائج الانتخابات النيابية في فنزويلا، التي جاءت كترجمة لمبادرة الاتحاد الأوروبي للحل السياسي، فوزاً كبيراً للرئيس نيكولاس مادورو، في حدث وصفته مصادر متابعة للوضع في القارة الأميركية، بالزلزال السياسي الذي يعادل وزن الزلزال العسكري للانسحاب الأميركي من أفغانستان.
فلسطين فاجأت الاحتلال بعملية الشيخ الشهيد فادي أبو خشيدم التي قتل وجرح فيها أربعة من جنود الاحتلال، والتي أعقبت عملية الطعن التي نفذها الشاب الشهيد عمر أبو عصب، ورافقتها عملية طعن في يافا، لتأكيد هذا الإيقاع المتسارع لنهضة المقاومة في فلسطين، ودفع المواجهة مع الاحتلال لتتحول حدثاً أول على جدول أعمال المنطقة والعالم، بينما واصلت الحركة الأسيرة عبر موجة الإضراب عن الطعام التي يخوضها الأسرى تحقيق المزيد من الإنجازات، كان أبرزها إنهاء الأسير كايد الفسفوس لإضرابه مقابل الإفراج عنه وإنهاء الاعتقال الإداري بحقه ليكون الرابع بين زملائه الذين يفوزون بالحرية، وكان اللافت دخول بريطانيا على خط تعويض الارتباك الإسرائيلي بإدراج حركة حماس التي ينتمي إليها الشهيدان أبو عصب وأبو خشيدم وعدد من الأسرى الذين خاضوا معارك الأمعاء الخاوية، على لوائح الإرهاب وفرض العقوبات على قادتها ومن يتعاون معها، بعدما شهدت بريطانيا تفاعلاً متنامياً مع دعوات المقاطعة العلمية والأكاديمية والثقافية والاقتصادية لكيان الاحتلال، وكان آخر مشاهدها ملاحقة السفيرة الإسرائيلية في لندن تسيبي حوتوبيلي في جامعة لندن للاقتصاد ومنعها من إلقاء محاضرة مقررة مسبقاً، ولقي القرار البريطاني بحق حركة حماس حملة إدانة واسعة، وأصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بيان تضامن مع حماس كحركة مقاومة مديناً الخطوة البريطانية.
في الشأن الداخلي، حملت زيارة وفد الكونغرس الأميركي، تحت عنوان استطلاع الآراء وتجميع المعلومات، إشارات لرهان أميركي على وضع قواعد اشتباك جديدة للمواجهة مع حزب الله، تقوم على التسليم بلا جدوى المغامرة بخيار المواجهة أو الوقوع بأوهام العزل، أو الاستثمار على إسقاط لبنان اقتصادياً، والبحث ببدائل تقوم على السعي لتجميد أو تبريد خطوط التماس مع الاحتلال التي يعتقد الأميركيون أن المقاومة تتغذى منها وأن حزب الله يستقوي بها، وفي هذا السياق حاول الوفد جس النبض لفرضية إنجاز ترسيم الحدود البحرية والبحث بترسيم مواز ينهي بعض نقاط النزاع في البر، باستثناء مزارع شبعا، بالتوازي مع الحديث عن العودة لاتفاق فك الاشتباك في الجولان السوري المحتل، أملاً بأن يؤدي الترسيم والتبريد إلى فتح الباب لتهدئة مديدة، يرافقها رهان على تأثير الملف النفطي اقتصادياً في تشكيل كابح للتصعيد، ودعم الحكومة لخطة نهوض بالتعاون مع صندوق النقد، وسعي لتوحيد القوى المناوئة لحزب الله انتخابياً، وقالت مصادر واكبت زيارة وفد الكونغرس أنه كان واضحاً بعدم الموافقة على التصعيد السعودي ضد لبنان، واعتباره عنصر تأثير سلبي على الخطة الأميركية، وأن أعضاءه كشفوا عن مساع للحلحلة تقوم بها واشنطن بعيداً عن الإعلام، كما كان واضحاً أن الوفد يميل للاعتقاد بوجود فرصة لتهدئة سياسية اقتصادية وتخفيض لسقف المخاطر.
في الشأن المحلي أيضاً كانت نتائج الانتخابات في نقابتي المحامين في بيروت والشمال تعيد الاعتبار لقواعد اللعبة النقابية التقليدية، خارج إطار التلاعب الذي تم تسويق نتائج الانتخابات السابقة تحت عنوانه، بتوصيفه انتصاراً للأحزاب التي صنفت نفسها كمعارضة أو الشخصيات التي تصدرت واجهة الحراك الشعبي وأطلقت على بعضها لقب الثوار، وجاءت النتائج لتخيب توقعات وتسقط مزاعم دعاة المعارضة وادعياء الثورة، وتقدم نموذجاً عن مشهد الانتخابات النيابية المقبلة.
على المستوى السياسي والدبلوماسي، كانت الزيارة الناجحة لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب إلى موسكو، فرصة لتظهير بدايات تعاون روسي- لبناني متعدد المجالات تحدث عنه بوحبيب ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، سواء عبر إيداع روسيا لبنان صور الأقمار الاصطناعية الروسية لانفجار مرفأ بيروت، أو عبر الإعلان عن التعاون مجدداً في تفعيل ملف عودة النازحين السوريين من لبنان إلى سورية، أو فيما كشف عنه لافروف من اهتمام جدي للشركات الروسية بلبنان وفرص الإعمار والاستثمار، وإعلانه قبول الدعوة التي وجهها له بوحبيب وعزمه على تلبيتها بزيارة بيروت.
حكومياً كان احتفال عيد الاستقلال نقطة اللقاء المرتقبة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليعقب الاحتفال لقاء رئاسي في بعبدا، قالت مصادر تسنى لها الاطلاع على أبرز ما دار فيه، أن تبريد الخلافات كان المهمة الأولى للاجتماع، والإعراب عن النوايا الإيجابية المتبادلة للتعاون، ووضع الحل السياسي على نار باردة، يفترض أن تنضج مطلع الشهر المقبل، بخلق مناخات تتيح عودة مجلس الوزراء للانعقاد، بعد تذليل العقد، سواء في ملف التحقيق في مرفأ بيروت، من خلال منح مهلة للقضاء لإصدار قرار الفصل بين مسار التحقيق وملاحقة الرؤساء والوزراء، أو تعاون الكتل النيابية للسير ببدء المسار النيابي لتفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين الرئيس بري والبطريرك بشارة الراعي، وبعدها يصير ممكناً البحث بهدوء في ملف استقالة الوزير جورج قرداحي، الذي حسم أمر عدم طرح إقالته على طاولة البحث، وترك الأمر بين يديه في التوقيت المناسب.
وأدان الحزب السوري القومي الاجتماعي القرار الصادر عن وزيرة الداخلية البريطانية، والمتضمن تصنيف حركة المقاومة الإسلامية «حماس» كتنظيم إرهابي.
وأكد «القومي» في بيان أصدره، أن حركة حماس هي حركة مقاومة ضد الاحتلال، وأن القرار البريطاني يعد إمعاناً في النهج المنحاز الذي دأبت على سلكه الحكومات البريطانية، بدءاً من سياستها الاحتلالية تجاه بلادنا وتجاه أمم أخرى، مروراً بوعد بلفور المشؤوم، وصولاً إلى الدعم اللامتناهي الذي تقدمه للكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني. أضاف بيان القومي: أن احتلال أرض فلسطين ومصادرة ما أمكن منها لإقامة مغتصبات يهودية عليها، وإقامة جدار الفصل العنصري، وتهجير المواطنين من أهلنا، وصولا إلى حملات الاعتقال واحتجاز جثامين الشهداء، كل هذه الجرائم لم تحرك ساكناً لدى الحكومة البريطانية. فيما استفزتها مقاومة شعبنا في سبيل تحرير أرضه من الاحتلال، وهذا حق مقدس مكفول في كل قوانين العالم وشرعات حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية.
وفي مجال آخر، رأى عميد الإعلام في الحزب معن حمية أن عيد الاستقلال اكتسب معناه الحقيقي بمقاومة المستعمر، بطولة واستشهاداً، في مقاومة تصدرها القوميون الاجتماعيون وتمّ بإرادة الوطنيين اللبنانيين وتضحياتهم، ويخطئ من يظن أن الاستقلال صك يمنحه المستعمر، فالاستعمار والاحتلال لا يندحران عن أرض إلا بفعل إرادة المقاومة، وهذه حقيقة واقعية وتاريخية.
وأكد حمية في بيان أن الوطنيين اللبنانيين الذين ما رضوا يوماً بالخضوع لأي احتلال، بدءاً من التركي إلى الفرنسي مروراً بالصهيوني وصولاً إلى الإرهابي، كان قرارهم دوماً المقاومة دونما تردد، وهم اليوم عازمون على مواجهة الحرب الاقتصادية بمزيد من الصمود والثبات.
وأكد أنه «لا انتصار للبنان إلا مع محيطه القومي، تكاملاً وتسانداً، ضمن مجلس تعاون مشرقي أثبتت التجارب والأحداث ضرورته، ولا عزة للبنان إلا بخيار مقاومة الاحتلال الصهيوني، ولا إنقاذ له من نظامه الطائفي إلا بالوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية يتساوى فيها كل المواطنين في الحقوق والواجبات».
وحمل اللقاء الرئاسي في بعبدا بذكرى الاستقلال الـ78 مؤشرات إيجابية قد تفتح الطريق نحو الحل للأزمات المتراكمة والمكدسة على رصيف الانتظار، حيث شكلت المناسبة التي جمعت الرؤساء الثلاثة فرصة للحوار المباشر بين المعنيين بالشأن الحكومي، وذلك بعد طول انقطاع ومناخ متوتر شهدتها العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية تحديداً.
وقد اقتصر اللقاء بين الرؤساء الثلاثة في وزارة الدفاع في اليرزة على البروتوكولات والمجاملات والسلام والابتسامات، من دون التطرّق إلى أي حديث سياسي؛ إلا أنّه وبعد انتهاء العرض العسكري، طلب عون من برّي وميقاتي مرافقته في موكبه للانتقال إلى بعبدا، فاستقلا السيارة، وحصل اجتماع بينهم في مكتب رئيس الجمهورية استمرّ حوالي الساعة.
ولفتت مصادر بعبدا لـ«البناء» إلى أن «جو اللقاء كان إيجابياً حيث استعرض الرؤساء خلال اللقاء، جملة من القضايا السياسية والاقتصادية والمالية، و»المراسيم الجوالة» التي تحتاج إلى إقرار في الحكومة، ومشاريع قوانين أرسلتها الحكومة إلى المجلس النيابي وتستوجب إقرارها.
كما تحدّث الرؤساء، وفقًا للمصادر، في الحلول للأزمة السياسية – الحكومية والقضائية والدبلوماسية الناشئة عن اعتكاف عدد من الوزراء عن حضور الجلسات الحكومية اعتراضاً على أداء المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار، وكذلك تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي تجاه السعودية، وتم الغوص بأسباب الأزمات وكيفية الخروج منها، حيث عرض رئيس الجمهورية مقاربته ثم تلاه بري ثم عقّب ميقاتي على حديث الرئيسين مؤكداً دعمه لأي حل يجري الاتفاق عليه للخروج من الأزمة. وأكدت المصادر أن جوّ اللقاء يتّجه إلى الحلحلة من دون الغوص في تفاصيل الحل، «لكن ما نستطيع تأكيده هو أن هناك إرادة جدّية من قبل الرؤساء الثلاثة للحل».
وفي رده على سؤال حول التوصل إلى حل للأزمة قال الرئيس بري لدى مغادرته قصر بعبدا: «إن شاء الله خير».
وفي سياق ذلك، كشفت أوساط مطلعة على لقاء بعبدا لـ«البناء» عن توجّه رئاسي للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بعد عودة عون من زيارته إلى قطر وميقاتي من زيارته إلى الفاتيكان، وإلى حينه ستستمر المشاورات بين عون وبري لإنضاج الحل. كما كشفت عن تفاهم شبه منجز بين الرؤساء الثلاثة على حل لقضية القاضي البيطار ضمن المؤسسة القضائية وليس في مجلس الوزراء، أي بحل يخرج به مجلس القضاء الأعلى وبالتالي فصل الصلاحيات وعدم تدخل السلطة السياسية بعمل السلطة القضائية، وهذا ما أكّد عليه عون خلال اللقاء وأيده ميقاتي. وفي حال لم تحل فسيتم اللجوء إلى المجلس النيابي لتشكيل لجنة تحقيق نيابية للنظر بتفجير المرفأ وترفع نتائجها ومقترحاتها للمجلس النيابي ومجلس القضاء الأعلى للبناء على الشيء مقتضاه وقد يفتح هذا الخيار الباب على ممارسة البرلمان دوره وفق ما ينص الدستور فيخرج ملف الوزراء والرؤساء من يد القاضي بيطار.
أما قضية استقالة قرداحي والأزمة مع السعودية ودول الخليج، فحصل نوع من الاتفاق الضمني على أن تُحل قضية البيطار أولاً ويعود مجلس الوزراء للانعقاد، ويجري التعويل على مبادرة من قرداحي بتقديم استقالته من تلقاء نفسه بعيداً عن أي ضغوط أو إقالة، لكن الأمر لم يُحسم ويحتاج إلى بلورة وضمانات من المنتظر أن يحصل عليها ميقاتي من السعودية عبر الفرنسيين والإماراتيين، بوقف الإجراءات الخليجية التصعيدية بعد الاستقالة فوراً وفتح حوار مع المملكة يعالج المسائل الخلافية. وتخلص الأوساط للتأكيد بأن المناخ العام إيجابي ومن المرتقب أن ينعكس على مجمل الوضع العام في البلد وعلى تحريك الملفّات العالقة، إضافة إلى حرص من بري وميقاتي على حلحلة جدية وسريعة وضرورية للأزمة، لكن لا يعني ذلك أن الحل سيولد خلال أيام، بل المؤكد وجود إرادة للحل والسعي لهذا الهدف. وكشفت الأوساط أن عون سيغادر لبنان إلى قطر في زيارة رسمية في 29 الجاري، ستستمرّ لمدة يومين يتخلها لقاء مع أمير قطر ويحضر افتتاح كأس العرب كون لبنان مشارك فيه ويعود بداية الشهر المقبل.
من جهته، رأى ميقاتي، عقب اللقاء أن «الاستقلال ما كان ليحصل لو لم يكن اللبنانيون متحدين. ونحن إذا لم نكن يداً واحدة، لن نتمكن بتاتاً من الحفاظ على الاستقلال». وأضاف: «لفتني ما قاله أحدهم من أن احتفالكم بالاستقلال كامرأة مطلّقة تحتفل بعيد زواجها. صحيح، ولكن دعونا لا ننسى أنّه قبل أن تطلّق لو بقيت على التفاهم الذي كان أثناء الزواج، لما كانت تطلّقت». وشدد على أن «التفاهم والحوار هما الأساس، والبعد جفاء، والجفاء يؤدي إلى الشر. واللقاء كالذي حصل اليوم كان فيه الحوار جدياً، وبإذن الله سيؤدي إلى الخير».
وفيما تؤكد مصادر الوزير قرداحي لـ«البناء» أنه لا يزال على موقفه وأنه يتمنى توصل المعنيين إلى الحل الملائم انطلاقاً من السيادة والمصلحة الوطنية، لفتت مصادر ثنائي «أمل» و»حزب الله» و»المردة»، لـ«البناء» إلى أن «تنحي المحقق العدلي الحالي لم يعد المطلب الأساسي ولم يكن كذلك أصلاً، بل الهدف تصحيح وتصويب أدائه وتوقفه عن تسييس الملف من خلال أمرين: فصل ملاحقة الوزراء والرؤساء عن بقية الملف، لا سيما أن الذين يلاحقهم ينتمون لجهة سياسية معينة وواحدة ما يزرع الشك بأدائه، والأمر الثاني وقف محاولات فبركة بعض الملفات لاتهام مسؤولين ينتمون لحزب الله». ولفتت المصادر إلى أن «الحزب والرئيس بري منفتحان على أي حل للجم البيطار وتصويب ملف التحقيقات وإعادته إلى مساره القانوني والدستوري، وأي حلّ آخر لا يراعي هذه الأهداف فلن يعود الوزراء إلى الجلسة». أما لجهة استقالة قرداحي، فتؤكد مصادر «الثنائي» و»المردة» بأن «الأمر مرهون بإنهاء أزمة البيطار ثم العودة إلى مجلس الوزراء والبحث باستقالة قرداحي إذا كانت تصب بمصلحة لبنان أم لا، لكن الأكيد لن تكون الاستقالة مجانية ولا قسرية بل طوعية وبعيدة عن أي مقايضة مع قضية البيطار».
وأكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين، أننا «جاهزون لأي انفتاح ونقاش يوصل إلى نتائج واقعية من خلال كل التجارب التي مضت ومر بها لبنان، من أجل الوصول إلى حلول واقعية في كل المجالات».
ورأى أن «هذه الأزمات لن تبق إلى ما شاء الله، وإنما ستنتهي بعد مدة، وهذا نابع من خبرتنا وتجربتنا وإيماننا وفهمنا لهذه الأزمات، ولكن المهم أن نعمل على تقليل الخسائر، وإيجاد الحلول المناسبة، وهذه هي نقطة الخلاف الجوهرية بيننا وبين الآخرين، حيث أننا نعتبر بأنهم إلى اليوم لم يهتدوا إلى الطريق الصحيح، وما زالوا يسلكون طريقاً لا يوصل إلى مكان، ولا يعطي نتيجة، ولا يمكن أن نستشرف منه حلاً». كما اعتبر صفي الدين أن «أهم أسباب المشكلات التي يعاني منها لبنان هي سياسات الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما أن البنوك بين أيديها، والنظام الاقتصادي اللبناني هو نظام تابع لها، والمآسي التي حصلت طوال كل العقود الماضية كانت تحت نظر وإشراف السياسات الأميركية، ومع ذلك جاءت أميركا لتضغط، وبدل أن تساعد على الحل، ضغطت من أجل أن تخنق اللبنانيين».
أما التيار الوطني الحر، فتشدد مصادر نيابية في «التيار» لـ«البناء» تأييده لأي حل يتفق عليه الرؤساء ويراعي الأصول القانونية والدستورية، وأوضحت أن «التيار لم يطالب باستقالة قرداحي، إلا إذا كانت الاستقالة مدخلاً للحل يضمن عودة العلاقة مع السعودية ودول الخليج إلى طبيعتها».
في المقابل لا ترى المصادر بوادر أو مؤشرات لحلول وشيكة لأزمتي البيطار والقرداحي، مشيرة إلى أن الاتصالات مستمرة لكنها لم تصل إلى خواتيم إيجابية، ولفتت إلى أن جرعة التفاؤل التي أشاعها الرئيسين بري وميقاتي لم تخرج عن إطار التمنيات وليست بجديدة، وحذرت المصادر من إطالة أمد الأزمة ما سينعكس مزيداً من تردي الأوضاع الاقتصادية، ما يتطلب عودة سريعة لتفعيل الحكومة، وجددت المصادر تأكيد موقف التيار الداعي للفصل بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية وأن يعهد ملف التحقيقات في قضية المرفأ إلى القضاء لتصحيح مساره وتنقيته من الشوائب. شددت المصادر على أن التيار مع أي حل يراعي الأصول القانونية والدستورية.
ونوه الرئيس عون خلال استقباله وفود الأجهزة الأمنية والعسكرية بمناسبة الاستقلال، بالدور الذي يقوم به الجيش والمؤسسات الأمنية في المحافظة على الأمن قائلاً، «العراقيل أمام العمليات الإصلاحية التي كان من المفترض أن تنجز خلال الأعوام الماضية مستمرة والعمل يجري على تذليلها الواحدة تلو الأخرى».
وقال: «سأعمل خلال السنة الأخيرة من ولايتي على ملاحقة القضايا العالقة وفي مقدمها وضع مسار الإصلاحات على سكة صحيحة ودائمة وصولاً إلى معالجة الملف الاقتصادي».
وكان عون تلقى عدداً من برقيات التهنئة بالاستقلال أبرزها من الرئيس الروسي فلاديمر بوتين، وملك الأردن عبدالله الثاني بن الحسين، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونائب الأمير الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني.
وأكد بوتين اطمئنانه إلى «أننا سنتمكن بفضل جهودنا المشتركة من ضمان مواصلة تطوير علاقات الصداقة بين روسيا ولبنان»، مشدداً على «التزام روسيا الدائم بدعم سيادة ووحدة لبنان، وبعدم جواز أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية له ومن أجل تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط».
كما أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن «الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف إلى جانب شعب لبنان خلال هذه الأيام الصعبة ودعم آماله في مستقبل أفضل».
على صعيد آخر، أعلن وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من موسكو «أننا شكرنا وقدرنا عالياً تسليمنا صور الأقمار الاصطناعية العائدة لتفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وسنضعها بعهدة القضاء اللبناني، على أمل أن يسهم ذلك في كشف حقيقة هذه المأساة التي حلت بلبنان»، موضحاً أن «الصور سنضعها عند القضاء، وهو من يحدد إن كانت ستفيد أو لا، وليس السياسيين». وأضاف: «أكد لنا الوزير لافروف تشجيعه للشركات الروسية ومنها العاملة قي قطاعي الطاقة والنفط للعمل في لبنان».
وعن الأزمة مع دول الخليج، أشار بوحبيب إلى أنه «ما زالت لدينا علاقات طيبة مع دول الخليج، وهناك نوع من التشاور الدائم، لكي نتوصل إلى حوار، والمشاكل لا تحل إلا بالحوار، والإملاء يمنعنا من إجراء الحوار، وهناك مسائل كثيرة عالقة بيننا وبين دول الخليج«.
وأكد بوحبيب، في حديثه عن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، أن «لبنان يصرّ على حقّه، ولن يتنازل عن ما هو له في ما يتعلّق بترسيم الحدود البحرية، والمحاولات الأميركية لم تنجح بعد في تقريب وجهات النظر، ولكننا اتفقنا مع الممثل الأميركي آموس هوكشتاين، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، أن يعود مع اقتراحات، بعد لقائه الجانب الإسرائيلي».
وفي هذا السياق أفيد بأن موفد أميركا لترسيم الحدود البحرية سيعود إلى بيروت قريباً لنقل موقف إسرائيلي هام؟
بدوره أعلن لافروف، نقلاً عن «روسيا اليوم» أن شركات روسية تريد إعادة إعمار البنية التحتية وهذا القرار لبناني». وقال: «لدينا مشروع تنجزه شركة روسية للنفط لإيصال المحروقات إلى مرفأ بيروت».
وأشار مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية الذي شارك في اللقاء أمل أبو زيد أن «تزويد لبنان بصور الأقمار الاصطناعية عن مرفأ بيروت قبل وبعد الانفجار، هو خطوة مقدّرة جداً، تساعد في الإضاءة على طبيعة هذا الانفجار وكشف أسبابه، في وقت امتنعت أكثر من دولة عن تسليم لبنان هذه الصور».
(في غضون ذلك برزت زيارة وفد من الكونغرس الأميركي إلى لبنان وإعلانه الدعم للحكومة اللبنانية، وضم أعضاء الكونغرس دارن لحود، داريل عيسى، ودان كيلدي ورئيس مجموعة الدعم الأميركي من أجل لبنان السفير إد غبريال بحضور السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، حيث زار رئيس الجمهورية في بعبدا وشدد الوفد على الوقوف إلى جانب لبنان على مختلف الصعد وعلى دعم جهود الحكومة اللبنانية. كما شدد على «ضرورة إنهاء الخلافات السياسية بما يتيح التركيز على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية».
كما التقى الوفد الرئيس بري في عين التينة حيث تم بحث للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية. كما التقى الرئيس ميقاتي في السراي الحكومي.