الوطن

«المساعدات الفرنسية ـ السعودية للجمعيات والمؤسسات الإنسانية» ميقاتي لنقابة المحرّرين: قرار دولي بعدم سقوط لبنان واستمرار الانهيار استقالة الحكومة أهون الحلول لكنها أكبر الشرور

اعتبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن «استقالة الحكومة أهون الحلول لكنها أكبر الشرور» وقال «لو كانت الخطوة تؤدي إلى حلّ فأنا لا أتردّد في اتخاذها، لكن الاستقالة ستتسبّب بمزيد من التدهور في الأوضاع وقد تؤدي إلى إرجاء الانتخابات النيابية».

 وأضاف في لقاء حواري مع مجلس نقابة المحرّرين برئاسة النقيب جوزيف القصيفي، أمس في السرايا الحكومية «إنّ الحكومة مستمرة في عملها والاتصالات جارية لاستئناف جلسات مجلس الوزراء، وأي دعوة لعقد جلسة من دون التوصل إلى حلّ للازمة الراهنة، ستُعتبر تحدّياً من قبل مكوّن لبناني وقد تُستتبع باستقالات من الحكومة، ولذلك فأنا لن أعرّض الحكومة لأيّ أذى».

وطمأن إلى «أنّ هناك قراراً دولياً بعدم سقوط لبنان وبوقف تردّي الأوضاع واستمرار الانهيار الحاصل»، مشدّداً على «أنّ هناك مظلّة خارجية وداخلية تحمي عمل الحكومة».

وأكد أنّ التعاون تام بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، معتبراً «والكلام عن خلافات هدفه تأجيج التوتّر السياسي في البلد، وكذلك الأمر فالعلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي لا تشوبها شائبة، والتواصل معه مستمر لإإيجاد حلّ لموضوع استئناف جلسات مجلس الوزراء. وعلى صعيد الحكومة فإنّ معظم الوزراء يعملون بجدية وكفاءة ونحن نتعاون كفريق واحد».

 ووصف الاتصال الذي جرى بينه وبين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبينه، بأنه «كان جيداً وفتح آفاقاً جديدة للعلاقات». وأشار إلى أنه «جرى الحديث عن اتفاق على صندوق معيّن للمساعدات بين فرنسا والسعودية عبر الجمعيات والمؤسسات الإنسانية».

 وبالنسبة إلى الانتخابات النيابية، قال «نحن في صدد اتخاذ كلّ التدابير لإجراء الانتخابات قبل 21 أيّار 2022 ليكون لدينا مجلس نيابي منتخب، مع الأخذ في الاعتبار ما هو وارد في القانون الساري المفعول. وسندعو الهيئات الناخبة مطلع العام الجديد. أمّا تاريخ إجراء الانتخابات فهو مرتبط حتماً بما سيصدر عن المجلس الدستوري في شأن الطعن المقدّم بقانون الانتخاب».

 وأكد أنّ الهدف من كلّ الزيارات واللقاءات التي يقوم بها إلى الخارج، هو الحفاظ على حضور لبنان على الخارطة الدولية.

وعن ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، كرّر «أنّ الحكومة لا شأن لها بأيّ أمر قضائي، وعلى القضاء أن يتخذ بنفسه ما يراه مناسباً من إجراءات، وأيضاً عليه تنقية نفسه بنفسه»، مضيفاً «لا يمكننا أن نتدخل في عمل قاضي التحقيق أو استبداله، وفي الوقت ذاته هناك نصوص دستورية واضحة تتعلق بدور وعمل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء يجب تطبيقها، وإذا اتخذت الهيئة العامّة لمحكمة التمييز قراراً يتطابق مع هذا النص الدستوري نكون قد وضعنا الملف على سكة الحلّ، ويُكمل قاضي التحقيق عمله بشكل طبيعي».

وأكد أنه سيوقّع التشكيلات القضائية فور إرسالها إليه.

 ورداً على سؤال عن أموال المودعين، قال «الرأسمال الأساس للودائع المصرفية والفوائد المحقّة ستعود إلى أصحابها ضمن خطة زمنية يتمّ الاتفاق عليها بين الجهات المعنية. حالياً الوضع صعب ولكنه ليس مستحيلاً، وكلّ مواطن في النهاية سينال حقه».

 وأوضح أنّ «28 مليار دولار تمّ تحويلهم من الليرة إلى الدولار بعد السابع عشر من تشرين الأول 2019، وليس مقبولاً أن يُطبق عليهم الإجراء ذاته الذي سيُطبق على الودائع التي جمعها الناس بعرق السنين وتعبها. منذ العام 2014 وحتى 2017 تم دفع 47 مليار دولار كفوائد للمودعين». وأكد أن «هناك سلسلة من الإجراءات التي تتخذ لمعالجة تقلّب سعر الصرف، بما يتيح الانتقال إلى إجراءات محدّدة لمعالجة تداعيات التراجع في سعر الليرة وفق أسس واضحة».

 وفي الملف الاقتصادي، قال «الحكومة تتعاون حالياً مع صندوق النقد الدولي سعياً للتوصل إلى إقرار برنامج للتعافي الاقتصادي، وكذلك فهي تتعاون مع البنك الدولي في الكثير من المشاريع. صحيح أن هناك آراء ووجهات نظر متعدّدة داخل اللجنة المكلّفة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، لكن بالتاكيد ليس هناك خلاف، كما يُشاع في بعض الأوساط، ونحن نعقد اجتماعات يومية تمتد لساعات، وقريباً سنتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد».

 وفي موضوع التقديمات الاجتماعية، أشار إلى انه حتى يوم أول من أمس «تسجّل على المنصّة الخاصة ببرنامج العائلات الأكثر فقراً 239 ألف شخص، ومن بين المسجّلين هناك 166 ألف طلب تنطبق عليه المواصفات المطلوبة، ما يدلّ على حجم الضغوط الاجتماعية». وتابع «في مرحلة أولى سيتم دفع مبلغ 125 دولاراً لكل عائلة شهرياً ولمدّة سنة، من خلال أموال يؤمّنها البنك الدولي. وهناك أيضاً موضوع البطاقة التمويلية التي ستعتمد المنصة ذاتها للتسجيل وهي تغطي أكثر من 500 ألف عائلة، وقد اتفقنا مع البنك الدولي على أنه فور البدء بتنفيذ مشروع العائلات الأكثر فقراً، ودفع اعتمادات شهرين للبطاقة التمويلية بكلفة مقبولة من أموال السحوبات الخاصة الموجودة في المصرف المركزي، فإن البنك الدولي سيؤمّن تمويلاً للمشروع لمدّة سنة يُقدّر بنحو 500 مليون دولار».

 وعن الموضوعين التربوي والصحي، قال «بتعاون كامل بين الحكومة والمعنيين تمكنا من إطلاق العام الدراسي والجامعي، والبحث مستمرّ بشأن المطالب كلها مع إدراكنا لصعوبة الأوضاع. استطعنا تحصيل مبالغ من المؤسسات الداعمة، لدفع مبلغ 90 دولاراً إضافي لكلّ أستاذ كبدل انتقال إلى مركز العمل. أمّا في الموضوع الصحي، فالاجتماعات متواصلة بين الوزارات والإدارات المعنية، وحالياً هناك 150 شاباً وصبية تطوّعوا لمؤازرة وزارة السياحة في عملية مراقبة تقيّد المؤسسات السياحية بنسب الاستيعاب المطلوبة. وفي هذا الصدد فإنّ التوجيهات صارمة لإقفال أيّ محلّ مخالف بالشمع الأحمر فوراً، ومن ثم استكمال الإجراءات في القضاء».

أضاف «أمّا في موضوع أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، فهي باتت متوافرة لدى مراكز الرعاية الصحية التابعة لوزارة الصحة في كل المناطق، وفق شروط وآليات إدارية تفرضها الوزارة وعلى المواطن التقيّد بها. كما أنه بدأ البحث مع البنك الدولي لتنفيذ بطاقة صحية خاصة بالأمراض المزمنة، تُتيح للمريض في مرحلة لاحقة أن يشتري الدواء من أي صيدلية».

وفي ملف الكهرباء، أكد ميقاتي أننا «نسعى بكل جهد لزيادة ساعات التغذية إلى أكثر من 10 ساعات، ونأمل بالوصول إلى هذه النسبة قبل نهاية السنة، ولكن واجهتنا عرقلة طارئة بعد إتمام الاتفاق بشأن استيراد الغاز المصري، وهي تتعلق بوجود عطل كبير على مسافة 11 كيلومتراً من أنبوب الغاز الذي يربط سورية بلبنان، ويحتاج إصلاحه إلى 6 أسابيع عمل، ولكن الاتفاق مع الشركة التي ستقوم بالتصليحات سيتم بالتراضي ويحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء. وقد اتصلت صباح اليوم (أمس) بفخامة الرئيس للبحث في إمكان إصدار موافقة استثنائية تمهيداً لبدء العمل، وهو في صدد درس الموضوع».

 وأعلن أن «استجرار الكهرباء من الأردن سيبدأ في الأسبوع الاول من كانون الثاني المقبل. أما سائر المشاريع المتعلقة بتوليد 2000 ميغاوات كهرباء لكل لبنان على مدى 18 شهراً، فهي مرهونة بإجراء إصلاحات ضرورية على القطاع لوقف الهدر وضبط إدارته من خلال الحوكمة والشفافية في إدارة قطاع الكهرباء وإجراء التدقيق اللازم في الحسابات وإعادة النظر بموضوع التعرفة مع الحفاظ على تعرفة مقبولة لصغار المستهلكين، إضافةً إلى انتظام الجباية وشموليتها».

وعن الإصلاحات الإدارية، قال «لقد فتحنا موضوع المجالس والهيئات القائمة وعددها 125، وسأقترح في أول جلسة لمجلس الوزراء إلغاء عدد منها، في إطار الإصلاحات الواجبة. كما أن معالي وزير الخارجية أعلن من السرايا اليوم (أمس) عن إصلاحات سيُباشر تنفيذها في الوزارة لترشيد النفقات ومنها إغلاق سفارات وقنصليات عامّة».

ورداً على سؤال، اعتبر أن «اتفاق الطائف لا يزال الإطار الصالح للبنان شرط تطبيقه كاملاً. ربما صار مطلوباً عقد طاولة حوار للبحث في حسن تطبيقه واستكمال تنفيذه، وليكن الحوار بنيّة طيبة، ولا سيما في البندين الأساسيين اللذين باتا حاجة ملحّة وهما موضوع اللامركزية وقانون الانتخاب». وأعرب عن تأييده «أيّ طرح لامركزي شرط الحفاظ على الوحدة وخصوصية كل طائفة ومكوّن لبناني».

القصيفي

وكان النقيب القصيفي، قد ألقى في بداية اللقاء كلمة قال فيها «نزوركم في مستهلّ ولاية المجلس الجديد لنقابة محرّري الصحافة اللبنانية الذي تسلّم لتوه مسؤولياته بانتخابات شفافة وديمقراطية لا لَبْس فيها وفي أحوال بالغة الدقة والصعوبة، وسط جو من الإحباط الوطني لتعثّر كل المعالجات التي تسعى إلى إخراج لبنان من أزماته المتراكمة، والتي يُخشى أن يؤدي تفاقها إلى إلقاء البلاد في أشداق المجهول».

 أضاف «نعرف أنكم ووجهتم في مرحلة إقلاع حكومتكم بصدمات سياسية من العيار الثقيل أفضت إلى ما هي عليه اليوم من حال شلل تبعث على الخوف من غد مجهول، غامض المعالم. كما نعرف أنكم تعانون كثيراً جرّاء هذا الواقع، وتسعون لكسر هذه الحال التي ضربت طوقاً حديدياً يحتاج إلى توافق، ولو بالحدّ الأدنى، لانتزاع لبنان من براثن الفوضى والفقر والإفقار، وتفكك الدولة وانهيارها. وأنّ المَهمّات الملقاة على عاتقكم، كبيرة ومرهقة. لكن ما العمل، فهذا هو قدركم تمشون إليه بخطى ثابتة، واثقة، بجَلَد الرواقيين، والالتزام بربكم ووطنكم. لا شك أنّ الأوقات صعبة، وأنّ الاستحقاقات داهمة، والتحديات متعاظمة، وقد يأتي يوم نتندّم فيه جميعاً على تفرّقنا أيدي سبأ في وطننا بسبب انقساماتنا. والخوف، كل الخوف أن ينطبق علينا القول السائر: «وعلى نفسها جنت براقش».

 وتابع «نُدرك عمق ما تشعرون به من أسى، ولكننا على يقين أنكم صاحب عزم وعزيمة، ومناكب عريضة، وعلى اقتدار، عسى أن يوفقكم الله في مواجهة العواصف العاتية بشعار مع الشراع لا مع الريح. لا يُلام المواطن إذا ضاق ذرعاً بكل شيء، وهو غير قادر على تحرير ودائعه من المصارف، فيما تدنّى مستوى عيشه، وغابت عنه الرعاية الصحية والاجتماعية، وبات فريسة البطالة والهجرة، فالجوع والفاقة يدفعان إلى ما هو أشدّ هولاً من الكفر. هل ضاقت بنا السبل، واطبقت الدنيا، ولم يعد هناك من كوّة أمل. على أننا نطلق اليوم صرخة عالية تحمل معاناة الصحافيين والإعلاميين الذين يناضلون لتحصين المهنة وبطالبون بوضع المراسيم التنظيمية لتطبيق قانون تنسيب المحرّرين المسجلين على الجدول النقابي إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والعمل على توفير الموارد التي تُمكّن النقابة من تقديم مساعدات الحدّ الأدنى للزميلات والزملاء وعدم إلغاء ما تتلقاه لهذه الغاية من موازنة الدولة عبر وزارة الإعلام وسوف نُرسل إليكم كتاباً في شأن المطالب الملحّة التي لا تحتمل تأجيلاً راجين مقاربتها بإيجابية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى