الوطن

غوتيريش عقد اجتماعات في عين التينة والسرايا وجال في المرفأ رئيسا المجلس والحكومة: لإلزام «إسرائيل» وقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية وتطبيق الـ1701

واصل الأمين العام للأمم المّتحدة أنطونيو غوتيريش زيارته إلى لبنان حيث التقى في يومها الثاني رئيس مجلس النواب نبيه برّي في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، بحضور المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا وقائد قوات «يونيفل» العاملة في جنوب لبنان ستيفانو دل كول والوفد المرافق.

استهل اللقاء بخلوة بين برّي وغوتيريش استمرت أكثر من 20 دقيقة تلاها لقاء موسّع جرى خلاله البحث في الأوضاع العامّة، ولاسيما موضوع ترسيم الحدود.

وبعد اللقاء عقد برّي وغوتيريش مؤتمراً صحافياً مشتركاً. وقال غوتيريش، وفق بيــان عن مكتب الأمم المتحدة في بيروت «لقد عقدت للتو اجتماعاً بنّاءً مع الرئيس نبيه برّي وأنا ممتن لاستضافته لي. كان اجتماعا بنّاء للغاية، تحدثنا خلاله عن أفضل السبل لإيجاد حلول للأوضاع المعقدة والصعــبة التي يواجــهها لبنان حالياً».

أضاف «أعتقد أن اللبنانيين هم الوحيدون الذين يستطيعون إيجاد حلّ لأزمات بلادهم، ولكن أعتقد أيضاً أنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يعزّز دعمه للبنان لتجاوز الظروف الصعبة الذي يمرّ بها حالياً. الأمم المتحدة متضامنة جداً مع اللبنانيين في هذه الأوقات. وسوف نفعل كل ما بوسعنا لتعبئة المجتمع الدولي لتعزيز الدعم للبنان على المسار الإنساني والإنمائي وإعادة هيكلة مختلف أوجه الاقتصاد والوضع المالي للبلاد».

وقال «من جهة أخرى، سنحت لنا فرصة التداول بشأن وجود يونيفيل في جنوب لبنان، وعن ضرورة وضع حدّ لكلّ الانتهاكات، لوقف إطلاق النار، ولا سيما أن الرئيس برّي قد لفت نظري إلى الانتهاكات المتكرّرة للمجال الجوي في لبنان، وإلى ضرورة احترام قرارات مجلس الأمن احتراماً كاملاً. وناقشنا أيضاً أهمية التعاون بين يونيفيل والجيش اللبناني وضرورة أن يقدم المجتمع الدولي دعماً إضافيا للجيش».

وأعلن أن «في سياق نشاطاتنا، سوف نفعل كل ما بوسعنا لتسهيل المفاوضات من أجل التوصل إلى حلّ سريع لترسيم الحدود البحرية حتى يتسنّى للبنان الاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة فيه، وهو سيساهم في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد».

وختم «آن الأوان للزعماء السياسيين أن يتحدوا وأن يتجاوزوا الانقسامات والاختلافات. آن الأوان للمجتمع الدولي أن يعزّز دعمه لشعب لبنان. آمل أن يسمح هذان العاملان، ألا وهما وحدة القادة اللبنانيين وعزمهم وتضامن المجتمع الدولي، لشعب لبنان أن يستعيد في المستقبل القريب الحياة والازدهار اللذين تميز بهما لبنان في السابق، وهو ما يتماشى مع إحدى أقدم الحضارات في العالم».

بدوره توجّه برّي «بالشكر الجزيل لشخص الأمين العام للأمم المتحدة على هذه الزيارة المثيرة والمهمّة جداً ولا سيما على أعتاب عيد الميلاد المجيد السعيد، هذه الزيارة التي خصّ بها لبنان تعبّر عن حبه وتقديره وفعلاً تأثيره العظيم على الوضع القائم، بخاصة بالنسبة لموضوع الوحدة بين اللبنانيين والعمل سريعاً لاستعادة لبنان عافيته من كل شرّ ومن كل اختلاف ومن كل تباين».

أضاف «على الصعيد العام طبعاً الشكر موصول دائماً ليونيفل منذ العام 1978 لأن إسرائيل لم تنفذ لا القرار 425 ولا القرار 1701 الذي لا يزال الآن يتكلم عن وقف الانتهاكات الحربية ولا تقبل أن يُقال أن هناك وقفاً لإطلاق النار. كذلك الأمر لا يريدون أي دور للأمم المتحدة في أي مهمّة تتعلق بالجنوب اللبناني ولبنان وبخاصة في ما يتعلق بموضوع الحدود البحرية. هذه المواضيع كلها تكلمنا عنها علماً بأنه في موضوع الحدود البحرية تكلمنا بأن تكون الأمور بعهدة الامم المتحدة ورعايتها وتحت علم الأمم المتحدة بمشاركة الأميركيين ومع ذلك لا يزال هناك حتى الآن مماطلة في هذا الموضوع، الأمر الذي يؤثّر على الاقتصاد اللبناني والوضع العام ومعلوم أن الشركات التي رسا عليها الالتزام تؤخّر هذا الموضوع بحجج أمنيّة».

وختم «شكر كبير لما تقدمه الأمم المتحدة للجيش وأؤكد لكم أن أهلنا في الجنوب والجيش ويونيفل يد واحدة في سبيل الأمن في المنطقة، وإن كان هناك من اضطراب في مكان، فالمسؤولية تقع على إسرائيل الموجودة على أرضنا، وليس علينا، فكل يوم هناك خرق إسرائيلي للأجواء اللبنانية حتى أنهم يستعملون أجواءنا لضرب الشقيقة سورية. أهلاً وسهلاً بكم وشكراً لكل ما تقدمونه وما قدمتموه».

وفي السرايا الحكومية، التقى غوتيريش رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث عقدا خلوة أعقبها اجتماع موسع شارك فيه وفد لبناني وآخر أممي، عُرضت خلاله مشاريع التعاون ونشاطات الوكالات الأممية في لبنان والدعم الذي توفّره للبنان في هذه المرحلة.

وألقى ميقاتي كلمة رأى فيها أن زيارة غوتيريش «تحمل الكثير من الرسائل والمعاني، فهي أولاً تؤكد وقوف الأمم المتحدة  الدائم إلى جانب لبنان، ودعمه بكل الإمكانات والوسائل، ولا سيما في هذه الأوقات العصيبة التي يمرّ بها، وتالياً فهي تعبير عن إرادة الحفاظ على ما يتميز به لبنان إنسانياً وحضارياً ووجودياً ولا سيما في هذه المنطقة من العالم».

وجدّد «تمسك لبنان بدور القوات الدولية في الجنوب لجهة تطبيق القرار 1701 والتشديد على أن لبنان يلتزم تطبيق هذا القرار ويحترم القرارات الدولية ويدعو الأمم المتحدة إلى إلزام إسرائيل بتطبيقه كاملاً  ووقف اعتداءاتها المتكرّرة على لبنان، وانتــهاكاتها لسيادته براً وبحراً وجواً».  كما أكد «التزامـــنا المضي فــي المفاوضات الجارية برعاية القوات الدولية ووساطة الولايات المتحدة الأميركية، لترسيم الحدود البحرية اللبــنانية بشكل واضح يحفظ حقوق لبنان كاملة»، مجدداً أيضاً «التزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن أي خلاف بين  الدول العربية».

 وعرض للأوضاع الاقتصادية المتردّية في لبنان وتداعيات النزوح السوري عليه.

من جهته، اعتبر غوتيريش أن «الشعب اللبناني اليوم يعاني الأمرّين، وهذا يلقي طبعاً مسؤولية كبيرة على عاتق القادة اللبنانيين لكي يوحدوا أنفسهم ويجتمعوا، فهنا ليس الوقت لاستنباط الروئ، بل لكي لا نألو جهداً ولكي نبذل قصارى جهدنا من أجل إيجاد الحلول لمشاكل البلاد، ولنكن واضحين، هذه هي اللحظة الماثلة التي يستحق فيها لبنان التضامن بين القوى كما فعلنا إزاء اللآجئين، نحن هنا أيضاً بحاجة إلى أن نعزّز ونعبّىء جهودنا لكي ندعمكم وندعم لبنان».

وقال «لقد التقيت بفخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس النواب ودولة رئيس مجلس الوزراء، وقد حصلنا على ضمانات بأن الانتخابات ستحصل وفقاً للأحكام الدستورية، ما سيسمح بالقيام بعملية انتخابية للبرلمان في الوقت المطلوب، وما شجعني أيضاً هو ما سمعته من دولة الرئيس عن التزام الحكومة أيضاً بإجراء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وكذلك التزام الحكومة بأن تُجري عدداً من الإصلاحات الإدارية والمالية اللازمة لكي يتمكن لبنان من الاستفادة بالكامل من الإمكانات المتاحة الآن في ظلّ الدعم الدولي المتاح للبنان، وبهذه الطريقة يمكن أن نضمن البدء بتحقيق تعافي لبنان، وذلك بسرعة فائقة وعلى نحو أكثر فعّالية».

وختم «نحن ملتزمون تماماً بدعم لبنان بشكل كامل في هذا المجال،  لكي نضمن السلام والاستقرار والتناغم في المجتمع لا ينبغي أن نغفل دور المرأة الذي هو بالغ الأهمية، وشغف شخصي وزوجتي تدعمني في هذا الصدد. نكرّر جهوزيتنا لكي ندعمكم في التغييرات التي تشهدونها، وإني على ثقة بأن البرلمان المقبل سيضم عدداً أكبر من النساء».

وفي الختام عُقد لقاء صحفي مشترك.

وكان الأمين العام للأمم المّتحدة استهل لقاءاته أمس،  باجتماع عقده مع بعض الشخصيات الروحية. وأكد المشاركون، وفق بيان عن مكتب الأمم المتحدة في بيروت، «التزامهم قيم الانفتاح والتسامح والتعايش باعتبارهما جوهر هوية لبنان واستقراره».  وأعربوا عن «عزمهم التركيز على ما يوحّد لبنان ويجمع أبناءه».

بعدها زار غوتيريش مرفأ بيروت للوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الانفجار ووضع إكليلاً من الزهر على ضريحهم.

وبعد الظهر، توجه غوتيريش إلى طرابلس حيث زار مدرسة «أونروا» وكان في استقباله وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي. وانتقل للقاء طلاب، واستمع إلى شكاويهم ومعاناتهم بسبب الأزمة الراهنة، حيث اضطر الأهالي لمنع أولادهم من التوجه إلى المدارس. كما شكا الطلاب مسألة الافتقار إلى الدعم الرياضي واشتكى بعضهم عدم قدرة أهاليهم على إطعامهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى