أولى

الاستفتاء…

– يكثر القادة السياسيون الحديث عن الشعب كمصدر للسلطات ويتوهون في سراديب التنظيم الطائفي للدولة وكيفية التوأمة المستحيلة بينه وبين أيّ صيغة دستورية وقانونية تترجم تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات كما يقول الدستور في مقدّمته، وهو ما يتمّ اختصاره بمفهوم المواطنة بعيداً عن الجدل العقيم بين مفردات الدولة المدنية والعلمنة التي لا مكان لها خارج العبور بالمواطنة.

– الحق المتساوي للمواطنين في تقرير مصير بلادهم هو القاعدة الدستورية لبناء الدولة، حتى تلك التي تذهب لتنظيم مؤسساتها على أسس تعتمد خصوصيات عرقية ودينية وقومية، فيشكل الاستفتاء الديمقراطي على قاعدة لكلّ مواطن صوت القاعدة الأهمّ في تنظيم شؤون الدولة وصون ديمقراطيتها وأساس البتّ بالقضايا المصيرية فيها.

– عندما لا يكون متاحاً أن تشكل الانتخابات أساساً صالحاً للاستفتاء، لأنها تتمّ بتوزيع لا متساو لحق التصويت، فيوزع النواب على الطوائف وفق قاعدة الحق اللامتساوي للصوت الواحد، وتقسم الدوائر على أحجام المصوّتين غير متناسبة مع مبدأ الحق المتساوي للصوت الواحد، وعندما يتم انتخاب رئيس الجمهورية وتتمّ تسمية رئيس الحكومة من مجلس نيابي منتخب على قاعدة الحق اللامتساوي، يصير الاستفتاء هو الطريق الوحيد لديمقراطية صحيحة في القضايا المصيرية.

– إدخال الاستفتاء على النظام الدستوري والقانوني يشكل في الحالة اللبنانية نقطة بداية لتكريس الحق المتساوي من جهة، ولحسم مباشر لخلافات حول طروحات متعددة، ويمكن لموعد الانتخابات النيابية أن يشكل فرصة لتنظيم استفتاءات على عديد من القضايا توضع لها صناديق خاصة يدلي اللبنانيون بآرائهم حولها.

– للذين يعتقدون بأنّ الاستفتاء يمكن أن يترجم خللاً في التكوين الطائفي وتوازناته، نقول لم يعد في لبنان انقسام إسلامي مسيحي والخلافات عابرة للطوائف، وبالإمكان اشتراط السير بما تقرّه أغلبية المصوّتين بأن لا تعارضه نسبة تعادل ثلثي المصوّتين من كلّ طائفة من الطوائف الكبرى مثلاً، بل يمكن اعتبار الاستفتاء استطلاع رأي استشاري يلعب دوراً توجيهياً للدولة وليس نصاً قانونياً ملزماً، لكنه معبر ديمقراطي لا مفرّ منه لمن يريد أن يحقق مفهوم تساوي الحقوق بين المواطنين بالحد الأدنى.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى