أخيرة

كلمة «أدب» من المادة إلى التجريد

} يكتبها الياس عشّي

«السياسة هي فنّ الممكن»، تعريف يمكن القبول به، إذا سلّمنا بأنّ الغاية تبرّر الوسيلة كما جاء في كتاب الأمير لماكياڤيلي.

أما القول بأنّ للسياسة أدبها الخاص، فهذا مرفوض لأنّ لفظة أدب، وقبل أن تطلق على النتاج الفكري، مرّت عبر قنوات من العادات الحسنة، والأخلاق النبيلة .

في العصر الجاهلي، وفي بيت لطرفة بن العبد، نقرأ :

نحن في المشتاةِ ندعو الجفّلى

لا ترى الآدِبَ فينا ينتقرْ

وكلمة «الآدب» عنت هنا الداعي إلى الطعام لمن ضلّوا السبيل، وقد وردت في سياق الفخر بكرم القبيلة.

ومع الدعوة الإسلامية، وفي حديث للرسول العربي الكريم، صار لها معنىً تهذبيٌّ، إذ يقول: «أدّبني ربّي فأحسنَ تأديبي» أي: هذبني ربي فأحسن تهذيبي.

وهكذا تدرّجت معانيها، وارتقت، وصارت المنابرُ والأقلام، خلال بضع سنوات، هي العناوين الرئيسة للآداب كفنّ من الفنون، بل هي أرقى الفنون .

ولمّا كانت السياسة تبرّر كلّ المحرّمات للوصول إلى أهدافها غير النبيلة، وتبيح المحظورات، كان من الطبيعي أن نقول بأن تعبير «أدب السياسة» لا يليق بها، ولا بصنّاعها رغم كلّ الكلمات المنمّقة التي يرهفون بها ليلَ نهارَ.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى