أخيرة

حصار…

بإمكان روسيا أن  تعتمد اعتماداً راسخاً على تجربة إيران في مقارعة الحصار والعقوبات وتحطيم أنف دولة الهيمنة من خلال تحويل السلب الى إيجاب، واستغلال مطرقة العقوبات كيما تستفز القوى الكامنة الداخلية وتستنهض القدرات الإنسانية وتفعيل الإمكانيات وإدارتها إدارة مثلى.

ويبدو انّ بوتين قد بدأ الهجوم المضادّ على هذا الغرب المغرق في توحشه وأنانيته من خلال فرضه الدفع بالروبل، فجعلهم يضربون أخماساً بأسداس، تارةً يرفضون الواقع الذي يكرّسه بوتين، ثم تجدهم بعد قليل يصرحون بأنهم سيقومون بالانصياع لقواعد اللعبة الجديدة، ثم تتفتق عبقريتهم في اليوم التالي عن توجههم نحو زيادة مشترياتهم من النفط والغاز الروسي كيما يقوموا بتزويد تلك الدول التي تلقت الضربة الأولى بوقف بيعها المنتجات الروسية عقاباً على تلكّئها بالامتثال لرغبة روسيا في التعامل بالروبل.

كيف ستجعلون روسيا تركع تحت وطأة العقوبات والحصار في نفس الوقت الذي تزيدون من شراء المنتجات الروسية، والفضيحة هذه المرة أنهم يرفعون كميات الشراء وبأسعار أعلى من السابق، أيّ أنّ دخل روسيا آخذ بالزيادة بطريقة دراماتيكية، هذا هو حال الغرب، آنيّ أنانيّ، لا يمتلك النظرة الكلية للأمور، وفوق ذلك فإنّ التبعية الأوروبية لواشنطن، والتي لا يعادلها إلا تبعية الأعراب لأميركا، ستفضي بهم الى منزلقات قد تلحقهم بدول العالم الثالث، لأنّ أميركا تستخدمهم في صراعها مع روسيا والصين فيما هي تحقق أهدافها دون ان تأخذ بعين الإعتبار مصالحهم، تماماً كما تفعل مع الأعراب، مجرد وقود وأدوات يلقى بها لتأجيج صراع تتمنى من خلاله واشنطن ان تحافظ على هيمنتها، وفي حالة كسبها لهذا الصراع أو خسارته، فإنّ الخاسر الأعظم سيكون أوروبا، كما كان الأعراب قبل ذلك.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى