الوطن

نصرالله في مهرجان انتخابي حاشد: الحرب الأهلية خط أحمر ونطمح إلى دولة عادلة وقادرة ومصمّمون على مكافحة الفساد

ـ لبنان غني وقوي ولدينا كنز في مياهنا فلماذا لا نستخرج هذا الكنز ونحلّ مشاكل شعبنا؟ ـ تصويت المغتربين في الخارج للوائح المقاومة شجاعة وإخلاص ـ اللبنانيون أمام خيارين بين منطق الشراكة أو الإلغاء ـ مصمّمون على الحضور في الحكومة بقوة أكبر

اعتبر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن «الحرب الأهلية خط أحمر ويجب على اللبنانيين النظر إلى هذا الموضوع على أنه خيانة”، مؤكداً أن «ما ندعو إليه هو الشراكة وعدم الإلغاء والإقصاء والجميع يجب أن يتمثل في المجلس النيابي بأحجامه الطبيعية” وقال «نحن لا نطرح أنفسنا دولة إلى جانب الدولة”، مشدّداً على أن  ما يطمح إليه حزب الله هو دولة عادلة وقادرة.

مواقف السيد نصر الله أتت في كلمة له خلال مهرجان انتخابي حاشد، أقامه حزب الله أمس في الضاحية الجنوبية لبيروت، رحّب في مستهلها «بأهلنا في مدينة بيروت من الدائرة الأولى والثانية وبجمهور المقاومة والحلفاء من المناطق المختلفة في هذا المهرجان الذي نريد أن نتعاون ونتكلم خلاله بما يعني مستقبل بلدنا”. وقال «حضوركم اليوم في هذا المهرجان وما شهدناه من حضور كبير في صور والنبطية وما نتوقعه من زحف كبير في البقاع، هو رسالة لكل المراهنين عبر الأكاذيب والعقوبات والإفقار، على انقلاب بيئة المقاومة على المقاومة وهو أكبر إجابة عليهم وكافٍ برد الصاع صاعين لإعادة أيديهم إلى أفواههم”.

وأضاف «إننا نخص بالشكر كل من صوت من المغتربين للوائح التي تتضمن مرشحي المقاومة وهو يعبّر عن صدقهم ووفائهم، إذ لم يكن بوسعنا الوصول للمغتربين بسبب الظلم اللاحق بنا من تهمة الإرهاب وهو ضريبة المقاومة”، معتبراً أن «تصويت المغتربين في الخارج للوائح المقاومة تعبير عن شجاعة وإخلاص”.

وفيما يتعلق بالمناورة «الإسرائيلية” الأخيرة، قال «أكَّد لي الإخوة الذين يتابعون المناورة أنَّ رئيس حكومة العدو نفتالي بينت ذهب للإشراف على المناورة وصرّح بأن الكيان لا يريد مواجهة مع أحد”. وكشف السيد نصرالله أنَّه بعد يوم القدس بأيام أُبلغ عبر قنوات دبلوماسية رسالة مفادها أن «الإسرائيليين” لا يريدون القيام بأي عمل تجاه لبنان، مشدّداً على أن «المقاومة لا تثق لا بكلام العدو ولا بكلام رئيس حكومته وسُتبقي الاستنفار حتى انتهاء المناورة”، موضحاً أن «رسالة رئيس حكومة العدو سببها المقاومة وعلم العدو بأن المقاومة صادقة بكلامها وستردّ على أي اعتداء”.

وأشار إلى أن كل ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه برّي يُعبّر عن توجهات ومضامين الثنائي الوطني الذي يقف بقوة وصلابة ويواصل الطريق وقال «لا يُمكن لأحد أن يكون بديلًا عن الدولة ونحن لا نطرح أنفسنا دولة إلى جانب الدولة ولا حزباً بديلاً عن الدولة ونحن نؤمن ونساهم في تحقيق هذا الأمر”.

وإذ أكد «أننا لا نتحدث عن إسقاط نظام أو دولة وبنائها من جديد ولكن نقول إن في هذا النظام مشاكل تعيق قدرته على العمل ولا تُرضي طموح اللبنانيين يجب حلُّها من خلال الإصلاح”، أوضح أن «المشروع الواقعي والطبيعي لأي حركة سياسية في لبنان، هو الإصلاح في النظام والدولة حتى لو أخذ منحى التغيير”، لافتاً إلى أن «في البلد تنوعاً طائفياً ومنذ إنشاء دولة لبنان الكبير البلد قلق ولذلك الكل يبحث عن ضمانات داخلية وللأسف خارجية”.

وقال «هناك كثيرون قد جرّبوا أن يُحدثوا خلال الفترة السابقة تغييرات دراماتيكية فذهب البلد باتجاه الحرب الأهلية التي نعتبرها خطاً أحمر ويجب أن يُنظر إلى من يدفع باتجاهها على أنّها خيانة”، مشدّداً على أن «ما يطمح إليه حزب الله هو دولة عادلة وقادرة وهذا ما قاله الحزب في وثيقته السياسية في العام 2009”.

وأوضح أن «مجلس النواب هو أمّ المؤسسات ويأتي من خلال الانتخاب، ما يعني أن قانون الانتخاب هو المفتاح”، مشيراً إلى «أن القانون الأكثري لم يكن منصفاً بينما القانون النسبي هو الأكثر إنصافاً”. واعتبر أن «الدولة العادلة هي التي تقدم قانوناً انتخابياً يُشعر مواطنيها بأنهم قادرون على إيصال من يمثلهم إلى المجلس النيابي”.

ورأى أن «هناك ظلماً كبيراً لجيل الشباب بسبب سن الاقتراع رغم أنه يعمل ويدفع الضرائب وهذا يحتاج نضالاً لكي يُعطى لمن يبلغ الـ 18 عاماً حقّ الاقتراع”، مؤكداً «أن الدولة العادلة هي التي تُمارس الإنماء المتوازن بين جميع المناطق لأن أموال الدولة هي ملك الشعب ويجب أن تصل عبر المشاريع الإنمائية لكل الشعب”.

ولفت إلى أن «الدولة هي التي ترعى المواطنين غير القادرين على العمل من كبار السنّ والأيتام وأصحاب الأمراض المستعصية، والتي لا تُنهك مواطنيها بالضرائب”، مشيراً إلى أنه «خلال السنوات الماضية كانت كتلة الوفاء للمقاومة تقف في وجه الضرائب على الفئات الفقيرة وأن الضريبة العادلة هي الضريبة التصاعدية”.

وشدَّد على أن «الدولة العادلة والقادرة هي القادرة على حماية سيادتها وأرضها ومياهها، لديها جيش قادر على الدفاع عن الأرض ولا تُلقي بأعباء التحرير والحماية على شعبها، والدولة العادلة القادرة التي تقدم الأمن لمواطنيها ليشعروا أنهم يعيشون الأمان ومن دون تمييز بين المناطق”. وتابع «تصوّروا أنَّ القوة البحرية في لبنان لا تستطيع الوصول إلى عمق 300 أو 400 متر لإنقاذ الغارقين في زورق الموت بطرابلس”.

وأضاف «إذا قلت أن حزب الله وحده قادر على بناء دولة عادلة وقادرة لا أكون صادقاً ولا أحد يستطيع ذلك لوحده في لبنان بل تحتاج لتعاون بين الأحزاب والتيارات لأننا في بلد قائم على الشراكة، وعندما يريد البعض ألاّ يتحمل المسؤولية فهذا شأنه ولكن عندما يُراد الإقصاء تحت عنوان أكثرية وأقلية فهذا قد يدفع لبنان إلى مغامرات”. وأكد «أننا مع الشراكة الوطنية من أجل إخراج لبنان من أزماته لأنه لا يتحمّل طائفة قائدة مهما كان لديها فائض قوة”.

وأكد السيد نصر الله «أن حزب الله يشعر بأنه أصبح مسؤولاً أكثر مما سبق”، لافتاً إلى «أنَّنا منذ الـ 1992 حتى الـ2005 لم نكن ممثلين في الحكومة بسبب معارضتنا للسياسات التي أودت بالوضع الاقتصادي بلبنان إلى ما هو عليه الآن”، موضحاً أنه «في الـ 2005 دخل الحكومة بسبب الأجواء المتوترة في البلد ومن أجل حماية ظهر المقاومة من الطرف السياسي الذي كان متحالفاً مع جورج بوش لأجل شرق أوسط جديد”، مؤكداً أن «المقاومة لم تطلب من الدولة حماية المقاومة بل تطلب أن لا يطعن أحد المقاومة أو يتآمر عليها”.

وأضاف «الآن نحن مصمّمون على الحضور في الحكومة بقوة أكبر ونقول بأن هناك ما دفعنا لأن نصبح جزءاً من النظام وأصبح واجبنا تحمّل المسؤولية، إذ لا أحد يتوقع أن حزب الله إن قال إنه جزء من الدولة والنظام، بأن الأزمات ستنتهي لأن الأمر يحتاج إلى تعاون بين جميع الأطراف وهذه هي تركيبة النظام السياسي في لبنان”.

وأشار إلى أنه «عندما تتحالف القوى مع بعضها لا يجب ألاّ يظن أحد أننا أصبحنا حزباً واحداً وخطابنا وقراراتنا واحدة وأيضاً الخلاف لا يعني أن تُفض هذه التحالفات”.

وذكّر «بسياسة التوجه شرقاً وغرباً وإصرار الحكومة على عدم فتح الأبواب أمام الشركات من الشرق لأجل أميركا يعني أننا لن نتقدم، فالوضع الاقتصادي والمعيشي والمالي يحتاج إلى خطة تعافي يجب أن تناقش بصدق وجدية ومن دون تحويل لبنان إلى بلد مُرتهن ونحن سنناقش في مجلس النواب بكل جدية”.

وفي ما يتعلق بالغاز والنفط الموجود في المساه اللبنانية، قال السيد نصر الله «لدينا كنز والشعب جائع ومديون ويُهاجر وإذا ذهب لبنان ليُخرج كنزه سيحصل على عشرات مليارات الدولارات كأقل تقدير”، متسائلاً «لماذا لا نذهب لاستخراج هذا الكنز؟ خوفاً من أميركا؟ لا تستطيع أن تفعل أكثر مما فعلته من عقوبات وتهريب أموال وغيره”. كما سأل «لماذا لا تنتظر «إسرائيل” ترسيم الحدود وتنقّب في الأماكن المتنازع عليها؟ ولماذا لبنان لا يعمل ضمن مياهه وحدوده؟ وأنا أقول أن من حق لبنان التنقيب حيث يعتقد أنّها مياهه الإقليمية”، مؤكداً «أن لبنان ليس بلداً فقيراً وهناك من يسارع لبيع أملاك الدولة لأنهم دولة في لبنان ولا يجوز أن يُحوّل لبنان إلى بلد متسول وشحّاذ”.

وشدّد على «أن المقاومة قادرة على منع العدو لأنّ لبنان غني وقوي فلماذا يجب أن نتحوّل إلى متسوّلين وأن نقف على أعتاب صندوق النقد الدولي”، مشيداً بالموقف الذي أعلنه الرئيس برّي بالتنقيب في البلوكات جنوب لبنان.

وإذ كشف أن هناك من يسعى لشطب حق المودعين، لفت إلى أن «كتلة الوفاء للمقاومة قدمت مشروع قانون بأن حق المودعين مقدّس ويجب عدم المساس به بأي قانون جديد”، مؤكداً أنه «في إقراره كقانون في مجلس النواب لن يستطيع أحد المساس بحق المودعين وطالما لم يُقرّ فهذا الحق في خطر”.

وأضاف «المرحلة الثانية هي إعادة هذه الأموال ونحن لا نقبل أن يحمل المودعون مسؤولية الخسائر، بل المسؤول الأول الذي يجب أن يتحمل المسؤولية هو المصارف لأنها أخذت أموال المودعين وأقرضت الدولة بفوائد عالية وجنت أمولاً طائلة من أموال المودعين».

وأشار إلى «أن الغرفة السوداء التي كانت تدير الأوضاع منذ ثلاثة سنوات في السفارة الأميركية أوعزت لأصدقائها بتهريب أموالهم ولم تسأل عن باقي الناس”.

وأردف «قبل أربع سنوات أعلنا عن مكافحة الفساد وقلت حين إعلانه أنّ هذا الملف أصعب من مقاومة «إسرائيل” والآن أقول إنّ ما أُنجز في هذا الملف مهمّ جداً نسبةً للأسماء والأرقام التي قُدّمت للقضاء»، مؤكداً أنّ «حزب الله سيواصل طريق مكافحة الفساد خلال السنوات المقبلة كما كنا في مقاومة العدو”.

وتوجه إلى اللبنانيين قائلاً «هناك من يدعو إلى خيار الشراكة والتعاون وهناك من يدعو إلى الإلغاء والإقصاء وأنتم يجب أن تختاروا بين الإثنين. ولو أن من يتبنى المنطق الإلغائي قادر على إلغائنا لكان فعل ذلك منذ زمن طويل لكنه ليس قادراً على ذلك”.

وأضاف «أيها اللبنانييون أنتم بين جهتين بين من يدعو للسلم الأهلي ويتمسك به ويضحي لأجله ويُقتل على طريق الطيونة فيحمل شهداءه وجرحاه لأجل السلم الأهلي بينما هو قادر على أن يثأر، أو بين طرف آخر يقدم خدماته للخارج”.

ورأى أنّ «من الغريب أنّ من يُطالب بنزع السلاح هو من يحمل السلاح ويقتل به ومستعدّ للذهاب للحرب الأهلية، وذلك في الوقت الذي نحن نوظف علاقاتنا الخارجية والدبلوماسية من أجل أن نأتي بالقوة إلى لبنان من دون أن نصبح أدوات وعملاء، أما الفريق الآخر فيأتي بالمال من الخارج وينهب لزيادة أرصدته”.

وتابع «أنتم بين فريق همّه وغمّه لبنان وبين فريق همّه وغمّه أن ترضى عنه أميركا والغرب وبين فريق يتحمل المسؤولية وبين من يهرب من المسؤولية ويستقيل ويصبح معارضاً وثائراً”.

وأردف «الصادقون هم من لم يتخلوا عن لبنان، أمّا المخادعون فهم من سيقفزون من مركب المسؤولية بما جنوه من أموالهم ليعودوا ويقدموا أنفسهم على أنهم منقذون”، لافتاً إلى أن «هناك أحزاباً سياسية اليوم تقدم اليوم نفسها على أنّها معارضة بينما هي من الخمسينات في السياسة”.

وأكد «أنّ الجمهورية الإسلامية في إيران لا تتدخل في الانتخابات بل رأيتم من يجول من السفراء لأجل الانتخابات”. وتابع «أنتم اليوم بين فريق يتحمّل المسؤولية وآخر يستقيل ويتهرّب ويتبرّأ من المسؤولية رغم أنه شريك في كل ما فعلته المنظومة. أنتم اليوم بين خيار من يريد لبنان سيداً في المنطقة ومن يريده متسكعاً على أبواب سفارة هنا أو خيمة هناك. أنتم أمام المقاومة التي حمت لبنان أو بين السياديين المزيفين الذين يريدون نزع قوة لبنان”.

وفي الختام، توجه السيد نصرالله إلى جمهور المقاومة قائلاً «أنتم يا جمهور وبيئة وأبناء المقاومة يا من دُمّرت بيوتكم وأرزاقكم وقدّمتم آلاف الشهداء وصبرتم، نحن على يقين من جوابكم وأعرف أن أصواتكم هي للمقاومة وحلفائها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى