أولى

حرية أسانج: حرية الإعلام

بمقدار ما تشكل حرية الإعلام، تعبيراً عن حرية تدفق المعلومات بمعناها الحقيقي، وليس بالنسخة الممسوخة التي تختزل بحرية التعبير والنشر المسيطر عليها، من خلال سطوة المال الممسوك المالك لوسائل الإعلام الواسعة الانتشار، وسيطرة أجهزة المخابرات الغربية على المنصات التقنية لانتشار المعلومات، سواء الأقمار الصناعية للبث الفضائي أو لوسائل التواصل الاجتماعي المبسترة كما الحليب المنزوع الدسم، فإن وكالة ويكيليكس التي أسسها الإعلامي الحر جوليان أسانج، مثلت بصورة فريدة المصدر الرئيسي لتدفق معلومات ذات قيمة استثنائيّة كان يستحيل الحصول عليها، وترجمت بصورة إبداعية مفهوم حق الناس في الاطلاع، ومفهوم الشفافية، والحق في الوصول للمعلومات، بحيث لم يجرؤ أحد على تكذيب أية معلومات نقلتها ويكيليكس، وساهمت هذه المعلومات بصورة مذهلة في تكوين وعي شرائح واسعة على مساحة العالم حول ما حقيقة كواليس الدبلوماسية الأميركية ودورها، وتسنى لشعوب العالم أن تعرف الكثير من خفايا مواقف ساستها وقادتها ومساءلتهم حولها.

الحملة التي نظمتها الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ ظهور ويكيليكس أسانج على المسرح الإعلامي، لم تهدف لتكذيب ما نشره أسانج، وما كشفت عنه ويكيليكس، بل تركزت على اعتقاله ومحاكمته بتهمة تعريض الأمن القومي الأميركي للخطر، وبذلت واشنطن مالاً ووظفت علاقات ونظمت عمليات مخابراتية لضمان اعتقال أسانج وكتم صوته وإسكات منصة ويكيليكس، واليوم تواجه البشرية أشد أيام السواد في تاريخ حرية الإعلام، مع القرار البريطاني بتسليم اسانج الى السلطات الأميركية، وقد صارت حرية اسانج تعادل المعنى الوحيد الذي يملك قيمة حقيقية لمفهوم حرية الإعلام، ولعل التضامن مع أسانج بات هو المعيار للحكم على أي إعلامي أو وسيلة إعلام ودرجة مصداقية التزام اي اعلامي او وسيلة اعلام بمقاييس جدّية للحرية، غير معلبة وموضبة ومنضبة، كما اليورانيوم المنضب.

هذه دعوة للكتابة والتحرك وإعلان المواقف وتنظيم التحركات التضامنية لحرية أسانج، نصير الشعوب، وكاشف الأسرار، وصاحب المفهوم العصريّ لحق الشعوب في المعرفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى