أولى

القضيّة الفلسطينيّة بين المقاومة وسورية (5/5)

 حسين مرتضى

مع تسارع الأحداث على الساحة الفلسطينية وانتقالها من مرحلة الكفاح المسلح إلى مرحلة توقيع اتفاقيات السلام والتطبيع المنفرد وظهور حركات مقاومة أشعلت انتفاضات في الداخل المحتلّ، كان لا بدّ من تشكيل محور يدعم تلك الحركات ويحافظ على مضمون القضية الفلسطينيّة بعيداً عن خيانة التطبيع.

في هذا الجزء سنتحدّث عن نشأة عدد من حركات المقاومة وعن دور الدول التي تمثل محور المقاومة في الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني.

بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من معادلة مقاومة الاحتلال الصهيوني إلى معادلة أوسلو بدأت بعض الفصائل الفلسطينية بالظهور على الساحة وبينها فصائل إسلامية. وقد شكلت حركة الجهاد الإسلامي جزءاً مهماً من محور الصراع مع كيان الاحتلال، كما أنها لم تكن على علاقة جيدة مع تنظيم الإخوان المسلمين منذ بدايات تشكيلها وخاصة بعد أن خاب أمل القائد المؤسّس لها فتحي الشقاقي بجماعة الإخوان الذين تردّدوا في القيام بعمليات مسلحة ضدّ «إسرائيل».

كما أنّ موقف حركة الجهاد ما زال رافضاً لمهادنة العدو أو المصالحة معه بدولة وبدون دولة فهدفها تحرير فلسطين. وترفض الحركة المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية وهي حركة مقاومة مسلحة لعبت دوراً بارزاً في صدّ كلّ عدوان «إسرائيلي» على غزة.

أما حركة حماس فتعود جذورها إلى حركة الإخوان المسلمين، وهي لا تؤمن بأيّ حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم عام 1948 في فلسطين، ولكن لا تمانع في القبول مؤقتاً وعلى سبيل الهدنة بحدود عام 1967، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأيّ حق لهم في فلسطين التاريخية.

ولأنّ الصراع مع كيان الاحتلال الصهيونيّ لم يكن مقتصراً على الفصائل الفلسطينية بل كان حاضراً لدى عدد من الدول العربية، فقد كانت سورية في قلب الصراع العربي «الإسرائيلي»، فالشأن الفلسطينيّ هو شأن سوريّ، هذا عدا عن كون سورية أحد مراكز التحرك القومي نحو الوحدة العربية. وتأكيداً لهذه العلاقة تناول الكاتب بداية علاقة حركة فتح مع سورية حيث يذكر خليل الوزير في كتابه «البدايات» عن سماح سورية عبر قائد سلاح الجو حافظ الأسد بانتقال شحنات الأسلحة الجزائرية إلى فتح عبر القواعد العسكرية السورية عام 1965.

ولأنّ سورية شكلت العمود الفقري في محور المقاومة فقد تمّ استهدافها في بداية العام ٢٠١١ عبر دعم المجموعات الإرهابية المسلحة تحت عنوان «الربيع العربي»، وهنا لا بدّ من التركيز على دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم القضية الفلسطينية والمساهمة في دعم فصائل المقاومة في مواجهة كيان الاحتلال الصهيوني.

يسرد السعدي مجريات الأحداث في سورية منذ بداياتها وما تخللها من مظاهرات لم تكن سلمية وصولاً لعدوان غربي استعماري مستمرّ منذ عام 2011 تاريخ بداية العدوان على سورية وبدايات ما سُمّي بـ «الثورة السورية» ومساعي التسوية السلمية التي تمّ القفز عليها وإحباطها وأسباب فشل المبادرات السلمية ومبادرات السلام للخداع والتضليل.

إنّ الأسباب المعلنة والحقيقية للعدوان على سورية كانت تهدف إلى تقسيم سورية والسماح للمجموعات الإرهابية المسلحة بالسيطرة على الجغرافية السورية ومن ثم يتمّ إدخال سورية في دوامة الحرب الداخلية وصولاً الى تغيير النظام، ثم الانتقال لضرب المقاومة اللبنانية وقطع شريان الإمداد الحيوي لها الذي يمرّ عبر سورية قادماً من إيران وإيقاعها في فخ الفتنة المذهبية وإشغالها بمعارك داخلية تضعف من حضورها وقوتها في مواجهة الكيان «الإسرائيلي».

ومع تنامي قدرات محور المقاومة انتقل عدد من الأنظمة العربية إلى إعلان موقفها من كيان الاحتلال الصهيوني عبر توسيع اتفاقيات التطبيع إلا أنّ صمود محور المقاومة أسقط ما سُمّي بصفقة القرن ليستمرّ الصراع مع كيان الاحتلال الصهيوني ولتبقى اللاءات الثلاث «لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض» أقوى من التاءات الثلاث والتي كان عنوانها «تمثيل، تسوية، تصفية» وتبقى التاء المغيَّبة، وتتمثل في: تحرير كلّ الأرض، وتحرر الإنسان العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى