أولى

ردود الأفعال بأهمية عملية الكرامة

– عملية الكرامة التي نفذها البطل الأردني ماهر الجازي وارتقى شهيداً بعدما هزّ أمن الكيان، طرحت ثلاث معضلات غير قابلة للحل، تضاف إلى معضلات الكيان التي أنتجتها حرب غزة وجبهات الإسناد، فالكيان يواجه من جهة خطر الأسود العربية المنفردة خصوصاً في الأردن ومصر، حيث الحدود قابلة للتحوّل فجأة الى مصدر تهديد لحياة ضباط الاحتلال وجنوده دون القدرة على الوقاية والاستباق والترصد، ومن جهة ثانية يقف الكيان أمام الحاجة لتحويل الحدود مع الأردن الى جبهة عسكرية تفادياً لخطر عمليات عبر الحدود والحؤول دون تهريب الأسلحة والذخائر الى الضفة الغربية. وهذا يستدعي نشر فرقتين عسكريتين، كما يقول قادته وخبراؤه، عليه أن يقوم بسحبها من جبهات قتال في غزة والشمال والضفة الغربية من جهة ثانية، ومن جهة ثالثة عليه أن يواجه إشكالية التشدد في المعابر مع الأردن إلى حد الإقفال للدواعي الأمنية والحاجة إلى فتح وتسهيل عبورها لضرورات مواجهة نتائج الحصار البحريّ الذي فرضه اليمن ويشكل خط العبور من الأردن منفذاً رئيسياً بديلاً للسلع التجارية نحو الكيان.
– خلال الأيام والليالي التي أعقبت عملية الكرامة ظهرت ردود أفعال لا تقلّ أهمية عن العملية، فقد فتحت العملية الطريق لانتفاضة شعبية أردنية كانت عشيرة الحويطات التي ينتمي إليها الشهيد نواتها، وما لبثت أن شملت الشعائر الأردنية الأخرى، ثم انضمّت إليها تكريماً وتبريكاً المخيمات الفلسطينية، فتحولت من انتفاضة أردنية الى أساس صلب لوحدة أردنية فلسطينية تؤكد وحدة المصير وتسقط رهانات الفتنة ونظريات الوطن البديل، ومن يراقب الكلام الذي يقوله المواطنون الأردنيون تعقيباً على العملية والهتافات التي تصدح بها الحناجر في تظاهرات العاصمة عمان يدرك أن نهوضاً شعبياً لم يكن وارداً في الحسابات الأميركية الإسرائيلية، وواشنطن وتل أبيب تعلمان أن إلقاء اللوم على السلطات الأردنية لا يحل المشكلة، لأنه إذا انفلت زمام الأمور من يدي السلطات الأردنية سوف يصبح مستقبل أمن الكيان على المحكّ في أطول حدود عربية مع فلسطين المحتلة. وهكذا صار الهمّ الأردني عامل ضغط لسلوك طريق إنهاء الحرب على غزة باتفاق مع المقاومة أسوة بما تفعله جبهات الإسناد بالضغوط التي تتسبّب بها، قبل أن تقع الواقعة وتخرج الأمور عن السيطرة.
– من ردود الأفعال ما ظهر من خطاب رسميّ أردنيّ مختلف، وفي مرة سابقة عام 1997 ذهب الأردن بشخص الملك للاعتذار عن عمليّة مشابهة نفذها الجندي أحمد الدقامسة، بينما اليوم يتحدث الأردن الرسمي عن عملية الشهيد ماهر الجازي كترجمة للغضب الشعبيّ الذي تتسبّب به الجرائم الإسرائيلية المتمادية بحق الفلسطينيين في غزة خصوصاً، والعجز الدولي والعربي عن وضع حد لها، وتتعامل السلطات الأردنية مع التفاعل الشعبي مع العملية بانفتاح وإيجابية بما يعكس إدراكاً لخطورة الموقف وحالة الغليان التي يعيشها الشعب الأردني، لكن هذا التعامل يقطع الطريق على تحويل وجهة الغضب إلى الداخل بين الشعب والسلطات، ويبقي وجهة الغضب نحو الاحتلال، فيجنّب الأردن خطر الانفجار ويرفع منسوب القلق داخل الكيان، ويفتح الطريق أمام فرصة مصالحة شعبية حكومية عنوانها الاتفاق بالتغاضي بدل الاتفاق بالتراضي، الشعب يتفاعل على طريقته مع المشهد الفلسطيني والسلطات تتغاضى، وربما يشمل ذلك لاحقاً عمليات تهريب السلاح والذخائر إلى الضفة الغربية.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى