أولى

«قبب» حديديّة…

معن بشور

 

ليست القبّة الحديديّة هي تلك التي تتصدّى وتفشل في منع صواريخ المقاومة من الوصول إلى المستعمرات الصهيونيّة فقط، بل ربما هذه القبّة هي أضعف القبب الحديديّة التي تحمي الكيان الصهيوني.

القبّة الحديدية الحقيقية هي ما كنّا نقوله دائماً، هو ذلك النظام الرسمي العربي الذي يتراوح بين صمت وعجز وتواطؤ وهو الذي يعتمد عليه العدو الصهيوني في كلّ اعتداءاته على غزة وعموم فلسطين وعلى لبنان وعلى كلّ أرض عربية.

القبّة الحديدية الحقيقية أيضاً هي هذا الصمت الدولي المريب والذي يصل أحياناً، كما مع واشنطن وبعض عواصم الغرب، الى درجة التواطؤ مع العدو الصهيوني، وتصوير عدوانه بأنه من حقوق الدفاع عن النفس، فكيف يمكن لمحتلّ أن يدافع عن نفسه بوجه صاحب الحق الحقيقي.

القبّة الحديدية الحقيقية هي ذلك العقل السائد في الكثير من العلاقات البينية العربية، الذي يغلّب الأمور الثانوية والجزئية والخلافات الفرعية على التناقض الرئيسي مع العدو، فتجدنا غارقين في خلافات داخلية، فيما العدو يبطش بشعبنا العربي في فلسطين.

وإذا كانت مهمة أبطالنا في فلسطين اليوم هي تعطيل القبّة الحديدية التي تحول دون ردعهم لهذا العدوان، فليكن عملنا في كلّ أقطارنا العربية وفي دول العالم هو إسقاط تلك «القبب» الحديدية التي تغطي الصمت والعجز والتواطؤ الرسمي العربي والدولي مع هذا العدوان.

وإسقاط تلك القبّة الحديدية التي يستخدمها العدو من خلال حلفائه المستعمرين وأتباعهم لتغطية عدوانه.

والقبّة الحديدية التي يجب أن نجهز عليها هي تلك الانقسامات، سواء ذات الطابع السياسي او الفكري او العقائدي وما يرافقها من تكفير وتخوين وإقصاء واجتثاث والتي تحول دون لقائنا من أجل مواجهة العدو.

هذه هي «القبب» الحديدية التي ينبغي أن نتصدّى لها خارج فلسطين لكي نمكّن أهلنا في فلسطين من الانتصار في هذه المعركة، وسينتصرون بإذن الله، وستنهار مع انتصارهم «قبب» الحديد الصهيونية، و»قبب» الحديد الرسمية العربية والدولية المتواطئة معه، و»قبب» الانقسام والاحتراب الحديدية التي تعطّل قوانا من التحرك لنصرة لفلسطين.

لا شك في أن تذكّر الشهداء والترحم عليهم وهم يرتقون بالعشرات على أرض فلسطين، يحتاج منّا أن نترفْع جميعاً عن كلّ خلافاتنا وتناقضاتنا، كما يتوجب علينا أن نفضح هذا النفاق الدولي الذي لا يرى ما يجري في فلسطين من مجازر وجرائم، فيما يصبّ كلّ جهده وإمكاناته وإعلامه على ما يجري في اوكرانيا.

في فلسطين أيضاً مجازر وجرائم وأطفال ونساء يستشهدون، ومع ذلك نجد من يبرّر للعدو جرائمه، فيما يعرّض الأمن العالمي للخطر بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان في أوكرانيا. انه النفاق الدولي بأعلى صوره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى