أولى

التعليق السياسي

أفصحوا عن مصير الفوائد قبل أن تتهرّبوا من الودائع

 

خلال أكثر من عشرين سنة تضمّنت الموازنات التي أقرّها مجلس النواب بنداً لفوائد الدين يتراوح بين ستة وسبعة مليارات دولار سنوياً، أي ما يزيد حكماً عن الـ 120 مليار دولار، وهي مبالغ خرجت من خزينة الدولة إلى المصارف فوائد على ديونها، وسقف الديون الموثقة على لبنان هو أقلّ من هذا المبلغ، وسقف الودائع أيضاً أقل، ورغم ذلك يجري الحديث عن الدين وعن الودائع ويجري التهرّب من ذكر الفوائد.

الفوائد تمّ تقاسمها بين ثلاث جهات، عمولات شركات سمسرة تعمل لدى مصرف لبنان، منها شركات شقيقه الملاحقة قضائياً في الخارج، ومنها ما سُمّي بفجوة حسابات مصرف لبنان البالغة 69 مليار دولار، والجهة الثانية كانت للسياسيّين والنافذين من لبنان والخليج الذي نالوا أعلى نسب للفوائد وصلت إلى 40% في بعض الحالات، ومقابل سندات خزينة اشتروها بالدين وقاموا بسدادها من الفوائد، أما الجهة الثالثة فهي ما نالته المصارف من أرباح قدّرت بخمسين مليار دولار وفقاً لموازناتها، خلال السنوات العشرين الماضية، ورغم إدراك المصارف أنها فوائد ديون مشكوك بتحصيلها ما يفترض الحفاظ عليها لسداد أصل المؤونة، أي الوديعة، تقاسم أصحاب المصارف الأرباح وقاموا بتحويلها الى الخارج.

غبيّ مَن يقبل نظرية أن قضية المودعين والودائع، هي قضية ديون مستحقة للمصارف على الدولة، يمكن إعادتها عندما تسدّد الدولة ديونها، بينما القضيّة هي سرقة موصوفة نتيجة تواطؤ مكشوف بين ثلاثيّ السياسة والمصرف المركزيّ والمصارف، وعلى الذين تقاسموا العائدات وتنعّموا بالأرباح أن يتحمّلوا التبعات.

الغريب أن الجميع يتحدّث عن بند كهرباء لبنان في الموازنات، والمقصود ثمن الفيول بملياري دولار تقريباً سنوياً، وهي أموال استفاد منها اللبنانيّون بالحصول على كهرباء رخيصة، حتى لو كان خطأ، ويتحدّث البعض عن سبب عدم إقامة المعامل رغم إنفاق مبلغ الأربعين ملياراً لعشرين سنة كأن المعامل تغني عن تشغيلها بالفيول، ولكن الجميع يتجاهل أن في الموازنات نفسها الهدر الحقيقيّ بأكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ تحت بند خدمة الدين، فهل سمعتم خبيراً مالياً أو نائباً يتحدًث عن الأمر بصفته فضيحة الفضائح؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى