الوطن

الأسمر من القاهرة: لا مخرج من أزماتنا اللبنانية والعربية إلا بالحوار والاعتراف بالآخر

قال رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر في كلمة ألقاها خلال مؤتمر العمل العربي المنعقد في القاهرة: «لا شك في أنكم تتابعون الوضع في لبنان وخصوصاً منذ خريف العام 2019، هذا الوضع الذي تدهور بشكل خطير وبأسرع ما يتوّقعه العقل البشري على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والنقدية والتربوية والصحية والخدماتية إلخفي مختلف أنحاء البلد من مدن وقرى وأحياء تعيش في العتمة ولا تأتيها الكهرباء سوى ساعة في اليوم، وكذلك الأمر في موضوع المياه بمختلف استعمالاتها، وباتت طوابير الناس مشهداً طبيعياً أمام محطات المحروقات وأفران الخبز وتفتقد الصيدليات لأكثر أنواع الأدوية ومنها أدوية الأمراض المستعصية، وطالت البطالة أكثر من نصف العاملين وعصفت الإضرابات الاحتجاجية بالبلاد حتى وصلت الى موظفي وعمال الإدارة العامة للدولة الذين بدأوا إضراباً مفتوحاً منذ أكثر من شهرين والحكومة في وضع تصريف أعمال، ويصطدم تأليف حكومة جديدة بخلافات الأطراف السياسية، وتشارف البلاد بعد حوالي أكثر من شهر بقليل على فراغ سدة رئاسة الجمهورية إذا لم ينتخب النواب رئيساً جديداً قبل الواحد والثلاثين من شهر تشرين الأول المقبل».

وأكد الأسمر «سعي الاتحاد العمالي العام منذ البداية وتجاوبت معنا قيادة الهيئات الاقتصادية وعدد من الوزراء المعنيين الى محاولة فكفكة بعض أسباب ونتائج هذه الأزمة العميقة بالحوار بين الأطراف للتخفيف ما أمكن من انعكاساتها على حياة العمال والناس المقهورين، ونجحنا في ذلك بعض الشيء، ولا نزال على قناعة تامة بأنه لا مخرج من هذه الأزمة سوى بالحوار والاعتراف بالآخر، وقد جرّب شعبنا لسنواتٍ طوال العنف والعنف المضاد ولم يحصد سوى المزيد من التدهور والانحدار».

 وإذا كانت هذه قناعتنا ومنطلقاتنا، فإننا نطالب بأن تعتمد هذه القناعات في المستوى السياسي من دون إغفال إسقاط المحاصصات السياسية والحزبية والطائفية ومحاسبة المسؤولين عن التسيّب في اشتعال الأزمة من مافيات مالية ومصرفية وتجارية في السلطة وخارجها».

أضاف: «في هذا السياق، فإنّ الأزمة الناتجة عن وجود حوالي مليون ونصف المليون من الأخوة والأخوات السوريين منذ العام 2011 والتي باتت تفاقم من عناصر التدهور للعامل والمواطن اللبناني لا يمكن حلّها لا بالشعارات العنصرية ولا بتجاهلها، بل بالحوار وعلى أعلى المستويات بين حكومتي البلدين الشقيقين ضمن الشروط التي تحفظ كرامتهم وأمنهم والعودة الى بلدهم وديارهم والمساهمة في إعادة بناء ما تهدّم خصوصاً أنّ معظم مناطق النروح أصبحت آمنة».

أمّا بالنسبة للأخوة من اللاجئين الفلسطينيين الذين احتضنهم لبنان ولا يزال منذ العام 1948 فهم أخوة لنا وعدوّنا واحد وكرامتهم من كرامتنا وحقوقهم الإنسانية واجب علينا.

 وتابع الأسمر: «إنّ لبنان الذي تعرّض ولا يزال للعدوان الصهيوني منذ نشوء هذا الكيان في عام 1948 والذي استطاع بفضل جيشه ومقاومته وشعبه الحد من هذا العدوان وخلق ميزان قوى جديد بعد طرد الاحتلال من معظم الأرض اللبنانية عام 2000 وصدّ أهداف عدوان 2006، يتعرّض لاختبار جديد مع هذا العدو في المفاوضات غير المباشرة على حدوده البحرية وفي انتزاع حقوقه في النفط والغاز المتاخمة للأرض الفلسطينية، وهو اختبار توحّد حوله الشعب اللبناني وقيادته السياسية رغم اختلافاتها لكن الأمور مرهونة بنتائجها.

وأعلن الأسمر التضامن الكامل مع قيادة سورية الشقيقة وشعبها ضدّ العدوان الإسرائيلي المتزايد على أرضها ومدنيّيها ومطاراتها، وندعو كلّ الشعوب المحبّة للسلام لإدانة هذه الهجمة المدعومة باستمرار من الإدارة الأميركية والعديد من بلدان الغرب الأوروبي.

 كما أننا نؤكّد على حقّ قيادة مصر وشعبها ومعها السودان الشقيق في مياه النيل ونشجب بقوّة ما يجري في أثيوبيا من تدابير تسببت في هذه الأزمة الخطيرة.

وفي السياق العربي تحديداً، ومن موقع الأخوّة والمحبة والتجربة والمريرة، ندعو الشعب العراقي الشقيق بأحزابه وقياداته السياسية وحكومته الى اعتماد لغة الحوار للتوصّل الى حلّ لمشكلاته الناشئة عن الاحتلال الأميركي سابقاً وما زرعه من أسباب الفتنة بين أهله. وإنّ نداءنا هذا موجّه أيضاً الى الشعب اليمني الشقيق والعريق والشعب الليبي الأبيّ وكذلك شعب الصومال الغارق في الأزمات أنه لا مخرج من أزماتنا سوى بسلوك طريق الحوار والوقوف في وجه المؤامرات الأجنبية التي لا تهدف إلاّ الى زرع الفتن وتدمير البلاد ووضع اليد على ثرواتها ومصادر استقلالها وسيادتها.

 ورأى الأسمر أنّ منظمتنامنظمة العمل العربية، والمكوّنة من ثلاثي أطراف الإنتاج، وهي كجزء من جامعة الدول العربية معنية أكثر من أيّ وقتٍ مضى بالعمل بفعالية في مواجهة الأخطار المحيطة بنا جميعاً، وعلينا أن نخلص في دورتنا الحالية من موقع المسؤولية بالعمل على إصدار توصيات عملية وملموسة وممكنة التحقيق وحملها الى جميع الجهات المعنية والسعي الى تنفيذها.

إنّ التواصل والتكامل بين مختلف الدول العربية وحده السبيل الى وقف العمليات الصهيونية المتمادية ضدّ شعب فلسطين والطريق الوحيد لاستعادة أرضه كاملةً وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ووضع نقطة البداية لنهاية الكيان الصهيوني السرطاني.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى