الوطن

معادلات المسيّرات من كيرتش إلى كاريش

} شوقي عواضة

الحرب في أوكرانيا والرّعب في تل أبيب هي ليست مقولة أو تحليلاً عابراً بل هي معادلات استنتجها وأقرّ بها العدوّ الصّهيوني الذي لم تغب عينه عن ساحات المواجهة في أوكرانيا، رغم وجود عشرات الالآف من الأميال الفاصلة بين أوكرانيا وكيان العدوّ المؤقت، لكن ذلك لم يمنع طائرات (الكميكازي) الإيرانيّة المعروفة بشاهد 136 التي استخدمتها روسيا في هجماتها كطائراتٍ انتحاريّةٍ من أن تفرض حضورها ورعبها على الكيان الصّهيوني نتيجة ما خلّفته من دمارٍ وإصابتها للأهداف بدقّةٍ عاليةٍ ممّا دفع قيادة العدوّ العسكريّة لتسليط الضّوء على مستوى الأهداف وقوّة التّدمير وحجم الأضرار في مشهدٍ اعتبره خبراء عسكريّون داخل الكيان فرصة لتقييم الوضع واستخلاص العبر منه في حال تعرّض الكيان لهجومٍ مماثلٍ بالطّائرات الإيرانيّة المسيّرة.

ووفقاً لتقديرات الأوساط العسكريّة (الإسرائيليّة) التي تحدّثت عن طائراتٍ بدون طيّار دقيقة، وليس صواريخ غير دقيقة مشيرة إلى أنّه باستطاعة الطّائرات الإيرانيّة بدون طيّار أن تقطع مئات الكيلومترات في رحلةٍ إلى الهدف في قلب (إسرائيل) وبالرّغم  من إمكانية اعتراضها بصواريخ جو ـ جو، يبقى السّؤال الذي يقلق القيادة العسكريّة في الكيان ولم تجد له إجابة وهو لماذا لم يتمّ اعتراضها في أوكرانيا وهي في طريقها إلى الهدف؟

وفي هذا الصّدد قال الخبير العسكري في مجلة يسرائيل ديفينس آمي روخاس دومبا إنّ «صور تدمير الطّائرات الإيرانيّة بدون طيّار في أوكرانيا تقلق إسرائيل، وصور المباني المحترقة في كييف لا يريد سلاح الجوّ إظهارها للجمهور الإسرائيلي، كي لا يُصاب بالصّدمة من سيناريو هجمات طائراتٍ إيرانيّةٍ بدون طيّار، في حال اندلع صراعٌ عسكريٌّ مع طهران»، مع العلم أنّه بعد هجوم إيران والحوثيين على السّعودية في أيلول/ سبتمبر 2019، بدأت إسرائيل بطرح أسئلةٍ حول الخطر الذي تشكّله المسيّرات الإيرانيّة عليها.

أمّا الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط الإعلاميّة الصّهيونيّة تال شنايدر فقد أشارت إلى أنّ «رئيس الوزراء السّابق نفتالي بينيت كشف في الأمم المتحدة العام الماضي عن تزويد الإيرانيين لحلفائهم بهذا النّوع من الطّائرات التي أفقدت الكيان التوازن في المواجهة وقلب المعادلات خاصة أنّ كلفتها قليلة جدّاً في حين أنّ كلفة إسقاطها بمنظومة القبّة الحديديّة أو صواريخ أرض جو مرتفعة جدّاً، مشيرة إلى تقريرٍ نشره موقع «زمن إسرائيل» أنّ إيران تخطّط لتغطية سماء الشّرق الأوسط بهذه القوّة المميتة عبر المُسيّرات التي أسقطت عشرات القتلى ومئات الجرحى عدا عن الأضرار الجسيمة التي ألحقتها بالبنى التحتيّة، وبالنّظر لهذا الدّمار الهائل الذي أحدثته تلك الطّائرات في أوكرانيا، يمكن أن يكون ذلك بمثابة إعدادٍ قاتم لإسرائيل للوضع الذي ستطلق فيه إيران هذه الطائرات بدون طيّار بكمياتٍ كبيرةٍ تجاهها».

وفي التّقييم ذاته أورد موقع (إسرائيل ديفنس) أنّ الهجوم الذي شنّته روسيا بواسطة طائراتٍ مُسيّرةٍ إيرانيّةٍ بدون طيّار على بلدة بيلا تسيركفا في أوكرانيا ينبغي ان يقضّ مضاجع «إسرائيل».

المشهد الأوكراني السوداوي المرعب للكيان المؤقت أسقطته حكومة العدوّ ضمن حساباتها في المواجهة مع حزب الله في حال لم يتمّ التوصّل إلى تفاهمٍ حول النزاع البحريّ والغازيّ بين لبنان والكيان المؤقّت وقواعد اشتباك جديدة أكّدتها طائرات حزب الله المُسيّرة فوق حقل كاريش وداخل الكيان مقدّمة لما هو أكبر وأعظم وتصديقاً لوعد الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله الذي وعد بمفاجآتٍ كبرى داعياً إلى عدم اختبار المقاومة إضافةً إلى ما أشار إليه في كلمته قبل أمس باحتفال المولد النبويّ الشّريف حول جهد السّنوات الذي بذله المجاهدون في أشهرٍ مؤكّداً أنّ العدوّ رأى من قوّة المقاومة أكثر ممّا أعلن عنه الإعلام الحربي. كلّ ذلك دفع العدوّ لعمليّة إعادة حساباته فالجيش الذي (لا يقهر) بات راضخاً للبنان في ظلّ خيارين:

1إعلان الحرب والدّخول في مواجهةٍ مع حزب الله وإطلاق التهديدات بالوعيد والتدمير للبنان.

2الرّضوخ لشروط لبنان والوصول لتفاهمٍ يعيد للبنان حقوقه

كان الخيار الثّاني هو الأصعب والأذلّ للكيان باعتراف كبار قادته بدأ من زعيم المعارضة الصّهيونية بنيامين نتنياهو الذي اعتبر أنّه خلال ثلاثة أشهر استسلم لبيد استسلاماً مطلقاً أمام كلّ مطالب حزب الله. لبيد أصيب بالذّعر واستسلم هذا ليس اتفاقاً تاريخيّاً إنّما هو استسلامٌ تاريخيٌّ. أمّا عضو الكنيست يسرائيل كاتس فقد قال: الصّورة التي تكوّنت أنّ نصر الله هدّد وأرسل المُسيّرات نحو كاريش لينكفىء لبيد حتى يحصل على الإذن من نصر الله في ضخّ الغاز الموجود في المنطقة (الإسرائيليّة) وهذه المسألة تضرب صورة الرّدع الاسرائيلي.

خلاصة القول إنّ صورة الكيان تزلزلت ومرة أخرى تهشّمت صورة الجيش (الذي لا يُقهر)، انتصر لبنان بمقاومته ومعادلاتها دون أيّة طلقة وهزم الكيان الصّهيوني المؤقت، هزيمةٌ نكراءُ تضاف إلى سجل هزائمه مخافة أن يقع الكيان المؤقّت في نصاب المقاومة كما وقعت أوكرانيا في شباك روسيا وتلك هي الهزيمة المرّة التي أقرّ بها العدوّ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى