أخيرة

سُمٌّ زُعاف…

 

} صباح العلي

كان هناك بخيل باع كلّ ممتلكاته وحوّل نقوده التي تقاضاها إلى كتلة ذهبيّة كبيرة، خبّأ هذه الكتلة في حفرة في الأرض، وراح يزورها كلّ يوم ليطمئن عليها.

لاحظ أحد عماله ذهابه المتكرّر إلى تلك المنطقة، فراقبه وعندما كشف سرّه، انتظر عودته، وذهب إلى الحفرة، وأخذ كتلة الذهب لنفسه.

وفي اليوم التالي عندما ذهب البخيل ليطمئن على نقوده لم يجدها فجنّ جنونه وبدأ بالنحيب واللطم. رآه جاره على هذه الحالة واستفسر منه عن سبب تصرفه، فقال له: كفّ عن تعذيب نفسك، وضع حجراً في تلك الحفرة، وفكر وتيقن بأنها نفسه الكتلة الذهبية خاصيتك، فبما أنك لم تكن تستخدمها ولن تفرّط بها فإنّ أيّ واحدة من الكتلتين ستفي بالغرض! هذا ما جاء في كتاب (خرافات) للمبدعإيسلوب».

هذا جزاء البخيل يعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسَب حساب الأغنياء.

كلّ شخص ينظر للحياة من منظور مختلف عن الآخر، فالبعض يتطلعون إلى الجوانب المشرقة، فيرون الجمال المكنون في الكون ومن حولهم، يلمسون الخير المخبوء في الناس، ويعيشون حياتهم وينفقون حسب حاجاتهم، ويحيلون المواقف الصعبة إلى تحديات ممتعة، ويتمتعون بالحياة إلى حدّ كبير.

والبعض الآخر يستقبلون يومهم بوجوه مكفهّرة، ويغلقون الأبواب في وجه كلّ الحلول، ويكتنزون كلّ المال الذي يجنوه بذريعة (الخوف من غدٍ) ولا يدرون إنْ كانوا سيحيون إلى غدٍ، يعيشون حياة التقشّف إلى أبعد حدّ، ومحال أن يقدّموا مساعدة تطلب منهم فجوابهم دائماً لا، قد، لم، لكن، وغيرها الكثير من أدوات النفي والجزم.

يقضون حياتهم وهم يعيشون في دائرة الخوف، لا شكّ أنّ الخوف أمر فطري، يمكن أن يكون مفيداً في بعض المواقف، لكنّه أشبه بناقوس الخطر الذي يدقّ لينبّه الإنسان بأنّ الحياة تحتاج للإقدام، ولا حلّ له سوى مواجهته والتغلّب عليه، فلا حاجة من الخوف دائماً أنّ كلّ ما تجنيه يجب عليك أن تخبّئه بذريعة الخوف من المجهول، لأنّ ذلك سيؤدّي إلى الفشل في معظم جوانب الحياة.

البخل مرض، وهذا المرض يقلب الأشياء في الحياة، ويحوّل المال من وسيلة إلى غاية، ومن خادم إلى سيّد، فالبخيل يحرم نفسه قبل أن يحرم الآخرين ويعود بالشرّ على نفسه قبل أن يعود به على غيره. الفقير يقنع بقليله والبخيل لا يقنع بكثيره.

والبخيل من مات من فقره وعاش الناس بغباه، فالبخل نتيجة سوء الظن، وخمول الهمّة، وسوء الاختيار، وترتدّ انعكاساته السلبية بداية على صاحبه قبل غيره.

هناك مثل أميركي جميل يقول: “البخيل على استعداد دائم ليبيع حصته من الشمس».

وممّا ورد من خطاب لشيخ عن البخل قال: لا تزوج ابنتك لبخيل ولو كان يقوم الليل كلّه، ولو كان يصوم النهار كلّه، فأنك إنْ زوجتها لبخيل تدخلها النار قبل النار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى