أولى

أربعينية المقاومة… ثلاثية منجزة: ردع وحماية وانتزاع للحقوق

 

‭}‬ خضر رسلان
الإنجاز الأهمّ الذي من المؤكد أنّ لبنان في طور تحقيقه بعد عملية توقيع الترسيم البحري بين لبنان والكيان «الإسرائيلي»، والمرجحة في الأيام المقبلة، هو في الإذعان الأميركي بالسماح له بالبدء بعملية استخراج نفطه وغازه والاستفادة من ثرواته بعد حظر امتدّ لسنوات. ومردّ ذلك يعود الى معادلة القوة والاقتدار التي يملكها الشعب اللبناني ومقاومته التي تثبت يوماً بعد آخر أنها ليست فقط قوة حماية وردع إنما هي رأس حربة يمكن الرهان عليها في انتزاع الحقوق التي اعتاد الصهاينة منذ إنشاء كيانهم الغاصب على هضم وسلخ وسرقة أملاك الغير دون رادع أو رقيب، بينما مع لبنان ومقاومته المشهد مختلف؛ حيث هزم فيه الجيش الذي لا يُقهر وبدت «إسرائيل» وجبروتها المصطنع أوهن من بيت العنكبوت.
من المفارقات البارزة أنه على الرغم من المحاولات الواضحة التي عملت عليها الولايات المتحدة الأميركية وتهدف إلى حرمان الشعب اللبناني من الاستفادة من ثرواته النفطية والغازية. فقد سعت الى تحقيق المضمر منه وهو مقايضة الدولة اللبنانية بتقديم بعض التسهيلات على المستوى السياسي والاقتصادي مقابل الموافقة على سلخ بعض البلوكات البحرية لمصلحة الكيان «الإسرائيلي» الغاصب، علماً أنّ العدو بدأ مع لبنان بشكل متوازٍ عمليّات المسح الجيولوجي، وقد أصبح الكيان المحتلّ منذ 2013 بلداً منتجاً ولديه اكتفاء ذاتي من الغاز، ويتحوّل تدريجيّاً الى بلد مصدّر له. هذا في وقت تمّ منع لبنان، الذي يئنّ تحت وطأة ضائقة اقتصادية غير مسبوقة تطال كافة شرائع المجتمع اللبناني، من الاستفادة من ثرواته سواء كان تنقيباً او استخراجاً، ورغم فداحة السلوك الأميركي اتجاه لبنان والتباهي العلني بإصدار قوانين وقيود تحاصر الشعب اللبناني لم نشهد أيّ أثرٍ لأصوات مستنكرة او منزعجة حتى ولو همساً، بينما في المقلب الآخر وفي مؤشر على عمق الأزمة الوطنية فقد برز بشكل واضح على لسان مجموعة من المكونات والشخصيات انبرت بشكل تلقائي بالتصويب على ما يرجح إنجازه من انتزاع لحقوق كان يُراد هضمها، وعكست بعض الردود الامتعاض الشديد من القدرة الوطنية على تحقيق الإنجازات والانتصارات، ورغم إقرار العدو «الإسرائيلي» وحليفه الأميركي على حقيقة واضحة وهي انّ لبنان استطاع انتزاع حقوقه فارضاً شروطه، فقد انطلقت حملة من أطراف عدة منها من خانه التوصيف والتقدير واشتبهت عليه الأمور، وهناك من حاول المزايدة تحت عنوان التنازل عن الحقوق، وهم انفسهم لم يصدر عنهم ايّ موقف اعتراضي على الحظر الأميركي المانع من الاستفادة من الحقول اللبنانية غير المتنازع عليها منذ سنوات عديدة، وفي سياق تضليلي هناك من وضع اتفاق الترسيم في إطار «تطبيعي» مع العدو، فيما ذهب قسم آخر لـ»تسخيفه» بحجج واهية تعكس الخيبة التي أصابتهم نتيجة لنجاح المعادلة الثلاثية الذهبية على تحقيق الإنجازات.
ـ معادلة المقاومة: الاستخراج مقابل الاستخراج
انّ انتصار 2000 ثبت معادلة الردع وحماية المدنيين في لبنان، وكسر صورة الجيش الذي لا يُقهر وعلى إثرها الخط البياني لقدرة العدو بدأ بالنزول وزادت من سرعته الهزيمة التي تلقاها في لبنان عام 2006، رغم انّ هناك عدة عوامل سرّعت في دنو توقيع اتفاقية الترسيم ومنها الضغط الأميركي لإنجازه، بسبب الحاجة الأوروبية للغاز ولو بشكل جزئي كبديل للطاقة الروسية، إضافة الى ذلك الحاجة الاقتصادية «الإسرائيلية» اللبنانية المشتركة ببدء بالاستخراج نظراً لمردوده العالي الا انّ العنصر الحاسم الذي ألزم العدو «الإسرائيلي» للسير به هو قوة الردع اللبناني التي كشفت إحدى أوراقها مُسيّرات المقاومة فوق كاريش موجهة الرسالة الى ما بعد ما بعد كاريش مفادها ما أرساه الأمين العام لحزب الله من معادلة جديدة هي درة تاج أربعينية المقاومة ـ الاستخراج مقابل الاستخراج ـ لتنضمّ ثلاثية الردع والحماية والاستخراج الى ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة في عملية استخراج النفط والغاز الذي سيجعل لبنان بلداً غنياً قادراً على النهوض والبناء وتحسين وضعه النقدي والاقتصادي.
المقاومة التي رسمت معادلات القوة والردع والحماية إنما تخط وترسم المسار بثبات واقتدار نحو آخر الخط الذي يمر عبر بحر غزة وصولاً الى القدس الشريف بكنيستها وأقصاها.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى