أخيرة

كبرياء أمتي…

صبحي سماحة

حين تتكلّم عن الأمة السورية، أو تقرأ عنها، اجعل بين اسمها والكلمة التي تليها فاصلاً لفظيّاً ولوكان بسيطاً…
أتعلم لما؟ سأسرد لك إجابتي، متفانياً، متناغماً مع كلّ ألحان وجداني الذي أعيشه في حضرة أمتي. لذا أدعوك أن تعيش معي هذا الجنون في الحبّ.
هذه الأمة الخصبة، التي تحمل تحت جناحي نسرها سبعة كيانات، وطئت أرضها كلّ أجناس البشر وأعراقها، منها الصالح ومنها الطّالح، استوعبت على مرّ القرون منذ آدم حتّى اليوم، العديد من البشر، حتّى لفظت من آذاها، وآوت من خاواها.
وإخاء الأرض في حديثنا هنا تتشعّب منه كلّ معاني المقاومة والصمود والتطوّر ثقافيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً تحت عناوينها العريضة.
هذا التراب استطاع أن يمضغ الكثير من الشعوب بين حبّات ثراه، حتّى أتاه أخيراً بنو صهيون، الذين ليسوا سوى شياطين على هيئة بشر.
هذه الأرض تعلم. نعم، هي ليست مجرّد قطعة يابسة خصبة، تنبت فيها شجرة تين أو زيتون، بل هي آلهة متواضعة، تعلم من يطأها إنْ كان مدنّساً أو مطهّراً. تشعر بنواياه وتتمخّض، إما أن تلد له ليوثاً على أشكال بشر تلفظ بهم هذا المعتدي، وإما أن تغمره بخيراتها ونعمها فتزهر له كلّ ما لذّ وطاب (واللذّة لا تقتصر على ما نتناوله من ثمار، إنما المقصد بما نتنعّم به من رخاء وازدهار على كافة الأصعدة).
والواضح أنّ في عصرنا هذا، قد انتهى تمخّض أمّتنا منذ آلاف السنين وراحت تفرز لبني صهيون الليوث الجائعة. ومن راهن عليها بات الآن رهانه خاسراً، فكلّما ازداد بطش بني صهيون وعنادهم، عاجلتهم الأرض بثلّة من المقاومين الأشدّاء، كأنما تريد إيصال رسالة واضحة بأن لا مفرّ للباغض والمعتدي من أبناء الحياة. فالحياة خلقت لهم وهم إذا ما خلدوا، ظلّت أرواحهم كالطيور الأبابيل تحوم فوق المسجد الأقصى والشام وبيروت وبغداد…
لذا يا صديقي، حين تلفظ اسم وطني، اترك له المساحة الكافية من الصمت الذي يرضي كبرياءه ويمنحه الطمأنينة بأننا كأبناء الحياة، وُجِدنا لتحيا سورية، وكما للبشر، للأرض أيضاً، كبرياء أكبر وأشدّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى