أولى

الترسيم البحري وتكذيب الغطاسين

‭}‬ حمزة البشتاوي*
رغم التأثير الفادح للنكبة على علاقة الفلسطينيين ببحرهم بعد إبعادهم قسراً عنه وعن برّهم عام 1948 فإنهم ما زالوا قابضين على جمر الحكاية وخاصة في جزء كبير من الساحل في مدينة عكا وبلدة جسر الزرقاء وقطاع غزة، والساحل الفلسطيني اليوم ليس خطاً أزرق نراه على الخارطة أو خطاً متصلاً باليابسة، بل هو جزء أصيل من الوطن تمّ التأكيد عليه ما قبل وما بعد المحادثات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة.
ومن المعروف انّ لبنان فرض في هذه المفاوضات غير المباشرة موقفه وشروطه استناداً إلى قوة المقاومة وتهديداتها الجدية التي دفعت بالإدارة الأميركية للتحرك لاعتبارات عدة ومنها أزمة الطاقة العالمية بعد العملية العسكرية لروسيا في أوكرانيا وبالأساس تهدئة مخاوف الإسرائيليين من الحرب.
وقد تابع الفلسطينيون هذا الاتفاق كأولوية في ظلّ الأولويات والتحديات الكبيرة والخطيرة التي يواجهونها مع السؤال التالي: هل سيتمّ ترسيم حدودنا البحرية الفلسطينية وفقاً لحدود العام 1967 أم وفقاً لحقوقنا بفلسطين المحتلة منذ العام 1948 وكيف سنتعاطى نحن الفلسطينيين مع ثرواتنا البحرية خاصة في غزة والمياه الإقليمية مع التأكيد على أهمية النموذج اللبناني الذي أنجز اتفاقاً وأودعه لدى الأمم المتحدة دون أن يغيّر ذلك حقيقة أنّ الساحل الفلسطيني كان ولا يزال طوله 149 كيلومتراً وكذلك الساحل اللبناني الذي يبلغ طوله 169 كيلومتراً.
وفي سياق الحديث عن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان حاولت مصانع الإعلام الاسرائيلية تشويه ما حصل عبر نشر الأكاذيب، ولكن المياه اللبنانية والفلسطينية سوف تُكذب هؤلاء الغطاسين مع ملاحظة النقاط التالية لأهمية ما حصل:
1 ـ كسر وانتهاء مقولة «حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل».
2 ـ إثبات جدوى وفعالية وأهمية وجود سلاح المقاومة الذي حقق الإنجاز في لبنان ويربك الاحتلال في الضفة وغزة ومناطق الـ 48.
3 ـ انكفاء وتراجع «الإسرائيليين» نحو ما بات يُعرف بإسم دولة الوسط في تل أبيب وجزء من حيفا وعسقلان خوفاً من الأسود الفلسطينية.
4 ـ ارتفاع عمليات بيع المنازل من قبل يهود إلى الفلسطينيين في منطقة الجليل.
5 ـ قيام الحكومة «الإسرائيلية» وأجهزتها الأمنية بشن حملة إعلامية لإقناع «الإسرائيليين» بأنّ ما جرى ليس هزيمة كاملة بل تنازل ضروري لتجنّب حرب كلفتها عالية ومدمّرة.
6 ـ تثبيت المقاومة لمبدأ عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال وكيانه وعدم اللقاء أو التوقيع معه واعتبار ما جرى اتفاقاً على نقاط محدّدة برعاية الأمم المتحدة وليس اتفاقية او معاهدة.
7 ـ التأكيد على أهمية الوحدة والتضامن الشعبي في صناعة النصر رغم تشويش المطبّعين والمهزومين.
إنّ هذه النقاط المستندة الى البطولات الملحمية للشعب الفلسطيني وقوة المقاومة تؤكد على أهمية ما أنجزه لبنان ومقاومته، كما تؤكد المؤكد هو أنّ فلسطين ستبقى ثابتة لا تتزحزح من مكانها حتى ولو صدّق «الإسرائيليون» كذبتهم.

*كاتب وإعلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى